| بين الحكمة والحقد معاً على الطريق والثانية تتساوق مع الكبر والرجولة لكن من مقلب الحقد المصفى والكره المستطير, تحاول ضخ البغضاء في العيون الرامقة للأجساد الذاهبة إلى الأبدية, وفي العقول والحناجر الشابة تحقنها وباء الاحتراب وصفرة الجبانات العارية وتتمثل بمروان حمادة.. وهذا الفارق الفيصل بين الأب المفجوع والخال. لا شك أن حمادة تعرض لعملية اغتيال مخيفة ومرفوضة, نجا منها بأعجوبة, وهو لم يترك القضاء يفعل ما يتوجب عليه في اكتشاف الفعلة, بل أطلق النار على من رأى في لهيب انفجاره أنهم من فخخ له الآتي من حياته, واستمر بعد كل تفجير يتهم ويحرض ويشتم ويدعي حتى بات دياناً وقاضياً ومخبراً, وهو الذي منذ زمان بعيد استظل الخيمة السورية وكحت الإسفلت عن طريق الشام. بات حمادة العارف الخبير بأحوال الموت والناطق الرسمي باسم عزرائيل فما إن تنفجر عبوة في ربوع الأرز إلا ويخبرنا عن هوية واضعيها, ويخرج بالكلام المنمق لاهثا على هدوء الكلمات جمر الاتهام, هاجما ببسوس الوغى على الشام يريد تغيير بناها حتى لتحسب أنه اسمه هولاكو.. لا مروان تيمنا ببني أمية. في خلفية الصورة يقف وليد جنبلاط وجلاً, تصريحاته تشي بالتشتت فهو يبدل تصريحاته حسب تبدل تيارات الهواء في بلاد الفصول الأربعة, يقول إنه عض على جرحه طيلة ربع قرن ونيف, وها هو الآن مرتاح مع ضميره.. الذي لا نعلم طيلة السنين الماضية في أي ركن كان, ها هو متآلف مع نفسه الآن, لكن رغم هذا التآلف اللفظي يكمن الخوف من الآتي فيستعين بسيد المقاومة كي يحميه.. لكنني أطرح حلا آخر مع خالص محبتي للسيد نصر الله, وهو أن يسكن وليد بيك في دمشق, وكان له فيها بيت لسنين طويلة, لا لأن دمشق تريده, بل لأن بستان هشام يتسع للعروبيين, بدل أن يحلم بزبال في نيويورك, أو أن يرفع العلم الفرنسي في بلاد فخر الدين الذي وصل إلى تدمر, فعواصم التاريخ لا تتبدل, فكيف بدمشق شامة بلاد الشام, التي ما هانت على سلطان باشا الأطرش, وها هما النموذجان يعودان من جديد من يقاتل فرنسا ليستقل ومن يطالب بالانتداب من جديد.. فمن هو نموذجكم أيها الخارجون على الظلم?. لا تساس البلاد بالوجل ولا بالحقد, بل بوقفات العز, ولا تبنى العلاقات على زغل أو استبطان بل على رأس السطح, فمن غير الجائز أن يكون المرء تابعا مرة.. وقالب أنظمة مرة أخرى, وما عدا ذلك فهو من الشرير.. لقد حلت بلبنان مصيبة.. أو لنقل مصائب, الخروج منها يحتاج إلى منتهى العقل لا منتهى الخوف والتهور, ولقد قال مسكويه فيما مضى (المصيبة واحدة, فإن جزعت فهي اثنتان). في مجمل الأحوال نحتاج إلى حكمة غسان تويني.. مع الإصرار على كشف القتلة.. حتى لا يرتفع عدد المصائب. كاتب وصحفي لبناني
|
|