(على العرب أن تكون لديهم إرادة في الحرب ضد إيران، وعلى دول الخليج أن تُعزز قواتها البرية وأن تُشكل قوات خاصة لمواجهة إيران وداعش)، و(نبحث مع حلفائنا سبل الحد من تعاظم قوى روسيا، ويتعين على الروس ألا يفرحوا كثيراً لأننا سندافع عن مصالحنا وحلفائنا)، هذا غيض من فيض العدوانية التي عبر عنها آشتون في سياق الإعلان عن مواقفه التحريضية الممتلئة كذباً.
في الظاهر لا تُضيف تصريحات آشتون جديداً، لكنها تكشف بلا أدنى شك عن حالة الضيق والتأزم التي تشعر بها الولايات المتحدة نتيجة فشل مشاريعها العدوانية في المنطقة والعالم، فمما لا يخفى على أحد أن «داعش» هو صناعة أميركية خالصة، وأن الاستثمار فيه يستهدف أول ما يستهدف سورية ومحور المقاومة ومكوناته، وإيران في المقدمة منه، ومما لا يخفى أيضاً أن محاولة اللعب في الساحة الأوكرانية هو استهداف أميركي وقح ومباشر لروسيا.
في المحتوى لا يُشكل التحريض خروجاً عن النص بمقدار ما يُشكل عهراً ونفاقاً سياسياً أميركياً غير مسبوق تفقد معه كل عملية تفاوض دولية مع واشنطن معناها، وتبدو بلا أي جدوى حقيقية طالما أن ممارسات وسياسات الولايات المتحدة تؤكد بمناسبة وبغير مناسبة أنها ماضية في العدوان والعناد والاستفزاز للقوى الدولية والإقليمية، ولو كانت لا تكذب ولا تنافق ولا تعبث، فعليها أن تُعلن إذاً دوافع إرسالها جون ماكين وغيره إلى الساحات الأوكرانية، وللحضور بين قطعان الإرهابيين في الشمال السوري.
تحريض آشتون الخليج ضد إيران هو وصفة لضرب استقرار المنطقة وإدخالها في أتون حروب لا تنتهي، ووضعه (داعش) وإيران في صف واحد وخانة واحدة هو وقاحة وحقارة لا يمتلكها أحدٌ في هذا العالم سوى أميركا، وإن تعبير الوزير الأميركي عن التصميم على ما قال (حماية المصالح والحلفاء) ودعوته (الروس لئلا يفرحوا كثيراً) هو تحريض رخيص واستفزاز لاتبرره سوى منظومة اللاأخلاق التي تحكم الساسة في أميركا.
العالم اليوم مدعو للتخلي عن وهم جدوى التفاوض مع واشنطن، ومدعو لمخاطبتها بلغة أخرى غير لغة السياسة والدبلوماسية والقانون والمبادىء، فالولايات المتحدة تحتاج في هذه الأثناء للغة تردعها، تلجم اندفاعتها العدوانية، وتضع لها حدوداً نهائية غير قابلة للتجاوز عليها أو القفز عنها، وإلا فإن الثيران الهائجة المصابة بالجنون المقيمة في البيت الأبيض ستُحطم كل ما يخدم مسيرة السلام والاستقرار في العالم؟!.