ونحن نعلم أن هذه الفرصة التي يتكلمون عنها هي المشهد الأخير من استراتيجية وسياسة التضليل التي تتبعها كل من أميركا وإسرائيل لهدف التقييد الكامل لمستقبل الشعب الفلسطيني بطريقة تزيد من معاناته وعذابه, بدلا ( من منحه ولو بعضا) من حقوقه المسلوبة.
بتحليل الأحداث الرئيسية لهذه الاستراتيجية المتذبذبة التي سيطرت على السياسة الأميركية والإسرائيلية في الأعوام الخمسة عشر الأخيرة نجد:
تم توقيع اتفاقية أوسلو والتي بدلا ( من أن تدعم قيام السلطة الفلسطينية وعلى بقعة صغيرة من الأراضي الفلسطينية, جعلت منظمة التحرير الفلسطينية تعترف بالوجود الإسرائيلي ومنذ ذلك الحين قامت الحكومة الإسرائيلية بمضاعفة عدد المستوطنات اليهودية في جميع أنحاء فلسطين وبشكل يهدف إلى عرقلة قيام دولة فلسطينية موحدة جغرافيا).
بيل كلينتون وايهود باراك حاولا الضغط على ياسر عرفات لتوقيع معاهدة سلام بالشروط التالية:
-قيام دولة فلسطينية مقسمة جغرافيا (وإداريا) تفصل بين أجزائها الأسوار الحديدية والمستوطنات اليهودية ومراكز المراقبة
-إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين والاحتفاظ بهذا الحق لجميع يهود العالم ممن يرغبون بالاستيطان في فلسطين.
-إقامة عاصمة وهمية للدولة الفلسطينية وعلى بقعة صغيرة من القدس.
لم يوافق ياسر عرفات على التوقيع على هذه المعاهدة غير المنطقية وغير المقبولة لا سياسيا (ولا أخلاقيا) فسارعت أميركا وإسرائيل إلى التصريح إن الفلسطينيين قد أضاعوا من بين أيديهم فرصة ذهبية لتحقيق السلام.
-نتيجة لعدم الإلتزام الإسرائيلي وعدم نجاح المفاوضات وبسبب زيارة شارون الاستفزازية للحرم القدسي تنفجر الانتفاضة الثانية التي قام ايهود باراك وشارون بوصفها على أنها حركة إرهابية , مستخدمين هذه الذريعة لتبرير جرائمهم المتكررة التي أودت بحياة الكثير من الأبرياء الفلسطينيين. إضافة إلى استخدام من قبل أميركا وإسرائيل كمبرر لتصنيف ياسر عرفات كمناهض لعملية السلام وبالتالي احتجازه في مقره حتى وفاته.
بعد وفاة ياسرعرفات تمت الانتخابات الفلسطينية والتي لو كانت في دولة أخرى وفي نفس الظروف لاعتبرتها الولايات المتحدة غير شرعية ولكنها سعت إلى إتمام هذه الانتخابات دون مشاركة المعارضة الرئيسة
الاستراتيجية الإسرائيلية- الأميركية وعملية السلام:
تحاول الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل أن تفرض على رئيس السلطة الفلسطينية الحالي محمود عباس إنهاء وتصفية الجهاد المسلح تمهيدا لبدء مفاوضات السلام من نقطة الصفر وبطريقة يضغطون فيها على أبو مازن ليوقع على معاهدة أسوأ المعاهدة التي لم يوقع عليها ياسر عرفات والتي تتضمن إقامة دولة فلسطينية على بقعة صغيرة من الأراضي الفلسطينية, تقوم أميركا وإسرائيل بالتحكم بحدودها وبأجهزة الأمن فيها.
من جهة أخرى عدم السماح للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى فلسطين وإقامة عاصمة وهمية للدولة الفلسطينية على بقعة محدودة من القدس وتحت السيطرة الإسرائيلية.
سوف تروج أميركا وإسرائيل لهذا الاتفاق عالميا وتقدمه للعالم والرأي العام العالمي على أنه نهاية الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي وبذلك يكونا قد سلبا الفلسطينيين آخر حقوقهم الشرعية ألا هو حق الاعتراض.