ضمن هذا الحيز ومن منطلق ان منطق الرؤية التقييمية لهكذا شخصية لابد ان يتغير مع الزمن ..جاء كتاب بونابرت رؤية معاصرة لنخبة من الكتاب والمؤرخين الفرنسيين المعاصرين قام بترجمته أ. هشام حداد وصدر حديثاً عن دار طلاس .
افتتاحية الكتاب كتبها ( ميشيل دي جيفير) مدير الاعداد الخاصة الصادرة صحيفة الفيغارو ذكر فيها :
في عام 1795 كان ستندال يرى فيه ابتسامة زائفة في غير موضعها اما الدوقة دابرانس كانت تراه في غاية القبح اما الرسام الشهير دافيد فقد ذهل من صفاء وجهه ورأى أنه جميل يضاهي اللوحات الفنية القديمة بجماله)
ان حكاية بونابرت بأسرها تحمل طابع هذه الازدواجية .جاك بانفيل يقول ( لولا المجد ولولا الفن لكان من الاجدى ان لا يوجد هذا الرجل).
الفريد دي موسيه في كتابه ( اعترافات فتى العصر ) لم يكن في ذلك الحين سوى رجل واحد على قيد الحياة في اوروبا اما باقي الكائنات فكانوا يبذلون جهدهم لملء رئتيهم من الهواء الذي كان يستنشقه .
(روبير كولونا ديستريا) في مقالته (الايام الاثنا عشر التي ادت تتويجه)
تحدث عن طفولة نابليون في كورسيكا وظروف ولادته في بلد مناخها السياسي متقلب حيث كتب نابليون بعد ولادته بثمانية عشر عاما) ولدت بينما كانت بلادي تنقرض.)
وعن سنوات دراسته عرف عنه عزلته وقوته فكان الغلام الذي يقرأ كثيرا ( ان كتبي هي اصدقائي فقط) هكذا تكوّن بونابرت الواقعي وواسع الخيال كأنه شاعر لا يكتفي بصياغة القدر وكتابة الاسطورة بل يصنع التاريخ .
لهذا فيما بعد اصر على لقب ( امبراطور) بعد ان وجد ان لقب ( ملك ) مستهلك يحمل معه مفاهيم قديمة في حين لقب ( امبراطور) فهو اعظم وفيه شيء من الغموض وكان يلهب الخيال باتجاه الامبراطوريات القديمة.
حكم القدر ? !
بقلم ألان ديكو جاء هذا العنوان لمقالة في الفيغارو حول هذه الشخصية :
( ان الصعود الخارق لنابليون بونابرت تم بحكم الصدفة والفرصة المواتية كما لو ان كل شيء تم اعداده ليجعل من الفتى الكورسيكي الكئيب امبراطورا على الفرنسيين).
سيعرف القارئ ان بونابرت كان امامه قدر استثنائي عندما نعلم انه حصل على رتبة الملازم ثان وهو في السادسة عشر ة وخمسة عشر يوما .
ربما ذلك اهله ليثق بنفسه لابعد الحدود وينجز ما انجز..
وقاد الفرنسيين الى حلم تحقق اذهل العالم والف بيتهوفن سيمفوية بونابرت ولكن حين علم ان بطله سيجعل من نفسه امبراطورا مزق عنوان السيمفونية.
وبقلم (فنسان دي) فيه جاءت مقالة بعنوان العريف الصغير استهلها :
( لم تكن طبيعته الجافة ونظرته الكئيبة لتجعل منه نديما في ليالي السمر كان نادرا ما يتحدث واذا تحدث تحدث بتؤدة) وحين رآه اوجيرو (دوق كاستيلونا) قادما الى نيس عام 1796 ليتولى قيادة الجيش المرابط في ايطاليا وان يظهر عجز هذا الجنرال القصير القامة الهزيل بمقدار تجربته القصيرة الامد بيد انه لم تمض بضع دقائق على الحديث المتداول بينهما حتى ر أى ذلك ا لضابط في بونابرت الوعد بمجده الشخصي ولم يقتصر هذا الرأي على اوجيرو بل اعترف بذلك كل العسكريين المنتمين الى هذا الجيل.
بونابرت وعائلته?!
تحت عنوان ( اسرة من ذهب) جاءت مقالة مشوقة حول علاقة الامبراطور بعائلته ربما جملة شهيرة قالها تلخص هذه العلاقة :( اللهم احفظني من اسرتي, اما الاخرون فأنا كفيل بهم ) لعل بونابرت قال كذلك مقلدا ومحرفا صيغة فولتير ( ليتيزيا) والدة نابليون كانت هي الشخصية الاولى في الاسرة امرأة لم تتلق سوى القليل من العلم ترطن بالفرنسية ولكنها ذات مزاج حاد وقاس .
كتاب بونابرت رؤية معاصرة تميز بطباعة فاخرة حيث اشهر اللوحات الفنية التي أرّضت لمسيرة بونابرت كذلك تضمن الكتاب دراسات عن الافلام السينمائية التي عالجت حياته واعماله وبيبلوغرافيا مفصلة عن الكتب الهامة التي تناولت او ناقشتها او تداولتها من اكثر من منطق كذلك سلبياته وايجابياته .