ذلك أن اليابان أكثر الدول المتطورة استعمالاً للرجل الآلي للتعويض عن نقص العمالة, ورفض مبدأ استقدام العمالة الوافدة من الخارج, لكن رغم تباين هذه التفسيرات تظل الحقيقة هي أن الاقتصاد الياباني يعيش حالة الركود منذ 18 سنة وهي أطول فترة ركود في اقتصاد اعتبر في عقد الثمانينات بأنه الاقتصاد الأكثر تطوراً في العالم, حيث كانت اليابان ثاني الدول في العالم من حيث مستوى الدخل الفردي المرتفع, ومن حيث إجمال الناتج الوطني.
تعود موجة الركود الطويلة التي بدأت مع مطلع عقد التسعينات إلى انفجار ما يعرف ابفقاعة الأصولب وهذه الظاهرة نجمت عن الديون الكبيرة المشكوك في إمكان تحصيلها التي طالت البنوك الكبرى, وبعض الشركات الفاعلة, وجرت محاولات في حقبة رئيس الوزراءاجونيشيرو كويزومي الذي اعتمد إصلاحات متطرفة لمعالجة هذه الظاهرة, ولكنه لم يحقق أي نتائج فعالة, وبعد رهانات كانت أقرب إلى الدعاية السياسية ومنها الرهان على أداء فعال للاقتصاد طيلة عهد كويزومي حليف إدارة بوش, إلا أن الاقتصاد الياباني راوح مكانه, وجاء بعد كويزومي رئيس وزراء أكثر حماساً لإصلاحات السوق, ولكن إصلاحاته باءت بالفشل وأدت إلى الإطاحة به سريعاً, حيث عاد إلى الحكومة رئيس جديد لا يسير على خطا الإصلاحيين الذين سبقوه, والآن يعاني الاقتصاد الياباني من أداء سياسي ضعيف, فقد أشارت تقارير اقتصادية نشرت مقتطفات منها مجلة االايكونومستب إلى عودة المصطلح الذي ساد في مطلع التسعينات الذي يحمل عبارة (موت اليابان) هذه العبارة التي تشير إلى تراجع الدور الريادي لليابان على صعيد الاقتصاد, وتؤكد التقارير أن البورصة انخفضت بشكل كبير اعتباراً من الصيف الماضي, وهي كانت مضطربة في معظم عام 2007 وحسب مؤشر نيكاي 225 للأسهم, نجد أنها أدنى بنسبة 27% عن مستواها المرتفع في تموز من عام ,2006 وقد عادت أسعار الأسهم الآن إلى المستوى الذي كانت عليه في أيلول عام 2005 ولم تبلغ حتى
نصف ما بلغته قبل 20 عاماً, وتشير التقارير أيضاً إلى أن المستثمرين الأجانب سحبوا مبالغ كبيرة من البورصة اليابانية, وأكد اقتصاديون في مؤسسة (غولدمان شاس) أن الاقتصاد الياباني دخل بالفعل في الركود من جديد في أواخر كانون الثاني, بعد نمو مرتفع نسبياً لمدة 4 سنوات بلغ حوالي 2%.
لكن رغم الركود الطويل الذي يعاني منه الاقتصاد الياباني, ورغم أن معدلات النمو في الولايات المتحدة كانت أعلى بكثير من اليابان في عقد التسعينات, إلا أنه لا يمكن القول إن في اليابان مؤشرات على وجود أزمة, فالمؤشرات الكلية هي أفضل من الولايات المتحدة, إذ لا تعاني اليابان من المديونية كما هو حال الولايات المتحدة, كما لا تعاني من عجز في الميزان التجاري, ولا يزال متوسط دخل الفرد في اليابان هو الأعلى بالمقارنة مع الدول المتقدمة, كما أنه لا وجود للبطالة في هذا البلد الذي يعاني من نقص العمالة, ولهذا تعتبر أزمة الركود أزمة تحت السيطرة, ويمكن التعايش معها ولا تحمل أي تهديد على عكس الحال في الولايات المتحدة, إذ يحذر الخبراء من أن الاختلالات الكثيرة والكبيرة تنذر بحدوث انهيار شامل, ولا يستبعدون حصول أزمة شبيهة بأزمة نهاية العشرينات من القرن الماضي, وقد تكون لها تداعيات على الاقتصاد الأمريكي الذي لا يزال أكبر اقتصاد في العالم.