أو التأمين على حوادث السيارات، أو النقل البحري، أو الشيخوخة، أو التأمين الصحي، وما إلى ذلك، أما تأمين الزيتون ومختلف المزروعات الأخرى، فإنّ أي أحدٍ لا يستطيع أن يدخلها إلى البيت التأميني لا ضد السرقة، ولا ضد الحريق، ولا الغريق، ولا أي فرعٍ أو صنفٍ من أصناف التأمين، لأنّ الشركات التأمينيّة تخشى أن تُفلسها المخاطر التي تُحيق بالزراعة، زاعمة أن المواسم الزراعية تبقى عرضة وإلى حدّ كبير للمزيد من الكوارث، والواقع هو أنّ الأمر ليس كذلك تماماً، ولا مبرر حقيقي لشركات التأمين أن تأخذ هذا الموقف، فالتخوّف مبالغ فيه، صحيح أن هناك مخاطر تصيب بعض المزروعات وتصل أحياناً إلى حدود الكوارث - حسب نغمة شركات التأمين دائماً - ولكن هذه الشركات تُغفل حجم الأقساط الهائل الذي يمكن أن تجنيه باعتماد مبدأ التأمين الزراعي في بلدٍ يعتمد اقتصاده الكلي بنسبة 23% على الزراعة، ولكن ربما يحتاج التأمين الزراعي بإجراءاته من شركات التأمين، إلى عملٍ ميداني غير قليل، ساهم بنفور هذه الشركات من خوض هذا الغمار، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على انخفاض مستوى وعيها التأميني، الذي كثيراً ما تتهمنا به، فالتأمين الزراعي فرصة كبيرة لشركات التأمين أصلاً، والمخاطر التي تتحدث عنها وتُبالغ بها، هي أصلاً من المحكّات التي تُقنعنا بأن شركات التأمين حريصة على أن تكون في مواجهة المخاطر فعلياً، ولا تسعى فقط تكديس الأرباح، وليكن ما يكون.. !
وكذلك من يحترق زيتونه عليه أن يقلع أشواكه بيديه لأن صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية على الإنتاج الزراعي، لا يُغطيه ولا يطاله، فهو يعترف بالكوارث الناجمة عن فعل الطبيعة، والحريق يُعتبر ناجماً عن فعل فاعل، وباعتبار الحريق ناجم عن فعل فاعل، فمن يُنكب باحتراق زيتونه عليه أن يكون سعيداً..! وأقصى ما يمكن أن يحصل عليه بعض الغراس الجديدة كإكرامية لهذه النكبة، ولكن وباعتبار أنّ زيتوناتي قد احترقت في العام الماضي فإنني أنصح الزراعة بأن لا تُغلّب نفسها بتلك الغراس، لأنّ الزيتون يبدو مقاوماً حتى للحريق، فعلى تلك الجذوع المحروقة نمت هذا العام براعم وأغصان غضة وكثيفة، ستكون بعد حين أفضل من تلك الغراس المُحتملة، ولذلك اذهبوا أنتم وغراسكم ( وبلا منيّتكم ) .
كان جميلاً ومكفكفاً لآثار الخسائر لو يتطلّع الصندوق لمثل هذه الحالات ويراعيها .. ولو قليلاً، فحريق المزروعات هو كارثة أيضاً، ولا يمكن إلا لمجنون أن يحرق مزروعاته، فما المشكلة بالتعويض..؟! يمكن التعويض ومتابعة البحث عن الفاعلين لإلزامهم بإعادة التعويض، لأن عدم التعويض ساهم أصلاً بإهمال التقصّي عنهم، لتكتفي الجهات المختصة بتسجيل هكذا حوادث ضد مجهول .