ولم تأت لتزيل خطرأسلحة دمار شامل ادعت وجودها هناك من قبل , ولا لتحارب القاعدة وغيرها ممن اعتبرتهم سبباً في حرب طويلة مريرة أعلنتها على نصف العالم على الأقل , بل لتقيم لها قواعد دائمة من السطوة والهيمنة ومراكز الانطلاق نحو المنطقة العربية كلها .
ولم تأت أميركا إلى لبنان لتنقله إلى السيادة والاستقلال, ولا لتحميه من انتهاكات اسرائيل له , ولم ترتكب ماارتكبته من سيناريوهات فيه تراوحت بين المؤامرات المخابراتية والاغتيالات السياسية والعدوان المباشر المدمر بيد حليفتها اسرائيل ومحاولات التفتيت والفتنة, فتذر رمادها في عين العالم , تريه ماتريد وتعميه عما هو حقيقي من أهدافها , بل لتقيم فيه قواعد أخرى دائمة تكمل قواعدها في العراق , لتطويق المنطقة وتحويلها إلى حديقة خلفية كما حدائقها التي اعتادت إقامتها منذ أبحرت أولى حاملات طائراتها في أعالي البحار .
اليوم تتزايد إشاعة النكات الأميركية السمجة , كلما اقتربت إدارة الرئيس بوش من خواتيمها , نكات من مثل التقرير المخابراتي الذي استبعد عسكرة النووي الايراني في الأمد المنظور , أو اللوم الذي وجهه جون بولتون لإدارته على مااتبعته من سياسات وماحاكته من مؤامرات , أو النصائح التي تزجيها الواشنطن بوست بضرورات الانسحاب من العراق أو جدولة هذا الانسحاب , بينما المقلب الاميركي الآخر يشهد تشدداً متجدداً من طاقم الإدارة باتجاه تمرير مفاهيم ومفردات البقاء الأميركي المحدود , ولكن الدائم , سواء في العراق أم في لبنان وحتى في افغانستان, وتحويل الاحتلالات العسكرية إلى احتلالات سياسية غير معلنة أو ظاهرة !
هي إذاً نهاية مرحلة وتمهيد لمرحلة جديدة يستكمل فيها السياسي الأميركي ما أنجزه العسكري أو يعوض عجزه , وهي في الوقت ذاته عملية استبدال بطيئة لقناع قبيح بقناع جديد تتكاثر على صفحته المساحيق والألوان ليكون جاهزاً عند أول حفلات التنكر الأميركية القادمة !!