أصبح المشروع في الثلث الأخير من حياته, أي في خريف العمر, وما بقي من عمره لن يمكنه من إنجاز مهامه, لأن تنمية البادية تحتاج إلى مشروعات أخرى, وزمن أطول, وهمة أكبر, وكلما زادت الهمة في تنفيذ المشروعات نقص زمن إنجازها, ولابد هنا من أن نتوقف ونرجع على آثارنا قصصا, لنرى ماذا أنجز مشروع تنمية البادية في الرقة? وما المهام التي بقيت وتنتظر أن ترفد بمشاريع أخرى للتنمية, أو لمد عمر المشروع عبر قروض أو إعانات من منظمات دولية أو من خلال إمكاناتنا الذاتية?!
معطيات المشروع
تمكن فرع مشروع تنمية البادية في الرقة من معالجة 62328 هكتارا بشكل مباشر ( زراعة, نثر, إراحة) وهذه المساحة متفرقة, ويتوقع أن يكون لها أثر كبير في انتشار نباتات المراعي عن طريق تناثر البذور على مواقع مجاورة بشكل طبيعي, وقد تم هذا بالتعاون مع جمعيات تربية الأغنام وتحسين المراعي في: جب عزيز, انباج, أبو خيمة, صهاريج العوابدة, صهاريج الدبس, رحوم, بير حسين الراشد, بير حويران, الزملة, فيضة, العبد أيوب, الخالدية, الجلات , الجيري, الطبوق, جبل العبد, أبو دخانة, أو الطابات, مشرفة انباج رجم الشيح, الزملة الشرقية, العفويات.
وقد أدخلت الأغنام إلى الحقول المحسنة وفق حمولات مناسبة ومدة موسمية محددة اعتبارا من خريف 2001 وحتى غاية ربيع .2004
وفي مجال تربية الثروة الحيوانية, قام الفرع بالتحصين الوقائي وتقديم الأدوية والعلاجات لما مجموعه 99965 ألف رأس من الأغنام, بالإضافة إلى تأمين كباش محسنة للمربين بلغ عددها حتى نهاية عام 2004 نحو 122 كبشا, إضافة إلى عدد من القروض لشراء جرارات, وتجهيز وحدة الدعم الإرشادية والبيطرية ووضعها في الخدمة, وتوفير وحدة بيطرية متنقلة.
وفي مجال تنمية البنى التحتية, مازال الفرع يتابع تنفيذ طريق الزملة- رحوم تليثوات بطول نحو 48 كم. وحفر وإكساء انباج, والاستمرار بحفر بئر رجم البصاص وبئر جبل العبد و بئر ثليثوات, وقام الفرع بتسليم شركة الدراسات المائية مواقع آبار: رجم المضحي, رجم العمارة,وبير سعيد, وصهاريج العوابدة والطبوق, من أجل دراستها.
كما قام بإعادة تأهيل آبار ارتوازية قائمة كبئر المكسار , وإجراء تجارب ضخ الآبار: الأغر, أبو الطابات, الجمبا, ورحوم عكدان, وذلك لتأمين المضخات ومجموعات التوليد لها. وأعاد تأهيل آبار رومانية, وخزانات تجميع مياه أمطار, وأنجز دراسة وحفر عدة حفر تجميعية منها: جب الغولي, ورحوم, ورجم الشيح, وخربة الحالول, وصقلين, والجلات, وقد أعد الدراسة لثلاثة مواقع لإقامة حفائر تخزينية فيها, وهي : صهاريج العوابدة, ورجم العاجوز, وانباج.
وفي مجال تنمية المجتمع المحلي أقام العديد من دورات محو الأمية, وندوات توعية, وزيارات ميدانية لمربي الأغنام إلى مواقع المراعي ومراكز تربية وتحسين الأغنام, ومسح اجتماعي للسكان, ودورات مهنية للنساء منها دورات خياطة وتمريض وقبالة, وصناعات غذائية ومنسوجات يدوية, ودورات صحية..
