تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ندرة اليازجي : خلاص الإنسانية بالوعي والمعرفة لا بالحروب والقتل

ثقافة
الأربعاء 2/2/2005م
ديب علي حسن

أزمة الانسان المعاصر هل هي ازمات متعددة ام انها ازمة واحدة ذات اشكال والوان ?

من الذي يمكن ان يبحث في اعماق هذه الازمة او, الازمات ويقدم سبل الخروج منها إلا اولئك الذين اختاروا الحكمة والمعرفة دربا للخلاص ليس خلاص الفرد بل خلاص الانسانية كلها وهؤلاء الحكماء , الفلاسفة المفكرون مهما تكن اسماؤهم انهم منتشرون في كل زمان ومكان والبشرية التي اغرقتها او كادت فوضى اللامبالاة ليس امامها الا ان تسلك معالم الطريق الذي يحدده الفكر الحر الواعي القادر على اثارة الاسئلة المصيرية وجعل المرء يفكر فيما يقدمون عليه..‏

الاستاذ المفكر ندرة اليازجي واحد من اولئك المفكرين الذين نذروا انفسهم من اجل ان يعي الانسان المخاطر التي سببها بحق نفسه اولا وبحق الكون والطبيعة من حوله وهو الاستاذ اليازجي بما قدمه من دراسات فكرية وفلسفية نالت اهتماما عالميا في الشرق والغرب فقد احتفى الباحثون في الهند بما انجزه في الفكر الفلسفي ومنح شهادة دكتوراه عليه ,كذلك في الغرب اليازجي بما قدمه ينحاز الى الجمال الانساني والى مقولة السلام والطمأنينة لكنه يبحث في تقنيات العدوان ونتائجه يبحث ويحلل ويعري الاسباب التي قادت الانسان الى ان يجعل من العلم سلاحا ذا حدين سلاح الفتك بأخيه الانسان وتدمير معالم الحضارة والثقافة المتنوعة السلاح الذي لم يعد للدفاع عن النفس بل صار متطورا باستخداماته وتقنياته ليكون عدوانا واذا كنا نقول: السلاح فهذا يعني ايضا التقنية بالضرورة فثمة تقنية ناعمة كما يشير اليازجي وهي الطائرة الجرار تقنيات تخدم الانسان وثمة تقنيات للتدمير والفتك ( الدبابة والصاروخ..).‏

لقد قدم الاستاذ ندرة اليازجي في المركز الثقافي العربي بالمزة يوم 30/1/2005م الكثير من الاجابات الشافية حينا والمتوثبة حينا اخر بل لنقل الاجابات التي تجعل كل اجابة تثير سؤالا جديدا وتبعث بقلق من نوع آخر لكنه قلق فعال قادر على ان يحرض العقل وان يرسخ بنى معرفية تجعل الانسان يجدد طرح السؤال الملح :لماذا ازمة الانسان المعاصر الآن وكيف الخروج منها ..?‏

حضارة اليوم ..‏

يرى الاستاذ اليازجي ان حضارة اليوم هي حضارة القلق والجشع والطمع مات فيها الوجدان ومات الفكر واندثرت الاصالة الحقيقية لقد ملأ الفراغ كل شيء فأصيب الشباب بالملل والقنوط ومن المعروف ان الفراغ هو الذي يميت الانسان ويجعل منه مجرد ألعوبة واوراق تسلية بيد الاخرين لم يعد الانسان يعيش ليحقق الهدف الاسمى والكلي من اجل الوصول الى المعرفة وممارسة التفكير الجدي في هكذا حضارة كيف يكون الشباب وكيف تكون الثقافة والمعرفة..?‏

شباب تربوا في حضارة اللاهدف في حضارة العبث وعدم احترام الغير واحتقار الانسانية حضارة الانانية والانهزامية حضارة اللامبالاة حضارة الجنون حضارة عدم احترام الغير حضارة الوصول الى الهدف بلا تعب شباب استسلموا للرقصات الجنونية والافكار الخيالية لا يبالون بالثقافة والعلم والمعرفة ..وكيف كيف يكون من ينشأ ويعيش في هكذا حضارة ماذا تريد منه ان يقدم او ان يفعل بعد هذا الاستلاب كله .. لذا فاننا نتحدث عن ثقافة مهيضة الجناح ضحلة المياه تكاد تكون حضارة اللذة حين نفعل ذلك فاننا نتحدث عن مستقبل البشرية الذي نحفر قبره بأيدينا وبهدوء كما نظن لكننا نسرع اكثر مما نتوقع ويتوقع الكثيرون .‏

