ومثل هذا الكلام ليس مصدره الرجم بالغيب أو التنبؤات مادام العرافون مستمرين بتنبؤاتهم هذه الأيام، بل هو حقيقة أكدها الإخوان المسلمون في مصر حين وعدوا الكيان الاسرائيلي باحترام معاهدة «كامب ديفيد» مع أنهم لم يتسلموا السلطة بعد ولم يتسلموا حتى نتائج الانتخابات النهائية.
المفارقة المضحكة المبكية ان التيار الإخواني في مصر كان على امتداد العقود الماضية يهاجم السلطة الحاكمة هناك من هذا الباب، واليوم نراه يعد باحترام ماكان يرفضه تماماً، مع انه طالب في بداية الأحداث بمراجعة العلاقة مع إسرائيل ولكن دون الذهاب الى حد المطالبة بإلغاء معاهدة كامب ديفيد للسلام المزعوم مع اسرائيل، وهو الأمر الذي اكدته فكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأميركية حين أشارت الى حصول بلادها على الضمانات المطلوبة في هذا الاتجاه وعبرت عن رضا إدارتها لـ «الاحترام» الذي بدأه التيار المذكور.
لكن السؤال الذي يلقي بظلاله على هذا الأمر المستجد هو: ألا يفترض بمن نجحوا بالانتخابات في مصر- وحتى في غير مصر- أن يكونوا الصوت الأمين لتطلعات شعوبهم أم ان التعبير عن الشعوب يكون قبل وأثناء فرز الأصوات فقط؟!
ألم يخرج المصريون بعشرات الآلاف مطالبين بقطع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي ويحاصروا السفارة الإسرائيلية في القاهرة ويلقوا بأوراقها من النوافذ ويفر على الأثر سفير الكيان العنصري وبعثته إلى المطار؟! ألم يطالبوا بإنهاء التطبيع مع من يستبيح السيادة والأرض المصرية؟!
بالتأكيد هم فعلوا كذلك ويفترض بمن ينجح بالانتخابات أن يعبر عن ضميرهم لا أن ينتظر شهادات حسن سلوك من نولاند وغيرها التي تريد القول «إنهم لم يعودوا إرهابيين اليوم»!!