ويبدو أن المسار الأميركي يتحرك على هذا المدى ذهاباً وإياباً، فالمهم هو أميركا وما يقرره ترامب، هذا الرئيس الأميركي الذي لا مثيل له في الحقد والتجبر والتكبر والنظرة إلى الآخرين على أنهم كميات بشرية لا تصلح إلا لتلقي الأوامر الأميركية، ولا تصلح أوطانها إلا أن تكون حدائق خلفية متناثرة تؤمن لأميركا كل ما تطلبه أو تتطلبه المناهج الأميركية القائمة على الجريمة وغواية سفك الدم.
وهذا الأمر يترتب عليه أن نصوغ فقراته عبر المنظومة الثلاثية التالية:
1- إن المهم الآن في التداول وفي بناء أولويات المواجهة لا بد له أن يتجذر عبر أنماط السلوك التي ما زالت تحكم الغرب الأوروبي والأميركي والتي ما برحت تقوم على قتل البشر في فلسطين واليمن وسورية، وما يدعم هذا القتل من حصار جائر حتى للمعطيات الطبية سواء أكانت أجهزة أم أدوية أم إجراءات علمية لكي تأخذ الشعوب من خلالها دورها الإنساني والوطني للتصدي لوباء الكورونا ومنع غائلات الموت عن أبنائها ومواطنيها، ولقد تابعنا في هذه الأيام مرحلة أخرى من التشدد في فرض العقوبات وتشديد الحصار على أي دولة تأخذ بهذا المنحى عبر مسؤولياتها أمام مواطنيها وأمام العالم في التصدي لوباء الكورونا، وباتجاه آخر فإن القاتل الذي صنع ونشر فيروس الموت هو ذاته الذي ما زال يقتل بلا توقف البشر عبر الاحتلال المباشر أو تغذيه الإرهاب والإرهابيين أو تعطيل أي فرصة للبحث عن أي حل وهذا هو الدور الأميركي الراهن عبر كاريزما ترامب وهو دور ينتمي للقتل من أسباب الكورونا إلى استمرار منهجية القتل وسفك الدم في شمال سورية وفي شرقها، السبب واحد والقاتل واحد ومواجهة الخطر لا بد أن يكون أيضاً واحد، لا تضليل فيها ولا تشريد لمحاورها ولا احتيال على حقائقها إذ أينما يحدث الخطر في العالم وعلى العالم ابحث عن أميركا ولا سيما بالنموذج القائم الآن، حتى ولو أصاب الشعب الأميركي بعض الضرر، وحتى ولو عرضت دول غربية مثل ألمانيا أنها على أعتاب تصنيع اللقاحات والدواء الكفيل بوقف زحف الخطر، إن ذلك كله ليس ذا قيمة في السياسة الأميركية ما دام الداخل الأميركي يمكن تأمينه وما دام الدواء هو سلعة اقتصادية والتعامل معها بمنطق الربح والخسارة كما هو واضح الآن، وكم كان الموقف الألماني الذي رفض بيع خلاصة ومنتجات اللقاحات ضد كورونا لأميركا قوياً حين رفضت برلين العرض الأميركي.
٢- في أساس المنظومة العلمية والعقلية والواقعية نعرف أن البلد الذي يصنع مادة الموت يصنع في ذات اللحظة الأمصال واللقاحات المضادة لفيروسات الموت، وواضح أن أميركا قد أتقنت اللعب في هذه المتلازمة فهي تنتج ما يدمر العالم وتحتفظ بما يؤدي للتحكم في إيقاع المواجهة في الداخل الأميركي وفي العالم كله وهكذا ما زلنا نتابع غوغائية الإصرار الأميركي الترامبي الذي يزعم بأن الكورونا فيروس صيني ومن منطقة ووهان التي تعتبر مصنع الصين وتنتج ربع الإنتاج المحلي الوطني في الصين بكاملها صناعياً وبكامل عناصر الإنتاج وتستمر الحكاية في الابتزاز وفي تجاهل أي قيمة عقلية وأي مسارات أخلاقية، الآن ترامب مهووس بالتهديدات والاتهامات والواقع يلح على ضرورة إطلاق إرادة الشعوب وطاقاتها وعلمها وعلمائها فذلك ما يكفل إنجاز الحلول المطلوبة طبعاً ولكن أميركا صممت خرافة الموت القادم من الغرب على أساس مختلف تماماً.
3- من المعروف أن الخطر الذي يهدد العالم متجاوزاً التوضعات العرقية والجغرافية والسياسية فيه لا بد أن ينهض في لحظة الخطر الشامل لكي يواجه حالة الخطر الراهنة وما يبنى على هذا الخطر من تداعيات ومنعكسات خطيرة تؤدي إلى سقوط الجميع في قبضة الفناء وفي الاستعصاء بين فكي الوحش المفترس ومن هنا فإن ما سوف يتلو الكورونا اقتصادياً واجتماعياً وإنسانياً سوف يكون شديد الوطأة على الجميع ولهذا فإن واشنطن ترتب منذ الآن أن يكون هذا المعنى قائماً على كل سكان الأرض وأن تستفرد الولايات المتحدة بالنجاة من التداعيات أولاً وبالاستثمار التجاري القميء في البيع والشراء للمواد التي تحتاجها البشرية في المواجهة وفي مرحلة الترميم.