أزمات بالجملة..‏

توقف الاستاذ اليازجي عند ازمات عدة مرت البشرية بها بدءا من القرن الماضي والعشرين فمع عشرينات القرن الماضي كانت الحروب وجاءت الازمة الاقتصادية في الثلاثينات منه وقد عبر الفيلسوف الكسي كارليل عن هذه الازمات وعمقها التي صنعها الانسان وبدأ يعيشها ويترنح تحت ضرباتها عبر عنها بقوله ان الانسان قد بدأ يفقد عقله وانهارت قيمه الروحية ويمكن اختزال رأيه بالقول العامي ( فلت زمبرك العقل) .‏

لقد اضاع الانسان عقله وفقد رشده وضيع المعرفة .‏

هذه الازمات بدورها اقلقت كارل يونغ الذي رأى ان على الانسان ان يبحث عن روحه التي اضاعها في زحمة الاحداث فالانسان بدأ يعاني ومن عدم التوازن نتيجة (تجزيء الانسان) احباطات فردية وجماعية وانهيار القيم الثقافية والاخلاقية وعدم ثقة بالمستقبل وهذا ما وجب على الانسان ان يبحث عن خلاص ولكن ثمة تيارات فكرية اخرى كانت قد ظهرت وبدأت تسيطر تيارات دعت الى العبث واللاجدوى وانتهت الى احساس باليأس وعدم الثقة بالمستقبل وهذا ما دعا بدوره الى ضرورة بروز تيار (الحكمة والوعي) الذي بدأ يعمل من اجل انقاذ البشرية ومن اجل ان ينبثق فجرجديد وتبزغ شمس المحبة والامل والسلام وربما كان على الانسان ان يتأمل حدوث ذلك في الالفية الثالثة ..‏

العلم ومآسي البشرية..‏

يرى اليازجي ان المآسي تشير الى انعدام الوعي فالانسان كائن يبحث عن حقيقة المعرفة ولذا تدرجت المعرفة العلمية وصولا الى معرفة المبادئ والقوانين والى معرفة المبادئ العقلية وبدأ الانسان يبحث في سر العقل وجوهره وعمل على سبر انواع المعرفة ووجه عقله لحل الامور والحاجيات الملحة وهنا نشأ (تاريخ المعرفة الانسانية )وهكذا تطور العقل العملي الى عقل منطقي ومعرفي يبحث عن القوانين التي تمده بالقوة وازدادت القوانين تعقيدا, وبالمقابل من العقل العلمي او المنطقي نشأ العقل الدوني الذي سبب ولا يزال الكوارث والحروب.. والمعرفة الانسانية ايضا مقسومة عند اليازجي الى قسمين : نمط العقل النظري المجرد( قوانين ومبادئ , معرفة علمية يبذل العقل جهدا كبيرا لحل الرموز التي تأتي على شكل شيفرات ومن ثم يصوغ الفرضيات التي تصبح نظريات والتي بدورها تصبح من جديد فرضيات وهكذا ليتابع العلم مسيرته التطورية الى مزيد من المعرفة اما القسم الثاني من المعرفة فهوالعقل التحتي : الذي يسعى الى تطبيق التنظير ليستفيد الانسان من نتائج بحثه المعرفي والعلمي وهنا ينشأ نوعان من التطبيق تطبيق خير ادوات تخدم الانسان وتطبق شرير ادوات تدمر الانسان وتفتك به ..‏

وبالتأكيد فان الكثير من النتائج تنشأ عن التطبيق الثاني ونمط العقل يؤديان الى نتائج متباينة فقد تسود لغة استبعاد العقل المنطقي ويؤدي هذا الى سيطرة العقل المتدني والعقل المتدني هو سبب الحروب والكوارث .‏

تاريخ المعرفة..‏

وبناء على التقسيم السابق فان مسيرته التاريخ قسمان ايضا : تاريخ المعرفة والحكمة والوعي, عقل منطقي ومعرفي يحلل ,يبحث يعترف بالآخر ويسعى الى انسانية اسمى ..وعقل متدن (تحتي) يجعل اليأس والقنوط يسيطران على الانسان يقمع الاشراقات الجميلة يحارب الانسانية يزرع الانانية يؤدي الى الدمار والحروب والازمات بالاختصار هي ناتجة عن هذا العقل والحروب عله العلل .‏

خلاص الإنسانية‏

اما خلاص الانسانية فيكمن بالتفاعل الخلاق بالوعي والحكمة والمعرفة والسعي من اجل انسانية اسمى والعالم الارضي حقل تجارب كونية والوعي الكوني يجب ان يتحقق فالحرية فكرة فاعلة تنقذ ا لانسان وتتحرر بقوة الوعي والمعرفة لا بسيطرة العقل المتدني والحروب في الحكمة يكمن الامل ويمكن ان نحقق انسنة سامية .‏

بقي ان نشير الى ان مؤلفات الاستاذ اليازجي قد صدرت عن دار امواج في سبعة مجلدات ضمت نتاجه الفكري الذي نعتز به .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية