تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نازك الملائكة في ذكرى رحيلها.. أخــذت اســــــمها مـــــن نــــازك العابــــد.. وتتلمـــــــذت علــــــى يـــــــد مـــــاري عجمــــي

ثقافة
الأربعاء 23-6-2010م
محمد قاسم الخليل

في العشرين من حزيران من عام 2007 رحلت الشاعرة نازك الملائكة التي تعد في مقدمة المجددين في الشعر العربي،وكانت تظن أنها أول من كتب الشعر الحديث ثم تراجعت بعد أن عرفت أن هناك من سبقها إليه، لكن من المؤكد أن الشعر الحديث الحر لم يشتهر إلا من خلال قصائدها إلى جانب مواطنها بدر شاكر السياب.

ولدت نازك في بغداد يوم الأربعاء 23/8/1923 ونشأت في بيت علم وأدب فأمها سلمى عبد الرزاق شاعرة أصدرت ديواناً بعنوان (أنشودة المجد) وأبوها الأديب صادق الملائكة، وكانت سمراء نحيلة سوداء الشعر لا تعنى بهندامها جدية، وكانت صحتها ضعيفة فهي دائماً مزكومة.‏

وقد تلقت تعليمها الأكاديمي في جامعات عربية وأميركية وبريطانية وعملت بالتدريس والبحث في عدة جامعات، وكانت أم براق تجيد من اللغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية وتحمل شهادة باللغة العربية وماجستيراً في الأدب المقارن من جامعة وسكونس الأميركية.‏

ونازك الملائكة شاعرة وناقدة لها العديد من المجاميع الشعرية والدراسات النقدية وعاشت حياة حافلة بالعلم والشعر،لكنها كانت لا تحب الأضواء ووصل الأمر بها إلى العزلة الكاملة في العقد الأخير من حياتها، وإلى درجة أن كثيراً من الصحف العربية نشرت خبر وفاتها في عام 1991، وبعد أن مرضت نزلت القاهرة مع ابنها وزوجها، وظلت فيها حتى وافاها الأجل.‏

ونجد من المناسب في ذكرى وفاتها أن نذكر أثر رائدتين سوريتين في حياة وأدب نازك الملائكة، ويبدأ هذا الأثر من اختيار الاسم، ثم تلقيها جانباً من علوم العربية على يد ماري عجمي.‏

وكانت قصة اختيار الاسم لتسمية الطفلة أنها ولدت عقب اندلاع الثورة ضد الاحتلال الفرنسي لسورية التي شاركت فيها المناضلة السورية نازك العابد، وكانت الصحف إذ ذاك تطفح بأنباء كفاحها، فرأي جد الطفلة أن تسمى نازك إكراماً للثائرة وتيمناً بها.‏

وكان لها حكاية مع الأديبة السورية ماري عجمي فقد درست نازك في دار المعلمين العالية ببغداد وتخرجت في عام 1944، وكان ضمن أساتذة الدار في النصف الأول من الأربعينيات ماري عجمي، وقد بدأت بشكل غير ودي وانتهت إلى علاقة وإعجاب متبادل.‏

تقول نازك في مذكراتها: كانت دروس اللغة العربية شديدة الإمتاع لي، وقد لقيتُ أول مدرسة أدركت مواهبي، وشهدت بثقافتي الواسعة، كانت المدّرسة عجوزاً غريبة الطباع واسعة الاطلاع، اسمها ماري عجمي، وقد سبقتها إلينا شهرتها بأنها أعظم مدرسة للغة العربية في الشرق كله، لا كسائر معلماتنا السابقات،وترامت الأنباء من الصفوف المجاورة أنها إنسانة جافة، خشنة الصوت، قصيرة القامة، تتكلم بالفصحى.‏

وتروي نازك كيف نشب جدال مع معلمتها حول كلمة، وكيف وصفتها ماري بالمغرورة وطلبت منها أن لا تقاطعها، كما تروي كيف جلست واجمة، وقررت أن تتحدى أستاذتها،وجاءت الفرصة عندما تحدثت ماري عن أحمد أمين وأثنت عليه وكانت نازك قد قرأت مقالات زكي مبارك المشهورة جناية أحمد أمين على الأدب العربي، فنهضت نازك وقالت: أنا لا أعد أحمد أمين عربياً، ولا اديباً، ولا لغوياً.‏

واتسعت عينا ماري وقالت: أنت جريئة جداً في أحكامك! كيف توصلت إلى هذا الحكم؟‏

وتحدثت نازك عن تفضيل زكي مبارك على أحمد أمين وفي هذه اللحظة رن صوت الجرس وخرجت المدّرسة غاضبة من نازك ثانية.‏

وكانت المدرسة تحسبها مجادلة تتظاهر بثقافة لا تملكها، ولذلك انفجرت تعنفها أمام الصف، وتتحدث عن الغرور والتظاهر، وطلبت أن لا تعارضها حين تتكلم، وكان الموقف مؤلماً.‏

وكان الشيخ محمد عبده واسطة التصالح بين المعلمة ماري والتلميذة النجيبة نازك، عندما حان موعد امتحان مفاجئ أرادت منه المعلمة قياس الثقافة الذاتية لتلميذاتها، وطلبت منهن كتابة موضوع عن محمد عبده، فكتبت نازك موضوعاً بلغ طوله ست صفحات في حين سلمت كثير من زميلاتها أوراقهن نصف فارغة.‏

في الصباح التالي دخلت المعلمة ماري منفعلة جداً ثم قالت: «نازك، أريد أن اعتذر إليك، لقد ظلمتك حتى الآن ولم أكن اعلم أنني أمام تلميذة موهوبة حقاً.»‏

وأصبحت العلاقة بين ماري ونازك علاقة إعجاب وتحدثت نازك عن حبها فقط لهذه السيدة الكريمة النبيلة حسب تعبير نازك وأنها تحترمها احتراماً لاحد له، وتشعر تجاهها بالصغر والضآلة وتود بأي أسلوب محو ذكرى الأسبوع الأول معها يوم تحدتها.‏

وقد أصيبت ماري عجمي بمرض قبيل امتحان نصف السنة،ولزمت فراشها وقررت نازك أن تزورها بصحبة صديقات لها،وكان لهذه الزيارة وقع طيب في نفس ماري وتنبأت لها بعلو الشأن، لكن ماري لم تكمل مسيرتها التعليمية في بغداد بسبب المرض وعادت إلى بلادها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية