ولأنها كمؤسسة إعلامية جاءت تحمل قضية فإنها أيضاً امتلكت الكادر الذي يشبه هدفها ويحسن ترجمته في الأداء الإعلامي.
ولأنها كذلك نراها اليوم مستهدفة من قوى التطرف والإرهاب وأصحاب خطاب الفتنة والقتل وأعداء حرية التعبير التي هي أبسط تجليات مفهوم الحرية الذي استقر حقاً للأفراد والمؤسسات وغيرها من أشكال التمثيل الاجتماعي والسياسي.
قناة الميادين وُلدت والمنطقة العربية تعيش حالة استثنائية ومخاضاً جديداً يبشر بعصر لا يشبه ما كان سائداً فالغلبة للجماهير الواسعة التي وجدت في بعض وسائل الإعلام صورتها وصوتها وملاذها الآمن لتتأكد ولأول مرة حقيقة أن الإعلام هو السلطة الرابعة إن لم نقل الثانية لأنه في عهود الاستبداد تركزت السلطات الثلاث في سلطة أو قبضة واحدة ليكون الإعلام هو السلطة الفاعلة الثانية.
قناة الميادين انتزعت مكانتها وجمهورها الواسع وثقة مشاهديها لأنها امتلكت مشروعها الخاص ولم تستثمر في نقاط ضعف الإعلام الآخر كما فعل غيرها ليتعملق على حساب أخطائه ولأنها وُلدت وفي حسابات مطلقيها وإدارتها التحدي الشريف استطاعت أن تكون حاضرة في كل الميادين فالنجاح في جوهره أن تمتلك إرادة النجاح وتقرره وتحسمه أنت لا غيرك لأنه حقيقة قصة فردية.
نجاح قناة الميادين معياره هو ذلك الجمهور الواسع الذي امتلكته وانتزعت حيّزاً واسعاً منه من قبضة إعلام أقل ما يقال عنه أنه لم يعتمد المهنية والمصداقية في كسب مشاهديه ومتابعيه وإنما استثمر في أخطاء الإعلام الرسمي العربي وملأ مساحات فراغه.
إن الحرب الإعلامية التي تشن على سورية ومحور المقاومة استهدفت منذ بداياتها كل إعلام وطني أو مقاوم في سابقة لا مثيل لها في تاريخ الحروب والصراعات والنزاعات وعلى هذه القاعدة استهدف الإعلام السوري والإعلاميون السوريون وكل إعلام مقاوم لأنه كان صوت الحق والحقيقة، وواجه إعلام الظلام والتطرف والحقد بلغة المحبة والتسامح وعرّى المشروع الإرهابي الصهيوني الذي استثمر في الفجوة الإعلامية التي كانت قائمة بين أطراف الصراع والمواجهة ليمعن في التضليل وقلب الحقائق ويدفع بالرأي العام نحو مواقف سلبية من الصراع القائم في المنطقة مستثمراً في ضعف الوعي ومساحات الجهل المتشكل في أغلب مجتمعات المنطقة بحكم حالة التخلف والاستلاب والفقر والجهل التي هي نتيجة تراكم تاريخي أساسه سياسات بعيدة كل البُعد عن مصالح الجماهير وحاجاتها في التنمية والحرية والعدالة التي هي أعمدة الاستقرار في أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية.
إن الحرب الإعلامية التي تديرها دول الخليج وعلى رأسها العربية السعودية لن تستطيع إسكات صوت الحق وحرية التعبير مهما امتلكت من مال ونفوذ لدى بعض الساسة المأجورين لا بل إن هذا القرار الجائر والمخالف لحريةَ التعبير والرأي وقبل ذلك المعاكس لرغبات قطاعات واسعة في دول المنطقة والعالم لن يكون له سوى التأثير الايجابي وسيرفع من رصيد تلك القناة ويعزز من مكانتها بين المشاهدين ما يعني فشله في تحقيق أهدافه وفضحه للقوى التي تدّعي الحرية والديمقراطية وحق الاختلاف وتبينها على حقيقتها وظلاميتها ويناقض مجمل سلوكها مع ما تصدره من عناوين كاذبة ومضللة.
إن قوى الظلام والتخلف لن تستطيع مهما امتلكت من إمكانيات مادية إسكات ما يعبّر عن نبض الشارع وقول الحقيقة وكما فشل معسكر العدوان في إسكات صوت الإعلام السوري الوطني سيجد ذلك الإجراء التعسفي بحق قناة الميادين المصير نفسه وستكشف الأيام القادمة هذه الحقيقة الساطعة.
khalaf.almuftah@gmail.com