وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي عقدت أمس بطلب من روسيا لبحث التهديدات الأمريكية بشن عدوان على سورية: ذكر مندوب السويد أن استخدام الأسلحة الكيميائية هو جريمة حرب وهذا الكلام صحيح والحكومة السورية موافقة على هذا الكلام لكن الحرب نفسها هي جريمة وينبغي وقفها ومنعها.. ربما هذا يصلح عنوانا لفصل قادم في كتاب «سبري» الذي يصدره معهد السلام في استوكهولم لعل ذلك يفتح آفاقا جديدة للدول الأعضاء في فهم معنى أن الحرب جريمة.
وأضاف الجعفري: مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية قالت إن الحكومة السورية استخدمت السلاح الكيميائي خمسين مرة وهذه الخمسون مرة أدت إلى قتل 200 مدني.. تخيلوا أن الحكومة السورية قد غيرت اتجاه الحرب الكونية الإرهابية التي تشن على سورية من خلال التخلص من 200 مدني بعد أن استخدمت الكيميائي 50 مرة.. أليس هذا كلام هواة.. أليس هذا الكلام يصلح لروايات الأطفال من نوع «سوبرمان وتان تان».. هل هكذا يفكر استراتيجيو البيت الأبيض بأن حكومة ما تستخدم الكيميائي 50 مرة للتخلص من 200 مدني.. هل هذا يعقل.. ثم كيف فات على مندوبة الولايات المتحدة أن بلادها نفسها على متن سفينة كيبري قد دمرت المخزون الكيميائي السوري في البحر المتوسط هي وسفن الدانمارك والنرويج وكيف لم يقل لها خبراؤها في الوفد الأمريكي أن المنسقة الخاصة للأمم المتحدة سيغريد كاغ قالت لكم في هذا المجلس في شهر حزيران 2014 إنه لم يعد هناك مخزون كيميائي في سورية هل يمكن أن تكون الذاكرة قصيرة إلى هذه الدرجة.
وأكد الجعفري أنه يخطئ من يعتقد أن الحشود العسكرية الغربية الضخمة في شرق المتوسط تعزى لعشق صوفي غربي بحفنة من زعران الإرهاب في دوما.. وبالمناسبة هؤلاء الزعران تم إخراجهم إلى الشمال وهم في طريقهم إلى السعودية ومنها إلى اليمن حيث ستتم إعادة تدويرهم كزعران واستخدامهم في جبهات أخرى من بينها اليمن لافتا إلى أن كل الحشود العسكرية الضخمة في شرق المتوسط لا تستهدف تلك الحفنة من الإرهابيين الزعران بل تستهدف الدولة السورية وحلفاءها.. هذا هو العنوان الذي ينبغي أن نبحث به اليوم في هذه الجلسة.
واستغرب الجعفري كيف لم يرعب المندوبة الأمريكية استخدام بلادها عشرين مليون كالون من العامل البرتقالي في فيتنام عام 1961 والذي أدى إلى مقتل وإصابة ثلاثة ملايين فيتنامي ولا يزال حتى الآن يولد كل عام 400 ألف طفل مشوه في فيتنام بسبب هذا العامل الذي استخدم آنذاك ولم يرعبها قتل قوات بلادها آلاف السوريين في الرقة وقتل آلاف العراقيين في الفلوجة والموصل باستخدام الفوسفور الأبيض الذي هو شكل من أشكال السلاح الكيميائي أليست هذه جريمة حرب.
وتابع الجعفري: أريد أن أذكر ما قاله وزير دفاع بريطانيا الأسبق هندرسون حين تحدث عن استخدام بلاده والولايات المتحدة الأمريكية للفوسفور الأبيض في العراق.. قال ما يلي وأقتبس «من غير المعقول أن نقوم باحتلال بلد بهدف البحث عن أسلحة كيميائية وفي نفس الوقت نستخدم نحن سلاحا كيميائيا ضد هذا البلد».
وقال الجعفري «يقول جورج أورويل الذي يحظى بمكانة أدبية وأخلاقية عالية في الغرب.. في زمن الخداع يكون قول الحقيقة عملا ثوريا».. وهنا أقول إن ثلاثا من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وأعني الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تجر العالم بأسره من جديد نحو هاوية الحرب والعدوان وتسعى إلى تعطيل عمل هذا المجلس في صون السلم والأمن الدوليين وهو المبدأ الأساسي الذي اتفق عليه الآباء المؤسسون عندما اعتمدوا ميثاق الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو بتاريخ 26 حزيران 1945.
وأضاف الجعفري: هنا لا بد من إنعاش ذاكرة هؤلاء بما جاء في الفقرة الرابعة من المادة الثانية من الميثاق وأقتبس «يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق مع مقاصد الأمم المتحدة» وأوضح هنا أن تاريخ هذه الدول الثلاث مبني على استخدام الأكاذيب والقصص الملفقة لشن الحروب بهدف احتلال الدول والسيطرة على مقدراتها وتغيير انظمة الحكم فيها بالقوة.
وبين الجعفري أن العالم بأسره ومجلس الأمن بالذات هم شهود على غزو واحتلال وتدمير العراق بكذبة أميركية حصلت في هذا المجلس منذ 15 عاما وهم شهود على أن فرنسا قد استغلت هذا المجلس لتدمير ليبيا والقضاء على آفاق مستقبل شعب بأسره لا لشيء إلا لأن رئيسها آنذاك أراد التغطية على فساده المالي ومع ذلك مازالت بعض الدول تنساق وراء نفس الأكاذيب التي تسوقها نفس هذه الدول سعيا لشن عدوان على سورية.
