ثمة موجة عامة من الرغبة والحماس في التغيير السياسي تكاد تسود الولايات المتحدة بكاملها. فقد أشارت استطلاعات الرأي العام الأخيرة إلى أن 75 بالمئة من الأميركيين يعتقدون أن البلاد تسير باتجاه الطريق الخطأ. هذا الاعتقاد بحد ذاته هو إدانة قاسية للرئيس الحالي جورج بوش, الذي يعد الرئيس الأسوأ في التاريخ الأميركي المعاصر. وبالقدر نفسه توجد إدانة إلى الحزب الجمهوري الذي لم يعد بمقدوره مواصلة صعوده السابق في السياسات الأميركية. وبالتالي لم يعد - للجمهوريين- ذلك النفوذ الذي تمتعوا به سابقاً سواء في دوائر المصالح الاستثمارية, أم على صعيد النفوذ السابق ل المحافظين الجدد أو المتدينين المتطرفين منهم. وقد بدأ هذا العد التنازلي (للحزب الجمهوري) منذ الانتخابات النصفية التي أجريت عام .2006
في الانتخابات الرئاسية الأميركية يلاحظ بروز اتجاهين رئيسيين فيها: الأول, المال الذي يؤدي دوراً كبيراً في الحملات الانتخابية, وكما هو معلوم, فإن المانحين والمتبرعين للحملات الانتخابية, لهم نفوذهم بلا ريب, وعندما تتوفر الأموال الكافية بيد أحد المرشحين, سيكون بمقدوره التفوق على منافسيه من ناحية الإنفاق على الإعلانات التلفزيونية, وهي ميزة كبيرة لأي مرشح في بلد يدمن أهله مشاهدة التلفزيون, وفي هذا الإطار, يلاحظ كسر الحملة الانتخابية الرئاسية الحالية للقاعدة العامة التي درجت عليها الحملات السابقة, وهذا يعني أن مصادر التمويل الانتخابي لم تعد بيد - الجمهوريين - الذين كانت لهم اليد العليا فيها تقليدياً, والمعروف أن ثمة مجموعات مصالح صغيرة ومحدودة الحجم نسبياً, مثل مجموعة اليهود الأميركيين, عرفت بتأثيرها الكبير على الحملات الانتخابية لكلا المرشحين (الجمهوريين والديمقراطيين) بسبب تبرعاتها الكبيرة لميزانيات تلك الحملات.
لكن هذه المرة, فقد تمكن المرشح الرئاسي الديمقراطي - باراك أوباما - من جمع موارد مالية ضخمة لحملته عبر شبكة الانترنت, وذلك بتبرع مئات الآلاف لمصلحة حملته بمبالغ مالية صغيرة أقل من مئة دولار في كثير من الأحيان. وهكذا أحدثت شبكة الانترنت ثورة في طريقة تمويل الانتخابات الأميركية, وقد حررت - أوباما - من الاعتماد على كبار المانحين كما هي العادة سابقاً.
هذه التحولات أثارت حفيظة مجموعات الضغط اليهودية, التي نظرت إلى - أوباما- بأنه لا يبدي من الدعم ومشاعر التعاطف ما يكفي تجاه إسرائيل. وبالمقابل منح -المحافظون الجدد - الموالون لإسرائيل, دعماً هائلاً للمرشح - الجمهوري - جون ماكين , باعتباره منقذهم الوحيد من هذه العاصفة السياسية المتجهة صوب أميركا.
أما الاتجاه الثاني البارز في الحملة, فله علاقة كبيرة بالايديولوجيا, فلم يعد الجمهور (يبتلع آراء الرئيس بوش) ولا سيما تلك المتعلقة منها بسياساته الخارجية, ونزعته العسكرية وحروبه الاستباقية, واليوم يقول 60 بالمئة من المستجوبين الأميركيين في الاستطلاعات الأخيرة إن سياسات بوش الخارجية أضعفت بلادهم داخلياً وتحجم دورها العالمي.
والسؤال القائم الآن هو: هل إن الديمقراطيين على ثقة من وصولهم إلى سدة الرئاسة في البيت الأبيض? الإجابة, بالتأكيد إنهم سيبسطون نفوذهم وهمينتهم على مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس بأغلبية ساحقة. أما وصولهم إلى البيت الأبيض, فهذا موضوع مختلف ويصعب التنبؤ به جداً في الوقت الحالي.
وفي الوقت الذي يعتقد فيه الكثير من الناخبين أن أوباما أصغر سناً لتولي المنصب الرئاسي, فإنه في الوقت نفسه, يعتقد الكثيرون أن - جون ماكين - عجوز جداً على الرئاسة طالما أنه أصبح في الحادية والسبعين من عمره, لكن حتى يفوز - ماكين -بالمنصب الرئاسي, فإن عليه أن يخوض هذه الانتخابات ضد حزبه - الجمهوري - الذي أغضبت سياساته غالبية الأميركيين ومست حياتهم سلباً في كل شيء تقريباً..
الانترنت - عن موقع gulf news