سورية هي أصل العالم ويحق لنا كشعب أن نفخر بهذا، بل وننادي به ليكون أساس تعاملنا مع الآخرين..
هناك فرق كبير بين أن تكون عربيا في الأصل والهوية، وبين أن تكون منتسبا لمنظمات عربية أو غير عربية، فالشق الأول وهو العروبة ليست شيئا مكتسبا إنما هي أساس وجودنا، بل إن عروبة السوريين هي أصل العرب الحاليين والسابقين وخاصة من حيث الانتشار والاستقرار، أما الانتساب لمنظمات عربية كالجامعة العربية مثلا أو المنظمات التابعة لها فهو عمل سياسي ليس له ارتباط بمعاني العروبة أو جذورها..
فأن تكون عربيا لا يعني أن تكون منتسبا أو غير منتسب للجامعة العربية أو الهيئات التابعة لها، ويخطئ كثيرا من يعتقد أن هناك رابطاً بين النظام السياسي المنتسب للجامعة العربية وبين جذور سورية العربية، فسورية وتاريخها ومستقبلها ليست النظام السياسي الحالي ولا السابق ولا اللاحق..
ولكن هنا نتساءل: ألم تحدث أخطاء عند الخلط بين العروبة والسياسة؟
العلاقات السياسية مع الأشقاء كانت تسمح للمواطنين بدخول الأراضي السورية دون تأشيرة دخول، فيما البعض كان يعاملنا عكس ذلك، بل وبتعقيدات كثيرة في معظم الأحيان، وكان الأحرى تطبيق مبدأ التعامل بالمثل فهذا أمر سياسي لا علاقة له بالعروبة..
واقتصاديا أيضا صدرت الكثير من القرارات خلال العقود الأخيرة التي تفتح أبواب سورية للمستثمرين العرب خاصة، ومنحهم مزايا وتفضيلات لم يحصل عليها المستثمر السوري نفسه، وهذا أيضا عمل له ارتباط بالسياسة، لأننا تعودنا أن تسيطر السياسة على الاقتصاد وغيره، ولا أعتقد أن تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل كان سيؤثر على عروبتنا أو سيغير من مبادئنا..
وحتى عندما تم تطبيق منطقة التجارة العربية الحرة، كانت الخسائر على الصناعيين والاقتصاد السوري أكثر من الفوائد المنتظرة نتيجة تطبيق هذه الاتفاقية، فبعض الدول العربية أصبحت تمرر الكثير من السلع والمواد المصنعة غير العربية إلى سورية على أنها تصنيع عربي، فتضيع الرسوم الجمركية على خزينتنا ويخسر اقتصادنا، وأيضا عراقيل وصعوبات عدة وضعت أمام صادراتنا الصناعية من خلال منع إدخالها بحجة الإغراق، أو وضع رسوم أخرى إدارية أو غيرها لا تخالف بنود المنطقة العربية..
كل هذا وبقي اقتصادنا ( السياسي ) يصر على عدم اتخاذ إجراءات مماثلة مع الدول التي تطبق هذه الإجراءات، خوفا على اهتزاز فكرة العروبة..
الآن آن الأوان لإعادة النظر بما كنا نمارسه سابقا لنعرف أين أخطأنا وأين أصبنا، ويفترض أن المستقبل سيشهد فصلا بين السياسة والاقتصاد والتعاون المشترك في كافة المجالات، إذ لا يعني الدعم السياسي في قضية ما، أن يكون مقابله هدايا اقتصادية وغيرها كثيرة، فالميزان الاقتصادي يرتبط بالمواطن وعيشه وماله ومستقبله، أما الميزان السياسي فيرتبط بقضية مصالح وعلاقات ومبادئ عند تلك الدول الداعمة..
فلنحرص على التوازن والتعامل بالمثل لتحقيق مصالحنا والمحافظة على خيراتنا، وهذا لن يضر بعروبتنا ولا بجذورنا..
w.moneer@hotmail.com