وأشار الجعفري إلى أن المجتمع الدولي لم ينبر إلى كبح جماح هؤلاء المتهورين الذين عرضوا العلاقات الدولية مرارا وتكرارا إلى كوارث ومصائب منذ تأسيس هذه المنظمة الدولية و»نخشى ما نخشاه» من أنه إذا لم يتداع هذا المجتمع الدولي لإيقاف العبث الذي يمارسه هؤلاء المتهورون فإن ذلك سيؤدي حكما إلى وأد هذه المنظمة في ظروف مشابهة لتلك التي أدت إلى وأد سالفتها عصبة الأمم.
ولفت الجعفري إلى أنه بعد أن فشلت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأدواتها في منطقتنا بتحقيق أهدافها في سورية من خلال تقديم كل أشكال الدعم للمجموعات الإرهابية المسلحة نراها اليوم تطلق تغريداتها وتتباهى بلطف وذكاء وحداثة صواريخها وتتحدى الشرعية الدولية من على منبر هذا المجلس وترسل أساطيلها وطائراتها لتحقيق ما عجزت عنه أدواتها الإرهابية على مدى السنوات السبع الماضية.
البعض من المتهورين يدفعون العلاقات الدولية إلى شفير الهاوية وذلك استنادا لشريط فيديو زائف أعدته مجموعة «الخوذ البيضاء» الإرهابية بتعليمات من أجهزة الاستخبارات الغربية
وبين الجعفري أن الحكومة السورية حررت مئات آلاف المدنيين في الغوطة الشرقية من ممارسات المجموعات الإرهابية المسلحة التي كانت تتخذهم دروعا بشرية وتحاصرهم على مدى سنوات وتمنع عنهم المساعدات الغذائية والطبية وتتخذ من بيوتهم ومدارسهم ومشافيهم مقار عسكرية لشن الهجمات ضد ثمانية ملايين مدني في العاصمة دمشق.
وأكد الجعفري أن البعض من المتهورين يدفعون العلاقات الدولية إلى شفير الهاوية وذلك استنادا لشريط فيديو زائف أعدته مجموعة «الخوذ البيضاء» الإرهابية بتعليمات من أجهزة الاستخبارات الغربية موضحا أنه مثلما جعل ما يسمى التحالف الدولي من طائراته الحربية سلاحا جويا في خدمة تنظيم داعش الإرهابي لعرقلة عمليات الجيش العربي السوري وحلفائه ضد هذا التنظيم الإرهابي فإنه قد جعل من «الخوذ البيضاء» الذراع الإعلامي التي تمارس الفبركة والتزوير لمصلحة تنظيم القاعدة الإرهابي.
وبين الجعفري أن الحكومة السورية بادرت لدعوة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإرسال بعثة تقصي الحقائق لزيارة سورية وموقع الحادث المزعوم في بلدة دوما وقدمت كل التسهيلات اللازمة لإتمام الفريق مهامه بشكل شفاف ودقيق ومن المفترض أن يباشر عمله خلال ساعات مشيرا إلى أن هذه الدعوة تأتي من منطلق قوة وثقة وخبرة دبلوماسية وليس من منطلق ضعف أو خشية أو تهديد أو وعيد.
وجدد الجعفري إدانة سورية إقدام حكومات الدول الثلاث على إطلاق تهديداتها باستخدام القوة في انتهاك صارخ لنص المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة التي تحدد مقاصد الأمم المتحدة بحفظ السلم والأمن الدوليين وقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم.
مجلس الأمن هو الجهاز المسؤول عن صون السلم والأمن الدوليين الذي يجب أن يتصدى لمحاولات فرض شريعة الغاب وقانون القوة
وقال الجعفري: إن فهمنا جميعا باستثناء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا هو أن مجلس الأمن هو الجهاز المسؤول عن صون السلم والأمن الدوليين الذي يجب أن يتصدى لمحاولات فرض شريعة الغاب وقانون القوة أما إذا كانت بعض الدول الأعضاء ترى في الأمم المتحدة شركة خاصة تعمل وفقا لقوانين السوق والمال ومبدأ العرض والطلب والاتجار بمصائر الشعوب والدول أو تعتبرها منبرا للاستعراض الرخيص والاستثمار في الكذب والتلفيق فإن هذه الحقيقة مخيبة لآمال وتطلعات شعوب العالم.. وتاريخ علاقاتنا مع هذه الدول مليء بالآلام والتجارب المرة وسياساتها العدوانية معروفة للجميع.
وشدد الجعفري على أن الحقيقة الصادمة والأهم التي يجب أن تقال اليوم هي أن صمت الأغلبية على هذه السياسات العدوانية ليس تواطؤا مع حكومات هذه الدول الثلاث لكنه خشية من غطرستها وابتزازها السياسي وضغطها الاقتصادي وسجلها العدواني الذي أثبت أنها لا تتورع عن فعل أي شيء لمن يقول الحقيقة.
وأكد الجعفري أنه إذا اعتقدت أو فكرت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا أنها قادرة على مهاجمتنا والاعتداء على سيادتنا عندئذ لن يكون أمامنا سوى تطبيق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تخولنا الدفاع المشروع عن النفس.. هذا ليس تهديدا كما هم يهددوننا.. هذا وعد.. إننا لن نسمح لأحد بأن يعتدي على سيادتنا.. لماذا أقول هذا وعد لأن الرئيس الأمريكي جورج واشنطن قال كلاما مهما قبل 200 سنة أو أكثر قال «هل أدلكم على صوت أقوى من دوي المدافع. إنه صوت الحق ينبعث من قبل أمة متحدة تريد أن تعيش حرة».. نحن أيضا في سورية لدينا شخصيات وقادة وزعماء مثل جورج واشنطن وهم يقومون بنفس الشيء حماية وحدة وسيادة بلادهم.