نحتفل وفي قلوبنا تترقرق الأحلام كسلسبيل ينساب من غدير رقراق لكنك إن أقبلت على دمشق من الشرق أو أشرفت عليها من قمة قاسيون تراها مغمورة بدكنة الضباب.وإن توغلت فيها بدت لك شوارعها الرئيسة والفرعية كيوم يحشرون تغلي فيها السيارات كخلاطة كهربائية تتقلب فيها حبات العدس بسائل هلامي,وداهم أنفك زخم من السخام يعشش في رئتيك ويقبض على أنفاسك, وداهم عينيك القتام يطلي شرفات الأبنية الأنيقة وجدرانها وقد كانت بيضاء كقلوب العذارى.
ليس عسيرا أن نعرف الأسباب لكن العسير أن نقضي عليها لا لعلة فيها بل لأننا مولعون بإصدار القوانين والأنظمة وتكديسها كما يكدس المترفون الكتب في خزائنهم يتباهون باقتنائها ولا يخطر لأي منهم أن يفتح كتابا أو يقرأ حرفا.
إنني أقدم اقتراحا بيد أنه يجب أن يتساوق مع تنشيط وسائل النقل العام في خطة شاملة وقد استقيته مما يطبق في بعض المدن الكبرى في أوروبا مثل لندن:تقسم المدينة إلى ثلاث دوائر:الدائرة الأولى تشمل الضواحي والأطراف أي بداية الزحام,والدائرة الثانية تشمل المنطقة المحيطة بوسط المدينة منطقة المعابر والاختناقات المرورية, والدائرة الثالثة تشمل مركز المدنية أي ما يسمى(DOWN-TOWN ) وهي ذروة الازدحام.يفرض مبلغ محدد على كل سيارة تدخل الدائرة الأولى,ومبلغ أعلى على دخول الدائرة الثانية, ويرتفع المبلغ عند دخول الدائرة الثالثة,وقد أثبتت هذه الإجراءات نجاعتها في (بلادهم)وأدت إلى الحد من التلوث والازدحام.
وعندنا?من ذا الذي يضمن ألا يتسرب من هذه الدوائر كما يتسرب من سواها في جميع مجالات الرقابة أصحاب الأموال والمسؤوليات كأتباع النبي الكذاب طليحة بن خويلد الأسدي الذي أعفاهم من دفع(الزكاة) وسهل عليهم الصلاة فقال لهم (صلوا وأنتم واقفون,ما يصنع الله بتعفير وجوهكم بالتراب?).
أما التلوث الذي تتحفنا به جيوش الغزاة يصبون حممهم على الدول المحيطة بنا في العراق وفلسطين ولبنان ويحملها إلينا الهواء فإنهم السرطان الذي لا تجوز الحياة إلا باستئصاله, وأما فتحة(الأوزون) التي هرأتها الدول الصناعية الكبرى ورفضت التوقيع على اتفاقيات (الحد من التلوث) كأمريكا المستعدة أن تضحي بالإنسان ولا تضحي بدولار واحد من مليارات الدولارات التي تنفقها على حروبها الظالمة...فلا منقذ منها إلا أن تقوم القيامة.ولئن قال نابليون ذات يوم (ومن بعدي فليكن الطوفان) فإن أحفاده هؤلاء أبناء الحضارة الواحدة يطلقون الطوفان أمام عيونهم ويتلذذون بعذابات البشر.