وفي العام الماضي 2004 قام بجمع 38طن رغل سوري, و 3 أطنان رغل أميركي, و 9 أطنان طن روث, وزراعة 270 ألف غرسة رعوية في جمعيات أبو خيمة, صهاريج الدبس, صهاريج العوابدة, ونثر نحو عشرين طنا من البذور الرعوية في أراضي الجمعيات التي مر ذكرها سابقا.
كما أن 54 كبشا محسنا وزعت على 31 مربيا, وأنجز مشروع بناء مقر لفرع التنمية واستلمه استلاما مؤقتا, وتمكن من ترقيم 525 نعجة ضمن عمل شبكة مربي أغنام العواس من المواليد, ويتم العمل حاليا في تنفيذ منشأة نموذجية في بئر انباج حيث صب الخزان الأرضي وغرفة المحرك والشقق السكنية والخزان العالي.
النهوض والمشاريع المستمرة
والملاحظ مما تقدم أن العام الماضي 2004 كان حافلا بالنتائج, وأكثر عطاء مما سبقه, ويعود السبب في ذلك إلى أن السنوات الأولى من عمر المشروع كانت سنوات تكوين للفرع وكوادره وآلياته ثم استكشاف وتلمس للطرق وأخيرا يأتي الحصاد..
والجدير بالذكر أن خطة المشروع في بادية الرقة اقتصرت على طريق واحد هو طريق الزملة- رحوم- ثليثوات بطول 48كم, وهو لا يتناسب مع المساحة الواسعة للمشروع 365 ألف هكتار, فمنطقة المشروع بحاجة ماسة إلى عدة طرق أخرى منها: طريق القادسية- انباج لربط طريق حلب- الرقة مع طريق الرقة- سلمية بطول 40 كم, وطريق الغرة- رحوم عكدان- الزملة بطولة 50 كم وغيرها..
وحتى هذا الطريق الوحيد لم ينجز حتى الآن بالرغم من أنه لزم منذ بداية العمل في المشروع, ويقول المهندس الزراعي, محمد علي مدراتي, مدير فرع مشروع التنمية: منطقته وعرة, إضافة إلى نقص في الدراسة, وقد قمنا بالتعديلات اللازمة في الدراسة, وسينجز في موسم التزفيت في هذا العام إن توفرت له حاجته من الإسفلت.
ومما يذكر أيضا أن تنمية المراعي بكافة أشكالها لم تتجاوز 62328 هكتارا, وهي مساحة تعد قليلة قياسا إلى المساحة الكلية للمشروع.
أما مقر الفرع الذي أنجز بناؤه وتم استلامه المؤقت فإنه يدعونا للتساؤل ما حاجة الفرع إلى مقر ولم يبق من عمره إلا القليل? وعلى هذا يقول مدير الفرع: يمكن للمشروع أن يستمر بطرائق متعددة, والمبنى سيسلم في النهاية إلى مديرية الزراعة لتستفيد منه في تطوير البادية إن استمر المشروع..
أخيرا نقول: كانت بداية الإقلاع صعبة لعدم توفر الإمكانات والاليات والمقر, وإذا كان المشروع لم يحقق أهدافه الطموحة إلا أنه وضع الاسس المتينة لأي مشروع تطوير لاحق, وخاصة لنجاحه في مجال تطبيق النهج التشاركي في التخطيط والتنفيذ, خاصة وأن تنمية البادية مازالت بحاجة إلى مشاريع تنموية أخرى, فالبادية غنية بكنوزها الأثرية, وبمراعيها القابلة للتطوير, وهي خزان للثروة الحيوانية أهلية وبرية, ويمكنها أن تصبح قبلة الأنظار للسياحة الثقافية والبيئية خاصة لو أولينا الاهتمام بزيادة المحميات البيئية التي تحافظ على التنوع الحيوي.