منذ أيار عام 1948 حاول العرب أن يلتقوا بعواطفهم وأفعالهم ,فجردوا جيوشهم لإنقاذ فلسطين السليبة ومحاربة إسرائيل,لكنهم خسروا وتم تحميل الهزيمة للاستعمار, ولا جاهزية الجيوش الفتية للحرب... وصدر قرار التقسيم ولم يقبل به العرب ورفضوا الاعتراف به, لكن إسرائيل أقامت دولتها على أرض فلسطين وشرد الفلسطينيون وأقيمت المخيمات في دول الجوار... وحضّر العرب أنفسهم لحرب جديدة , فكانت جولة عام 1967 وكانت النكسة الكبرى واحتلت إسرائيل الضفة والقطاع والجولان وسيناء ,وصدرت قرارات الأمم المتحدة بالإدانة ولكن إسرائيل بقيت في هذه الأراضي , وهبّ العرب من جديد عام 1973م وتمكنوا من تحقيق الانتصار الأول على إسرائيل ,ولكنه تحول إلى انتصار معنوي رغم استعادة بعض الأجزاء المحتلة في سيناء والجولان.
إن ما قامت به إسرائيل خلال هذه الحقبة, لم يكن لينجح لولا الدور الذي قامت به الولايات المتحدة خلال هذه الفترة لتنفيذ رغبات إسرائيل وتحقيق طموحاتها, وما قامت به أميركا لخدمة إسرائيل في المنطقة العربية, لا يقل أهمية عما قامت به إسرائيل في فلسطين , فمنذ أن ورثت أميركا مهمة رعاية المصالح الإسرائيلية من بريطانيا في بداية خمسينيات القرن الماضي ,بدأت تخطط لطموحاتها الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية في المنطقة على أساس وجود حليف قوي يستفيد من هذه الاستراتيجية ويساعد على تنفيذها وهذا ما كان...
وبدا الدور الأميركي واضحاً منذ عدوان 56 على قناة السويس وحرب 67 والضغط على الأنظمة العربية للقبول بوجود إسرائيل في منظومة ما يسمى بالشرق الأوسط على طريقة الخطوة خطوة الكيسنجرية . ستون عاماً مضت على النكبة ونحن في نكبة أكبر لكثرة مشكلاتنا وتشتت قرارنا , ولكن الشعوب العربية ما زال فيها الخير والأمل , وما زال الضمير العربي حياً وهو يقف بصدق مع المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق ,و تمكنت المقاومة بعد انتصارها في حرب تموز 2006 من إيقاد شعلة الحياة في نفوس العرب , وأوقعت الرعب في قلب إسرائيل, وتمكنت من زرع الأمل في مقاومة غزة ودعمها. وها هي الآن إسرائيل ترزح تحت صواريخ القسام التي تتساقط على مستوطناتها , وبدأ المستوطنون بالتفكير بالرحيل من إسرائيل هرباً من الخطر القادم, وتعلقت الشعوب العربية بهذا الإشعاع القادم من داخل النفق المظلم بعد صمود المقاومة في غزة والعراق ولبنان ,وبالعزيمة والإيمان ذاتهما تقف الشعوب العربية الممانعة مع سورية في وجه المخططات الأميركية والإسرائيلية, والمتابع لمجريات الأحداث يلحظ الخطر الذي تشعر به إسرائيل من محور المقاومة والممانعة الذي خلق ما يسمى بتوازن الرعب مع الكيان الصهيوني, والذي لا تردعه غير القوة, لذلك نرى هذا التركيز الأميركي على محاربة سورية , وتهديد إيران الدولة الصديقة التي تدعم هذا المحور وتهدد إسرائيل , ويزداد هذا الضغط والتركي بمقدار الخوف على مستقبل إسرائىل وكيانها التي تحاول معالجة سيناريوهات الأخطار التي ستلاقيها, فهي أعجز من أن تقاوم كل هذه الأخطار...
مجموعة من الأخطار تبشر بنهاية غير سعيدة , وقد بدأت التنبؤات تبشر باقتراب نهاية إسرائيل ,فها هو إبراهام بورغ رئيس الكنيست السابق يقول في كتابه / الانتصار على هتلر/ : (إن الوجود الروحي لليهود أزلي ,بينما الوجود السياسي مؤقت وإسرائيل مؤقتة, ويتابع قائلاً: إن الشعب اليهودي جوّال منذ البداية ,وإسرائىل محطة على الطريق )ويدعو بورغ كل يهودي في إسرائيل أن يكون معه جواز سفر إلى بلد آخر...
أما الكاتب الأميركي الصهيوني بنيامين شفارتس فقد كتب منذ عام في صحيفة أتلانتك وتوقع زوال إسرائيل ,كما توقع زوال الاتحاد السوفييتي سابقاً,وتساءل في مقاله هل ستبقى إسرائيل لتحتفل بمرور مئة عام على وجودها مع المؤشرات الديمغرافية الحالية ورفض المحيط العربي لوجودها...?
وختاماً نقول: إن الأمل يخلق القوة ,والإيمان يحمي القوة,والمقاومة هي الأمل الباقي لهذه الأمة, والمقاومة مع الأمل والإيمان ,وقوة الحق هي الأقوى والأبقى مهما دام العدوان.