يرى الخبراء إن الميلاتونين هو سر التمتع بالحيوية إلى أمد بعيد, ويمكن أن يشفي المرضى من السرطان وأمراض القلب والكآبة والخبل, كما إنه يعزز مناعة الجسم ويخفض ضغط الدم المرتفع.
ويعمل الميلاتونين أحياناً كهرمون ونجده في أحيان أخرى شبيهاً بالفيتامين, ومع ذلك فإن الكثير منا لا يعرف شيئا عن هذه المادة المعجزة الموجودة في جسم الإنسان وفي كل كائن حي تقريبا من الفقاريات واللافقاريات ووحيدات الخلية والجراثيم. فمادة الميلاتونين هي واحد من أقدم الجزيئات, ويعتقد أنها المفتاح الأساسي في البقاء على قيد الحياة والتمتع بالصحة الجيدة.
يشار إلى الميلاتونين على أنه هرمون الظلمة, ويعود سبب ذلك إلى أن إنتاجه عند الإنسان والحيوان يبدأ في الظلام حصرا ويتوقف في النهار وتبلغ ذروة إنتاجه عند منتصف الليل. لذلك فهو يؤدي دور المؤشر للوقت وينسق العلاقة بين الليل والنهار والنوم واليقظة.
ويعتقد العلماء أن وصف هذه المادة لعلاج بعض مشاكل النوم هو أمر دليله ثابت وفائدتها لا مجال لنقاشها, بالإضافة إلى آراء أخرى تتحدث عن فوائدها الصحية القائمة على تجارب مختبرية ودراسات على الحيوانات أكثر منها تجارب سريرية على الإنسان.
ولكن دور جزيئات الميلاتونين في صحتنا ما زال يمثل لغزا محيرا وعلينا فك أسراره.
ان المعلومات المتوفرة حتى الآن تشير إلى أن الميلاتونين تفرزه خلايا موجودة في الغدة الصنوبرية الواقعة في مركز الدماغ.
ويعود هذا الاسم (الصنوبرية) إلى أن هذه الغدة تشبه مخروط الصنوبر الصغير, وكان يعتقد لفترة طويلة أن هذه المادة هي بقايا عضو أولي حساس للضوء.
ولهذا السبب ينظر بعض العلماء أحيانا إلى الغدة الصنوبرية على أنها (العين الثالثة) فهي تلعب دورا هاما لدى ممارسة اليوجا وبعض أنواع رياضات التأمل, بينما اعتقد الفيلسوف الفرنسي (رينيه ديكارت) أنها مسؤولة عن الوعي. ولكن بات معروفا اليوم أن الغدة الصنوبرية هي جزء من نظام الغدد الصماء, وهي مجموعة من الغدد تتضمن الغدة النخامية, الغدة تحت المهادية في الدماغ, الغدة الدرقية والغدة الكظرية, والتي تعمل جميعها على إبقاء الجسم في حالة انسجام مع البيئة التي يعيش فيها من خلال إنتاج مختلف أنواع الهرمونات التي تعمل نواقل كيميائية.
والميلاتونين هو أحد تلك النواقل. وهو ناقل طاقة (عصبي صماوي), أي انه يقوم بتحويل النشاط العصبي إلى إشارة هرمونية ويضبط حالة الانسجام بين أجسادنا والساعة الخارجية. وتقول البروفسورة جوزفين اريندت, المديرة الفخرية لمركز علم البيولوجيا الزمنية التابع لجامعة (سوري), إن (الميلاتونين يعمل على تنظيم إيقاع ساعتنا البيولوجية الداخلية, فإذا وجد في الصباح الباكر سيقوم بتقديم دورة النوم اليقظة وتستيقظ بصورة أبكر من المعتاد . ولكن إذا ما جاء متأخرا في الليل ستصحو متأخرا). فالميلاتونين يحث على النوم عندما تحين ساعة التوجه إلى الفراش وذلك من خلال إخماد نشاط النواة فوق التصالبية في الدماغ وتخفيض حرارة الجسم.