بينما تحاول حكومة أردوغان البحث عن دور سياسي لا تجده في مناخات الحل المتفق عليه دولياً ولكن دون جدوى، بعد أن خسرت رصيدها السياسي في بازارات الحرب ودعم الإرهاب في سورية ومصر والعراق وغيرها، وتتلون اصفراراً من هول الصدمات التي تلاقيها مجموعاتها في سورية حيناً، وخجلاً من إخفاقاتها المتواصلة حيناً آخر، وذلك بشهادة استطلاعات الرأي القادمة نتائجها عن أحوال السلاطنة الجدد.
قناعة الغرب وعلى رأسه أميركا بالعودة إلى الأقنية التفاوضية، لم يأت من فراغ بل نتيجة إحساس تلك الدول بمخاطر ما يحدث في سورية، وبدأت تدرك أنه إذا نجح آكلو لحوم البشر بتحقيق شيء من مآربهم، فستتسع دائرتهم بسرعة لا مثيل لها، ولن تكون هناك أي دولة بمنأى عن هذا التوسع، حيث ستكون تلك الدول أول المكتوين بنيران إجرامهم، ولهذا عاد حلف الناتو بأعضائه من بروكسل على هامش قمة روسيا- الناتو، للحديث عن حل الأزمة عبر الحوار السياسي السوري، وبدأت تلك الدول بوضع الخطط لوقف تدفق هؤلاء المرتزقة إلى سورية، عبر تطوير شبكاتها ومراكز استشاراتها لتمكين الآباء أو الأصدقاء المعنيين بالإبلاغ عن المتطرفين، بينما لم يتمكن بنو سعود من السيطرة على أهوائهم ورغباتهم وشهوتهم للدماء، ولم يتخلوا بعد عن أحقادهم والنظر إلى البعيد والعودة عن خطأ إرسال وتزويد وتمويل أولئك التكفيريين.
إصرار آل سعود وتركيا وقطر ومن معهم على الرهان على الجياد الخاسرة، لن يضعهم في الخانات والزاوايا المغلقة فحسب، إنما سيجعل منهم ألعوبة يتقاذفها الغرب بأرجل خشنة وركلات موجعة، ليصحوا ذات يوم ولا يجدون حولهم حتى حلفاءهم الذين باعوا أشقاءهم من أجلهم، وبهذا يكونون أيضاً كرسوا مفاهيم عرقلة المؤتمر الدولي الذي ينشده السوريون للخروج من الأزمة التي أُهديت لهم في صناديق المتفجرات، والأحزمة الناسفة ممهورة بالريالات والدنانير والدراهم.
إذاً فاستمرار تجنيد المزيد من الميليشيات الخليجية الذي تتحدث عنه التقارير ووكالات الأنباء، يكشف الخيوط المنسوجة بإتقان لتدمير سورية، ويؤكد أن هذه الدولة العربية المحورية يراد لها أن تكون أطلالاً وفريسة للإرهاب، ولا أثر لها على الخريطة السياسية للمنطقة، لكن دون أن تدرك الجهات الداعمة، أن قدر سورية الذي وضعها على مواجهة مع عالم الإرهاب برعاته ومموليه ومنتجيه ومرتزقته وأدواته ، وضعها لرسم وتسجيل الانجازات وتأريخ الانتصارات، وتسجيل الأهداف بجدارة غير مسبوقة، بما يجعل الأطراف المتنافسة مندهشة من مهارة اللعب وحياكة شباك النجاة من الأفخاخ التي وضعت لها.
ربما ينعقد جنيف، وربما يخرج المتحاورون على الفور من قاعة المؤتمر للاحتفال بالاتفاق على شيء ما يرضي السوريين، ويرضي حتى الأطراف التي أثرت إيجاباً وسلباً في تلك الأزمة، ولكن يبقى الحكم الفيصل بما يجري على الأراضي السورية هو التقدم الذي يحرزه يومياً رجال القوات المسلحة الباسلة الذين يسطرون الملاحم والبطولات ويلحقون الهزائم تلو الأخرى في صفوف المتطرفين الكفرة، بدءاً من حلب مروراً بحمص وحماه، إلى القلمون وغوطة دمشق، وليس انتهاء في درعا، بعد أن أقسم الجنود البواسل والأبطال الغر الميامين ألا يهدأ لهم بال إلا بإعادة الأمان إلى ربوع سورية، وتحطيم طموحات تلك الشلل المارقة وأنها لم تعتد النوم على ضيم مهما كانت الليالي حالكات.