تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جبران .. في الذاكرة !!

منوعات
الأحد 23 تشرين الثاني 2008 م
خالد الأشهب

كما السنديان وإن ذوت فروعه والأغصان .. يرسل في الأرض جذورا تتحفز للتجدد والحياة, وكما الأفكار وإن احترقت أوراقها وزال مدادها وتكسرت أقلامها تظل تسافر عبر الأذهان والعقول .. كذلك المجتهدون في بيادر الفكر والإبداع وإن ذرتهم الريح ولوحهم هجير الظهيرة .. يرسلون في التراب عميقا حباتهم ... ويسبتون عند قارعة المطر !

ثمانية وعشرون عاما مرت منذ أن دس أحدهم كلمتين همسا في أذني .. إنه جبران كورية مدير التحرير ?? .. كنت أتابع الرجل مذهولا في ساعة متأخرة من ليل الزميلة تشرين وأنا الصحفي المبتدىء, أتراه .. كيف هدم بناء من ثلاث صفحات تقرر استبدالها واستعاض عنها بثلاث أخر أعدها على عجل .. أوعز ببعض موادها لمن توفر من الزملاء ساهرا أو زائرا , فيما كتب بنفسه بعضا منها ولم يبق سوى القليل القليل لتهدر آلة الطبع .. أخذتني البداهة يومها, وسحرني الإتقان وسرعة الأداء .. وفوق هذا وذاك, تلك الروح المرحة .. تضفي على المكان حضورا يحلحل ما انعقد وتعقد, ويبسط كفيه عطاء دون مقابل, ويهدم الجدران والحواجز .. فهذه مهنة العطاء دون انتظار الأجر .‏

مشهد من آلاف, انطبع في الذاكرة كما النقش على الحجر .. هكذا يكون المتقدمون في الصفوف .. وهكذا تورق حبات العرق .. والظلمة الطارئة تستحيل ألقا, بل هكذا يكون الأساتذة والأوائل في الرعيل .. سحائب لا تتوقف عن الهطل وجذور ضاربة في العمق لا تمل القرع في نواقيس الذاكرة !‏

على الدروب ذاتها رحل جبران كورية, بمرض أو بغيره, لكن .. ليس دون ذكرى وذاكرة, وليس دون حقول وبيادر, رحل وقد أرسل راحتيه عميقا في تربة صحافتنا تلميذا وأستاذا ,تنشق عطرها .. من أبخرة الرصاص المذاب في مطابعها, الى تقنيات الضوء والصورة, كتب وصف حروفها حرفا بعد حرف, ورتل مقامات الفرح والحزن فيها ترتيلا, رحل ليقول لنا, نحن زملاء الدرب في عشق الكلمة وقصة الحب بين الحروف .. أن ساعي البريد سيظل يتردد في المكاتب والردهات وبين آلات الطبع وعجلات التوزيع, ينقل رسائل الموقف والكلمة والرأي, ويعود بصدى الخوالي من أيام ذاكرة لا تمل استحضار العبر والدروس ?‏

هي سنة الكون ولامناص , هي حكمة التجدد والبعث ولا فكاك, وهي الكلمة تستعيد الحياة كلما انتعشت الذاكرة .. والذاكرة لا تحتضر, لكن العزاء, كل العزاء لعائلته وأصدقائه وزملائه على السواء .. أن لا قيمة للأجساد فيما الأرواح تذرع الذاكرة وتدق نواقيسها, ولا بقاء للأشياء في حضرة القيمة والأثر, ولا خلاص من الموت سوى بتفريع الحياة .. وداعا جبران كورية ??‏

تعليقات الزوار

اجين ابراهيم |  loujain20-@hotmail.com | 25/11/2008 18:54

رحل الكبير كاتم اسرار الكبار رحل ابو جابر سيد المنابر رحل الصحفي المخضرم والسياسي المحنك صاحب الحضور المميز رحل ابو جابر ولكن الكبار الكبار لاترحل بل تبقى بتاريخها واعمالها كم قالو ان محموددرويش ومصطفى العقاد قد رحلو ولكنهم ظلوا بيننا ....

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2200
القراءات: 2101
القراءات: 2523
القراءات: 2479
القراءات: 2255
القراءات: 2622
القراءات: 2567
القراءات: 2504
القراءات: 2273
القراءات: 2596
القراءات: 2808
القراءات: 2700
القراءات: 2402
القراءات: 2861
القراءات: 2929
القراءات: 3011
القراءات: 2793
القراءات: 3170
القراءات: 3121
القراءات: 3226
القراءات: 2623
القراءات: 3093
القراءات: 3578
القراءات: 3341
القراءات: 3398

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية