تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نافذة... مشاعر  بندى الوطن

آراء
الخميس 15-12-2011
سليم عبود

-1-   في كل صباح أتساءل، وكثيرون غيري  يتساءلون:

إلى أين نحن ذاهبون في ظل تلك الأحداث  المجنونة، وبتعبير أدق في عتمة هذه المؤامرة التي تنز دماً سورياً غالياً مختزناً لمعارك العرب القومية ؟ ! ..‏

هل مايجري في بلادنا وفي بلدان عربية أخرى  يعكس نقصاً في تكويننا البنيوي ، والجيني ، والفكري ، أم أن أثقال  قرون العتمة العثمانية المأساوية مازالت تتكدس على نوافذ عقولنا لتغلقها تماماً  ، أم أنها سطوة الأفكار التي دخلت على معتقداتنا  عبر فضائيات صهيونية ، وأصوات صهيونية ، لتحدث  هذا الهيجان الجنوني  لمزيد من  التفكك والتهدم والدم   والسقوط أكثر فأكثر في  السوداوية ، لتدفن الأمة  في النهاية  كجيف أنتنت تاريخياً ؟!‏

-2-‏

البارحة ... تابعت ماتبثه بعض القنوات الفضائية..‏

 لايعقل حجم الحقد الذي يضخ على سورية.‏

 قال لي صديق: «الإعلام الصهيوني  أقل تطرفاً وعدوانية».‏

 قلت «هي  فضائيات صهيونية ولكن  أكثر وقاحة » مايحزنني  اليوم هذا الحقد  المسموم بعفن الطائفية البغيضة الذي يريدون استنباته  في وطننا   بين أهالي  الحي والحي ، والشارع والشارع .‏

هذا الذي يجري  لايشبهنا، لايقارب  أرواحنا ، ولا نعرفه من قبل .‏

 مايحزنني أن الأسئلة التي تحمل الاستغراب والتعجب  في الأوقات الغائمة غابت.‏

أعرف كثيرين تجمدت الأسئلة في حلوقهم ، ليس لأنهم مع هذا الذي يحصل ، بل لأنهم فقدوا أصواتهم في وجه الحمقى  الضائعين في مدارات جنون لانعرفه من قبل ،‏

 جنون أتانا بارداً عاصفاً كما يأتي صقيع الجبال .‏

-3-‏

أعرف مدننا السورية الرائعة كأزهار السوسن، أعرف  ريفنا المتوهج بالحب والعطاء الوطني كسنابل القمح الخصيبة..أعرف فيهما  مفكرين وكتاباً وشعراء وسياسيين وإعلاميين ورجال دين ومهندسين ومحامين وأطباء وقضاة تزهر فيهم قيم الوطن  الاجتماعية والثقافية والدينية والإعلامية والمهنية ،  من المؤلم أن  نجد بعضهم   اليوم في غير موقعهم الوطني ، هل غادروا  مواقعهم؟!..  ‏

هل تركوا دورهم لعقول الدم والحقد  بخوف ما ؟! من المحزن  أن يغادر أصحاب العقول والفكر مواقعهم ليتقدم دعاة الدم ، والبغضاء ، والسلاح ، والكراهية ، والحقد ، والتفرقة .‏

 منذ ألف وأربعمئة سنة عاش الناس في بلاد الشام الواسعة إخوة متلاحمين ومتعاونين،  واجهوا أحقاد الغرباء معاً، وكراهية الحاقدين معاً  .‏

لم يكن الناس في زمن النضال والتلاحم الوطني يعرفون المحطات الفضائية، كانوا يتحركون ويناضلون بحسهم الوطني بجيناتهم القومية، بمكوناتهم الأخلاقية، وبسلوكهم المتسم بالتسامح والتعاون ونبذ التفرقة في إطار الوطن، ثقافات هذا الزمن الوافدة تفرق بين الأخ والأخ في المذهب الواحد والدين الواحد والطائفة الواحدة، والمدينة الواحدة والوطن الواحد فلماذا يحدث كل ذلك؟!‏

هل بات صوت الجزيرة أقوى فينا من صوت التاريخ ومن صوت الله ورسوله؟! هل بات هؤلاء الذين يتصافحون مع الصهاينة الأميركيين لتصفية الأمة كوجود تاريخي وحضاري وديني أقوى تأثيراً من رجال صدقوا الله، وواجهوا مشاريع الصهاينة والأميركيين؟!‏

هل صار صوت «حمد صديق وحبيب الأميركيين والصهاينة» أقوى من صوت العروبة؟! أنا على يقين أن تلك الأصوات ستتعرى وتتقشر كأكزيما مرضية، وتتوهج عروبة دمشق، لتطل قمراً، شمساً، من قاسيون إلى جبال الأوراس.‏

-4-‏

سألت رجلاً كان يقدم أمام نفر من الناس قراءة خاطئة للأحداث وأسبابها:‏

لماذا يتقاطع الموقف الأميركي والغربي والإسرائيلي ومواقف بعض الأنظمة العربية، ومواقف من يسمون أنفسهم جماعة اسطنبول، ومواقف أردوغان الذي جاءت به المخابرات الأميركية إلى السلطة للعب دور راح يسفر عن وجهه اليوم بوضوح وحماقة ووقاحة؟! هل نصدق أن «إسرائيل» وأميركا والغرب الاستعماري وقادة الأنظمة المستسلمة حريصون على شعبنا العربي السوري، وعلى حقوق الإنسان في وطننا؟!‏

من الغباء يا صديقي أن نصدق الغرب العدو، والعثماني الأحمق، والحاكم العربي المُعيّن بقرار من سايكس بيكو، هؤلاء جميعهم تآمروا على العروبة، مولوا بوثائق موثقة نكسة حزيران وحرب غزة وعدوان إسرائيل على لبنان، والحرب العراقية الإيرانية، وقتلوا عبد الناصر وياسر عرفات؟‏

-5-‏

سورية على صواب في مواقفها وتوجهاتها الوطنية والقومية.‏

سورية على صواب لأن أميركا في مواجهتها، وإسرائيل في مواجهتها، والمستسلمين العرب في مواجهتها..‏

أستطيع أن أجزم أن ما يحدث ليس أكثر من عاصفة عابرة وسننتصر مراهناً على وعي شعبنا وعلى نقاء معدنه القومي والوطني.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية