تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءة في حدث... معاً..دائماً

آراء
الخميس 15-12-2011
د. اسكندر لوقا

يكاد لا يخلو يوم من أيام السنوات الأولى من القرن الفائت إلا ويبرهن على أن أطماع المستعمرين الفرنسيين في بلادنا تزداد وضوحاً حتى اليوم، وحين نذكر بلادنا لا ننسى أننا في سورية ولبنان معاً كنا نعاني من هذه الظاهرة.

وفي سياق تذكر بعض من أحداث سنة 1918 على سبيل المثال لا الحصر، نذكر أن ساحل البحر الأبيض المتوسط وتحديداً ساحل مدينة الإسكندرونة في شمال سورية، شهد نزول قافلة من الجنود الفرنسيين مدججين بأسلحتهم وتمكنوا من فرض الاستيلاء على مرفأ الإسكندرونة بعد مواجهة شعبية ضارية من قبل المواطنين الذين تصدوا للغزاة بما كانوا يمتلكون من أسلحة تقليدية، ومروراً بالميناء، من ثم تابع جنود الاحتلال سيرهم باتجاه الجنوب وصولاً إلى مرفأ بيروت وتمكنوا من السيطرة عليه أيضاً بعد مواجهة شعبية ضارية أخرى في مواقع القتال مع الغزاة.‏

ودائماً كانت سورية ولبنان هدفين للاستعمار الفرنسي في بداية القرن العشرين، وذلك عملاً بما نصت عليه الاتفاقية التي سبق أن تم التوقيع عليها بين الحكومتين الفرنسية والبريطانية في السادس عشر من شهر أيار من العام 1916، وعرفت باسم اتفاقية سايكس - بيكو، الاتفاقية التي يسعى أحفاد الغزاة الفرنسيين في الوقت الحالي لإعادة تفعيلها فوق أرضنا العربية، وهم يعلمون تمام العلم أن الظروف المحلية في المنطقة، كما الظروف الدولية قد تغيرت بما في ذلك معطيات إمكانية ضخ الروح فيها من جديد.‏

إن سورية ولبنان قد اختبرتا منذ عقود طويلة، اختبرتا تبعات وتداعيات الاستعمار الأجنبي لأراضيهما، أي قبل ما يقارب مئة عام، ومع ذلك يتجاهل هؤلاء الأحفاد أن ثمة تحولات بالغة الأهمية قد حدثت على الأرض في منطقتنا تحول دون تحقيق خططهم الرامية إلى تمزيق المنطقة مجدداً على نحو اتفاقية عام 1916، ومن أبرزها أن المواطن في هذين البلدين لم يعد يخفى عليه ما وراء الوعود، على غرار وعود الحلفاء أيام الحرب العالمية الأولى 1914-1918 بعد أن تكشف لهم زيف تلك الوعود، كما لم تعد تخفى عليه المحاولات جميعها التي جرى التخطيط والتي يجري التخطيط لها كي تجعل شرخاً في الموقف بين البلدين الشقيقين اللذين تقاسما الحلو والمر على مدى عقود طويلة خلال القرن الماضي، ولم تفلح الخطط لأن يقظة أبناء شعبي هذين البلدين تبقى كما بقيت بالأمس حاضرة في الذاكرة الشعبية لديهم، ومن هنا يزداد الصخب من حولهما كما نقرأ ونسمع في أيامنا الحالية بغية الفصل بين مصلحتي البلدين في سياق وحدتهما المصيرية وما يحيط بالمنطقة من مخاطر قد تكون مقبلة على مواجهتها في أي وقت من الأوقات بتلاحم أبناء سورية ولبنان معاً، وثمة إشارة لايمكن أن يتجاهلها أحد في ضوء موقف لبنان في الجامعة العربية .‏

إن زمن النزول في هذا المرفأ أو ذاك من مرافئ سورية ولبنان قد ولى، والمستعمرون، فرنسيين كانوا أم غير فرنسيين من فرسان التبجح الاستعماري في الزمن الراهن، يعلمون ذلك علم اليقين، ولكنهم مع ذلك وبتجاهل الواقع على الأرض السورية واللبنانية على حد سواء، يصرون على تجاهل هذه الحقيقة، ومن هنا يزدادون حنقاً، ولهذه الاعتبارات جميعها لابد أن يدفعوا ذات يوم قريب ثمن هذا التجاهل، وخصوصاً على وقع الصفعة القوية التي سوف يتلقونها على وجوههم من أيدي أبنائنا في سورية ولبنان معاً لا مفر.‏

Dr-louka@maktoob.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية