وبغض النظر عن التعديلات الاميركية والتبريرات التي تم سوقها من بعض الاطراف العراقية والاميركية لإقرار هذه الاتفاقية فإن ذلك لايغير من واقع مخالفتها للقانون الدولي الذي لايعترف بأي اتفاقية مهما كان نوعها بين المحتل والسلطات التي تتعامل معه في المنطقة المحتلة .
المتابع لطريقة إدارة بوش في التعامل مع مجلس الأمن والأزمة العراقية يلاحظ أنها تطلب في البداية السقف الأعلى لتحصل بالنهاية على الغاية التي تريدها, وهذا ما لمسناه في القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن منذ بدء الأزمة وحتى الآن والتي كان من أبرز نتائجها احتلال العراق وتدميره وتعريض وحدته لمخاطر كبيرة وخطيرة على الأمن والاستقرار الاقليمي.
وهذا الخبث الأميركي نراه الآن في الاتفاقية الأمنية حيث رفعت إدارة بوش سقف مطالبها وانهكت الجانب العراقي في المفاوضات والتهديدات, ومن ثم قبلت بإجراء بعض التعديلات كي تظهر استجابتها للهواجس العراقية من الاتفاقية للرأي العام علماً أن المتابعين يؤكدون بأن الطلبات الجوهرية والتي تمس حصانة الجنود الاميركيين رفضت إدارة بوش إجراء أي تعديل عليها بحجة الخوف من انسحاب ذلك على وضع الجنود الاميركيين في باقي أنحاء العالم.
ان استعجال إدارة بوش توقيع الاتفاقية الأمنية ليس مرده استباق انتهاء التفويض الدولي لها كما تدعي لأنها لاتقيم أي وزن للأمم المتحدة وإنما لتحقيق هدفين: الأول إلزام الادارة الاميركية المقبلة بهذه الاتفاقية, والثاني اعطاء صبغة شرعية لاحتلالها للعراق تجنبا للملاحقات القانونية التي من الممكن ان تطال كبار المسؤولين في إدارة بوش.
وفي ضوء الرفض العراقي المتزايد لهذه الاتفاقية والثقة المعدومة بإدارة بوش وتعهداتها كان من الأفضل عدم الاستعجال في إقرارها مهما كانت الضغوط والتهديدات الاميركية.
ولكن مع إقرار الحكومة العراقية لهذه الاتفاقية نكون أمام مرحلة جديدة وتكون هذه الاتفاقية قطعت نصف الشوط بانتظار إقرارها من البرلمان العراقي.. ووفقا للمعطيات العراقية لجهة الرفض الواسع لها وكذلك التصريحات الصادرة عن الرئيس الاميركي المنتخب يفترض انتظار مجيء إدارة اميركية جديدة والبحث من جديد في هذه المسألة بغية تجنيب العراق مزيدا من الانقسام والخلاف.