| هـــل نـــام النواطيــر؟! الافتتاحية من المتغيرات التي لم يُفرد لها متسع من القول والعرض، وهي في الحقيقة لا تشكل انقلاباً بالكامل.. ولكن.. لها أهمية كبرى، ولا سيما إن استطاعت أن تحقق بعض التراكم.. أنك تسمع اليوم خطاباً عربياً «معتدلاً» ليس اشتقاقاً من الاعتدال بل استناداً إلى التوصيف الأميركي لأصدقائهم في المنطقة، يكاد يخرج عن إسرافه في «الاعتدال» ليرفع الوتيرة بشكل ما في وجه «إسرائيل». خطابات سياسية عربية متعددة عرفتها فترة الأسبوع الماضي، معظمها تجرأ فاتهم «إسرائيل» جهاراً، و.. كفى..؟! ماذا يعني ذلك...؟! هل هناك تبدل في خُلُق «الاعتدال» العربي... بعد أن رفض العالم كله العدوان الإسرائيلي المجرم على غزة؟!. قد لا يكون تبدلاً جذرياً.. وإلا لما وقفت الأمور عند بوادر تحسن ورفع وتيرة في الخطاب.. ربما كانت الحماسة أخذتهم أبعد.. باتجاه مقاطعة العدو مثلاً؟! مقاطعة تامة شاملة.. هل فكروا بذلك..؟ لا أظن.. حتى إنهم لم يتنازلوا عن اعتبار مثل هذه المطالبة بهذه المقاطعة ضرباً من السذاجة.. ما الذي حصل إذاً؟! لم يتغير شيء إلا الغشاوة على العيون..! غشاوة على عيون البعض جعلتهم يعتقدون أنهم يعيشون في عالم نام من فيه واستيقظت أميركا فقط.. وتأتي المقاومة لتريهم مالا تصدقه الأعين.. يوم في لبنان وآخر في غزة.. بل لتريهم ما هو أثقل على قلوبهم.. أن ذاك الشارع العربي وغير العربي ليس أبداً نائماً.. وحركته أذهلتهم.. بل ربما أصابتهم بالخوف.. على الأقل إلى درجة أن يرفعوا وتيرة الخطاب في وجه «إسرائيل» إلى حد ما.. هم لاذوا بأمجاد شعوبهم السابقة، دون اعتراف بفعلهم في قلب الاتجاه ربما 180 درجة.. كنتم.. نعم كنتم.. ونشعر بفخر الانتماء لما كنتموه.. أما اليوم.. فلا القناة تنتظر العابرين.. ولا سواتر الرمال تتحداها خراطيم تحملها السواعد العربية؟!. تلك السواعد هي مفخرتنا.. وليست أبداً السواعد التي تعمّر السواتر على معابر غزة.. ولستم أبداً الورثة. «هل نامت نواطير مصر عن ثعالبها»..؟!. بأي حال.. نحن نقدر خصوصية الظرف التاريخي.. ومستعدون للمضي مع أي متغير إيجابي يطرح جديداً في المصالحة والتضامن العربيين.. وفي محاربة «إسرائيل».. ونهجنا المقاومة.. لأنه ببساطة هو الذي أحدث ذاك المتغير الذي أتحدث عنه وأعظم منه بكثير. . ثوابتنا العربية.. أقول: ثوابتنا العربية.. ولا أقول السورية.. من الذي سمح بتجاوز الثوابت العربية؟! كيف ولدت الضرورة أن يعلن جيش عربي أن عدوه هو «إسرائيل»؟! ألم يكن ذاك أمراً مسلماً به في كل الجيوش العربية؟! جامعة الدول العربية وميثاقها ومؤتمراتها وكل الأدبيات السياسية الصادرة عنها.. هل تسمح بمجالسة العدو، والدم العربي لما يجف؟ لا أقول ذلك مجازاً.. اسألوا كل من قصد غزة: هل جف الدم العربي؟! هل يسمح الوجود السياسي والحقوقي والقومي لجامعة الدول العربية أن يجالس أمينها العام الرئيس الإسرائيلي ويستمع إلى بذاءاته وكذبه واستهتاره بخراب غزة ودماء أبنائها..؟! هل يسمح له أن يجالسه ويسمعه..؟! هذا سؤال يسبق السؤال فيما إذا كان وجب أن يخرج مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، دعماً لموقفه.؟! السؤال لجميع العرب الحاضرين: ما الذي أجلسكم مع بيريس ترهفون السمع إلى ترهات الكذب الملونة بالدم.. وأي تجاوز أقدمتم عليه.. كلكم دون استثناء لأي أحد منكم..؟! ولكل عربي كان هناك نقول: يوم دافوس كان يوم مذلتكم.. ما نعيشه لا أسميه صحوة.. نحن لم ننم.. لكنه كان يوماً لإعلان ما في ضمائرنا... فلا تحسبوها زوبعة وتنتهي.. ضمائرنا ستحرس الكثير مما ظننتموه بلا حرّاس. عائدون نحن إلى مربعّنا الأول من العدو.. طالما هو لم يغادره.. هل تقرؤون رأي الشارع الصهيوني حول خيارهم الانتخابي والذي يشير بوضوح أنهم يتجهون لاختيار الأكثر وعداً بشراهة للدم العربي. a-abboud@scs-net.org
|
|