|
اكتشاف مقبرة أثرية في نوى مراسلون وتحقيقات صدفة وبينما كانت أعمال بناء ملحق لمدرسة الشهيد سويداني شمال مدينة نوى تبتدئ حتى ظهرت القبور الأثرية الواحدة تلو الأخرى. وصل عددها بعد شهر كامل تطلبه العمل الى 67 قبرا من مختلف الأشكال والأحجام. سيحدثنا عنها الآثاري باسل الجهماني من دائرة آثار درعا, الذي أشرف على العمل بكافة مراحله فأورد ما يلي: بعد ظهور ثمانية قبور جراء تنفيذ الحفرة الرئيسية المستطيلة الشكل, غرب شرق ذات الأبعاد 20*40 م بعمق ,1.5 حتى تم تقسيمها بواسطة شبك من الخيطان الى مربعات طول ضلع كل منها 5 م. ليسهل ذلك عملية توثيقها ومعرفة أماكن اللقى. بعض القبور كانت تخص أطفالا وتراوحت أبعادها بين 90 إلى 110 سم وبعضها الآخر لأشخاص بالغين بأبعاد من 140 إلى 210 سم, جميعها من عمق 170 سم بالنسبة لمستوى الأرض المجاورة. اتجاه القبور متنوع منها شمال جنوب وآخر شمال شرق جنوب غرب, باستثناء واحد اخذ اتجاه غرب شرق. وكانت طريقة الدفن تتمثل في أن يسجى المتوفى والرأس دائما باتجاه الشمال, والذراعين ممدودتين بجانب الجسد.و في القبر 9-4B كان الرأس باتجاه الغرب والذراعان مطويتان على الصدر. ولفت انتباهنا يتابع السيد جهماني وجود ثلاثة قبور هي 61 -10E , و-7D ,56 و66-4D. كانت طريق الدفن فيها مغايرة وغير مألوفة, وتتمثل بأن يسجى المتوفى على بطنه ووجه للأسفل بينما الذراعين بجانب الرأس. بنيت القبور بواسطة مدماك واحد من الحجر البازلتي المنحوت, باستثناء قبر واحد هو 62-9E الذي بني بمدماكين وكانت معظم هذه القبور تبنى بواسطة أربعة من الحجارة البازلتية الطويلة المنحوتة, وتغطى ببلاطات حجرية مختلفة الطول والعدد, وبعضها الآخر دون بلاطات حجرية. تم العثور على قبر بدون مداميك هو القبر 9-4B اتجاهه غرب شرق, هو عبارة عن حفرة في الأرض وضع فيها المتوفى ثم غطيت بخمس بلاطات حجرية مختلفة الطول والعدد, وبعضها الآخر دون بلاطات حجرية. عبارة عن حفرة في الأرض وضع فيها المتوفى ثم غطيت بخمس بلاطات من الحجر البازلتي المنحوت. عثر في القبر 16-5B غير المغطي بالبلاط الحجري على قطع من الحديد المهترى, هي عبارة عن لوح حديدي غطي به نصف القبر الشمالي فوق الرأس والصدر تماما, بينما ملئ النصف الباقي بالتراب بعد الدفن. ويتابع السيد جهماني: إن توضع القبور بشكل عام وما حوته من لقى أثرية قليلة, قد يوحي بأنها تخص عائلات فقيرة نوعا ما. وربما هي تطبيق لتعاليم دينية سادت في الفترة البيزنطية,مفادها الإقلال من الأدوات والممتلكات الشخصية التي توضع مع المتوفى, تحاشيا لطمع سارقي القبور آنذاك. وأن وجود عدد من القبور الصغيرة العائدة لأطفال بنسبة 40% تقريبا, من عدد القبور الكلي يقودنا للاعتقاد بحدوث وباء أتى على الأطفال, وربما البالغين أيضا في فترة قصيرة, وهذا ما يفسر طريقة الدفن السريعة التي ربما لم تراعى فيها مفاهيم الدفن المنظم, في تلك الفترة من حيث اتجاه القبر وبنائه وطريقة الدفن فيه. ومن خلال دراسة اللقى الأثرية على الرغم من قلتها ومقارنتها مع لقى ظهرت في مدافن أخرى, نستطيع أن ننسبها إلى الفترة البيزنطية, وتحديدا الى القرن الرابع الميلادي. وهي تمثل الفن البيزنطي بمدلولاته الدينية والجمالية. ولعل أبرز اللقى التي ظهرت فيها تلك القبور كانت مايلي: حجر بازلتي منحوت عليه كتابات يونانية. آنية فخارية صغيرة ومكسرة. مجموعة من الأواني الزجاجية المكسرة منها إبريق صغير بحالة شبه جيدة. مكحلتان من العاج بحالة جيدة. قرط واحد من الذهب .مجموعة أساور برونزية وحديدية مختلفة القياسات. جرس من النحاس. خاتم صغير من البرونز, مجموعة من الخرز المتنوع من حيث اللون والمادة والحجم. هذه المقبرة وما احتواته من لقى أكدت أهمية مدينة نوى التي يعرف أنها تضم قبر سام ابن نوح عليه السلام, وفيها بعض الأدلة والشواهد من الفترات الآرامية واليونانية والرومانية والإسلامية.
|