تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


زيتك وزيتونها

معاً على الطريق
الأثنين 17/11/2008
خالد الأشهب

هكذا , أنت وأنا , حكاية ألف سنة وسنة , زيتونة مغروسة في تراب , أو سنونوة تحلق في سماء , مثل كل الدروب توصل الى أعالي التبانة ,

مثل كل الأغاني تستحم بالرحيق قبل انتشار العبق , كنت عند أول الزمان , وستظلين الى انقضاء الدهر .. وطناً وقبلة وخشبة خلاص !‏‏

هكذا يلتمع الانتماء , على قارعة أو بين أكمات الحجر , رغم انزياح التعريفات والمعاني , ورغم عولمة الأشياء والبشر , امرأة كنت أو وطن, فغيثك ينشج في نسوغي , يهتف لحياة تولد على الأثر .. لتعاقب الفصول بعد كل رشقة مطر , ويصفق للربيع , لطين الحقول , لكل حبة ثمر , وشمسك تحصي الحب في بيدري وتبسمل .. تذروه لريح لا تهاجر خلف الشجر , تنقيه لمساءات عطشى , ليصير خبزا ورؤى وألوانا .‏‏

آه , كم أحبك .. وأحبها , وكم أتوق إليك .. وإليها , طفولة وصبا وكهولة , ترابا وعيونا وبيادر , فكلاكما يطرح زيتا وزيتونا مصفى , أنت من ترابك وهامات جبالك والوديان , وهي من عينيها .. من رقة الهدب المدلى غافيا , كلاكما يورق ياسمينا ويضوع عطرا , أنت من ترابك الرطب .. من حواريك القديمة , وهي من مفترق جبينها العالي .. من وجنتيها القمر , كلاكما يغل حبا وحبا , أنت من حقولك وصباحات سفوحك المشرقة .. وهي من بيادر راحتيها .. من كروم ترامت في فضاءات عينيها .‏‏

كم أحبك .. وأحبها , وطن التين والزيتون .. وحورية النبيذ والكروم , عشياتك الدمشقية المقيمة أبدا , وشعرها المسافر ضوءا في الدروب .. تقولان كل شيء عن كل شيء .. تحفظان قصص الحصاد وبيادر القمح ولون الشمس .. وتتلوان تراتيل الولادة الأولى والربيع الأول .. ثم تصعدان الى السماء .. الى درب التبانة حيث لاتغطس شمس في بحر ولا يأفل قمر خلف جبل . وطن الحروف الأولى وأول أبجديات القراءة والقرى المنسية عبر الدهور , وامرأة التوق والحنين المستعاد .. والنخيل السحر يغفو في العيون , شجرة المجد والعسل .. لكما ألق السنين ومفارق الشيب وسحائب المطر .. ولي التوهج والبعث كل مرة من جديد .‏‏

كم أتوق لك .. ولها , سحابة اليوم والساعة .. ورنين الثواني على الأثر , كم أتشهى العشق والتأمل في محرابك , والطرف الميمم صوب الذؤابات في شعرها .. وشفيف العناقيد في نحرها . مجدك مثل جمالها .. في كبد الظهيرة قمر يرى , وفي ظلمة الدهر أمل يرتجى , فماذا لو أتيتك أو غدوت لعندها .. أنت الحياة الطهر ولا طهر في الحياة من بعدها ?‏‏

قدر الدروب يقودني .. قصدا إليك , وعارضا أمشي لها , سوريتي انتماء آسر وأنا في العشق مأسور لها , يا أنتما .. يا إرث الكتاب والحبر المداد وقصائد الشعر المقفى , يا غابة البيلسان وشمة الزعفران وضوء الأرجوان .. أحبكما .. أعشقكما كما أنتما .. قلما وأوراقا وسيفا , وجنة وخصلة شعر وقطفة زيتون , أحبك وأحبها , سورية .. وأنت !!‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد الأشهب
خالد الأشهب

القراءات: 2178
القراءات: 2084
القراءات: 2505
القراءات: 2455
القراءات: 2236
القراءات: 2602
القراءات: 2551
القراءات: 2484
القراءات: 2254
القراءات: 2574
القراءات: 2788
القراءات: 2685
القراءات: 2379
القراءات: 2838
القراءات: 2901
القراءات: 2991
القراءات: 2774
القراءات: 3149
القراءات: 3101
القراءات: 3204
القراءات: 2606
القراءات: 3074
القراءات: 3561
القراءات: 3318
القراءات: 3380

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية