لكن أن يمنح كل مايملك أو يأخذ منه الآخرون مقتنياته بسهولة, تحول صفة الكرم هذه والتي يفترض أن تبعث بالسرور إلى قلوبهم إلى مصدر قلق لهم. وخاصة عندما يلمسون أن عطاءه وكرمه يأتيان على حساب سعادته ونجاحه وتكوين شخصيته. لأنه من غير المعقول أن يتحول الكرم إلى نقطة ضعف لديه ووسيلة لابتزازه مادياً وعاطفياً من قبل الآخرين. على هذا الطفل أن يتعلم اختيار مايريد تقديمه لأصدقائه, ولسبب معين أو مناسبة محددة كنجاح أو مرض أو عيد ميلاد, وليس لأي سبب كان.
كيف يمكن مساعدة الطفل إذاً في فهم الفارق مابين التبذير والكرم? سؤال طرحناه على عدد من الأمهات وكان جوابهن تقريباً واحداً, وهو أن أكثر الأطفال تخلوا عن اللعبة أو أي شيء آخر بسهولة إذا فقدوا الاهتمام به مقابل الحصول على لعبة جديدة تثير اهتمامهم بصرف النظر عن قيمة الأشياء المتبادلة.
وفي هذه الحالة على رأي الدكتورة مرح شحادة :على الأهل أن يطلبوا رؤية مايرغب الطفل في إعطائه, فإذا كانت الهدية بسيطة فلا مانع من ذلك, لكن أن يقوم بإهداء هدية غالية الثمن فهو أمر مرفوض وعليهم أن يتشاركوا مع طفلهم في تقديم الهدية قبل أن يقدمها. وفي حال قدمها من دون الرجوع إليهم وأراد استعادتها وجب عليهم ألا يتدخلوا.
هنا تدخلت الدكتورة دانية: هنا تقع الكارثة عندما يرغب الطفل في استعادة ماسبق أن تخلى عنه أو منحه هدية ولاسيما إذا كان هذا الشيء لعبته المفضلة. أو كان ذا قيمة مادية, فتصرّف الطفل هذا يجره دوماً إلى الوقوع في مشكلات مع الأطفال الآخرين.ويرغم أهله على التدخل لفض النزاع واستعادة مثلاً ساعته التي أعطاها إلى طفل آخر من دون مناسبة مقابل حصوله على لعبة تافهة.
هنا على الأهل أن يعلموا طفلهم مفهوم الهدية والفارق بينها وبين الإعارة, عندما يقرر أن يقدم هدية إلى أحدهم عليه أن يفهم أنه لن يتمكن من استعادتها, لأنها أصبحت ملكاً لغيره. وعليهم ألا يخضعوا لدموعه وألا يتدخلوا لاستعادة هديته كي يترسخ في ذهنه الفرق بين الإعارة والهدية.
وبرأي السيدة إيمان حصري : يجب على الأهل التدخل في حال كانت الهدية التي قدمها ابنهم قيّمة وعليهم أن يفهموه أنه لايمكن دوماً تقديم هدايا غالية الثمن ولاسيما إذا كانت من الأشياء التي وفرها أهله بعد بذل مجهود كبير في العمل لتوفير المال اللازم لشرائها ولكي يحتفظ بها حتى يكبر.
وقد يخفي هذا الكرم الزائد برأي السيدة مريم بيضون - مدرسة رياض أطفال نقصاً في شخصية الطفل وقد يكون تصرفه هذا وسيلة له للتعويض عن نقص عاطفي فيلجأ إلى إسعاد الآخرين وإعطائهم الهدايا ليضمن وجودهم بقربه, في هذه الحال وجب على والدته أن تعتني به أكثر وخاصة بعد ولادة شقيق جديد له كما يمكنها أن تحثه على الانخراط في نشاط جماعي يقدم له فرصة خلق روابط مع أطفال آخرين, ومن دون الحاجة إلى إهدائهم أي شيء.