مدة الولاية الأولى للسيد الرئيس بشار الأسد حافلة بالتغييرات التي انعكست إيجاباً على المجتمع والاقتصاد السوريين لقد عرف المجتمع السوري تحولاً بازغاً في كل المجالات الثقافية والإعلامية والتوسع في الحريات وتلاحم الوحدة الوطنية الخ.. فقط العميان وأولئك الذين لا يرون أبعد من أنوفهم لم يلحظوا هذه التغييرات الكبيرة التي حصلت في المجتمع ينضم إليهم الحاقدون الذين لا يريدون الخير لسورية ممن ارتهنوا لصالح الخارج أو لا يرون خيراً إلا إذا أصابهم, أو كان نصيبهم فيه أضعاف ما يستحقون منه.
لا يتسع في هذا الحيز من المساحة, الحديث عن الانجازات في كل المجالات ولهذا سوف نكتفي في هذا المقام بالحديث عما تحقق في المجال الاقتصادي.
في الواقع نما الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي, نتيجة السياسة الحكيمة التي انتهجها السيد الرئيس, بمعدل 5% و5,5% في عامي 2004 و2005 على التوالي فقد أوردت بعثة صندوق النقد الدولي في تقريرها عن الاقتصاد السوري في عام 2006 ما يلي: (من المتوقع أن يكون معدل نمو الناتج المحلي غير النفطي قد ارتفع إلى حوالي 5,5% في عام 2005 مقارنة بمعدل 5% في عام 2004).
ويضيف التقرير أن الموافقات على المشاريع الاستثمارية في عام 2004 حققت زيادة هائلة وصلت إلى 200% وزادت بنسبة 80% أخرى في عام 2005 منها المشاريع 30% لمستثمرين أجانب مقابل 15% فقط في عام 2004 فإذا علمنا أن معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي كان في عام 1999 سالباً بنسبة 3,55% وفي عام 2000 كان بنسبة 0,6% فقط تبين لنا مدى الانجاز الذي تحقق خلال ولاية السيد الرئيس الأولى, هذا وعلى الرغم من تراجع الانتاج النفطي وبالتالي انخفاض الصادرات النفطية فقد ارتفعت قيمة الصادرات السورية من 7,52 مليار دولار في عام
2004 إلى 10,7 مليار دولار في عام .2006
من ناحية ثانية فإن صادرات عام 2004 كانت تغلب عليها الصادرات النفطية في حين أن صادرات عام 2006 تغلب عليها صادرات منتجات الصناعة التحويلية و بمبلغ 6 مليارات دولار من أصلها 3,3 مليار من الصناعات النسيجية هذا ما دفع البنك الدولي في تقريره عن سورية إلى كتابة ما يلي: (يبدو أن سورية تمثل طاقة كامنة هائلة للنمو في المستقبل بما تتمتع به من أراض خصبة, موارد طبيعية, موقع استراتيجي... ما يمثل قاعدة للبناء عليها).
ويبدو أن سورية وجدت في قيادة السيد الرئيس بشار الأسد الصانع الماهر الذي استطاع تحويل هذه الامكانات الكامنة إلى طاقات فعالة حركت الاقتصاد بقوة دافعة إلى الأمام وجعلت الشعب السوري بكل فئاته يتمسك بقيادته ليس حباً به فقط بل أملاً بمزيد من التقدم والازدهار على يديه أيضاً.
ونرى ضرورياً الالتزام بما ورد في خطاب القسم للسيد الرئيس عند توليه مهامه في الولاية الأولى حين قال: (والتحليل يحتاج إلى دراسات ونتائج وهي بدورها تحتاج إلى واقع تستند إليه وعندما نقول واقعاً نعني أرقاماً دقيقة والرقم لا يمكن أن يكذب وبالتالي هو صادق وشفاف) وكثيرة هي الأرقام التي تؤكد صوابية السياسة التي انتهجها السيد الرئيس وعمل على تحقيقها بدأب ومتابعة على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
صحيح أن السياسة التي تبناها الرئيس في خطاب القسم وعمل على متابعتها لم تؤتِ ثمارها كاملة بعد ولكن صحيح أيضاً أنها قادت إلى تحسينات جوهرية على المناخ الاستثماري ما انعكس إيجاباً على الأداء الاقتصادي في السنوات السابقة ولكنه سينعكس أكثر إيجابية في السنوات والعقود اللاحقة.
من يتتبع القوانين والمراسيم التشريعية التي صدرت خلال الولاية الرئاسية الأولى باتجاه التحديث والتطوير وتحرير الاقتصاد والسير باتجاه الاندماج بالاقتصاد العالمي يدرك تماماً كيف سينعكس ذلك على تنافسية الاقتصاد السوري في السوق العالمية.
ولعل في هذا يكمن سبب مضاعفة الصادرات الصناعية خلال خمس سنوات بين عامي 2001 و2006 إضافة إلى تحسن ا لكثير من المؤشرات التي لا تمكن الإحاطة بها في بحث قصير كهذا المقال.
ولهذا سنكتفي بمقارنة بعض مؤشرات أداء الاقتصاد في فترتي السنوات الخمس السابقة لولاية السيد الرئيس بشار الأسد 1996- 2000 والسنوات الخمس الأولى من ولاية سيادته 2001- 2005 فعلى مستوى زيادة الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت الزيادة من 8,8% في الفترة الأولى إلى 21,6% في الفترة الثانية.
وعلى مستوى صادرات المواد المصنوعة كانت الزيادة بنسبة 17,3% للفترة الأولى و211,6 للفترة الثانية على مستوى التكوين الرأسمالي في القطاع الخاص فقد كان سالباً بنسبة - 33,9% في الفترة الأولى وازداد بنسبة 390% في الفترة الثانية وتغير التكوين الرأسمالي الثابت في الاقتصاد الوطني بالأسعار الثابتة من سالب بنسبة- 6,7% في الفترة الأولى إلى زيادة بنسبة 52,7% في الفترة الثانية.
ومن حيث التغير في وضع ميزان المدفوعات فقد تحسن الميزان بنسبة 2% فقط في الفترة الأولى وبنسبة 185% في الفترة الثانية وذلك على الرغم من تدني الصادرات النفطية. أما مايتعلق بالاستثمارات الأجنبية في سورية فقد تضاعفت مئات المرات في المدة الثانية عما كانت عليه في المدة الأولى.
وفيما يتعلق بنصيب الفرد من الناتج فقد ازداد بالأسعار الثابتة بين عامي 1999 و 2005 من 40191 ل.س إلى 63242 ل.س وذلك بالرغم من الضغوط والعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على سورية من أجل التأثير في مواقفها القومية ودفاعها عن قرارها السيادي واستقلاله الاقتصادي.
من هنا فإن النظرة السكونية (الستاتيكية) إلى واقع الاقتصاد السوري حالياً لا تعطي صورة صحيحة عن الوضع الاقتصادي وآفاق تطورة المستقبلي ولكن نسب التغير التي حدثت بين الفترتين كفيلة ليس بقياس التحسن الحاصل فحسب بل بإصدار حكم تقويمي صحيح على دينامية حركية التطور الاقتصادي المتوقع وتحقيق الطاقات الكامنة في الاقتصاد السوري في ظل القيادة الحكيمة والشجاعة للسيد الرئيس بشار الأسد.
*وزير سابق