ونشرت في صحيفة الغارديان البريطانية, وذلك في مناسبة عزم دولة الكيان الصهيوني على الاحتفال ب قيام إسرائيل في الخامس عشر من شهر أيار من عام.1948
ويلاحظ قارىء العريضة أن ثمة شخصيات سياسية بارزة على الساحة البريطانية تناهض دولة الإرهاب إلى قولهم :إننا لايمكننا الاحتفال بيوم ولادة الدولة القائمة على الإرهاب.
وفي السياق المتصل, تضيف العريضة إن إقدام هذه الدولة على اقتلاع الناس من أراضيهم وفرض العقوبات الجماعية على السكان حرمانهم من حقوقهم المشروعة, كل ذلك يمنعنا من حضور الاحتفال والمشاركة فيه.
وبطبيعة الحال فإن هذه الوقفة لاتسمح بتعداد المجازر التي رافقت قيام دولة الإرهاب في العام1948 على أرضنا العربية المغتصبة في فلسطين, بيد أن هذا لايمنع من الإشارة إلى أن قيام هذه الدولة لم يكن عملاً عفوياً بل كان تنفيذاً لأول صيحة صهيونية سجلها التاريخ أطلقها يهودي فرنسي في التاسع والعشرين من شهر آب من عام.1798
في اليوم المذكور ناشد هذا الرجل الذي لم تدون المراجع المتخصصة اسمه, ناشد أبناء قومه أن يؤلفوا مجلسا أعلى مقره العاصمة الفرنسية مهمته ما أسماه إرجاع اليهود إلى وطنهم!
وفي إطار هذه المناشدة, وصف صاحب الصيحة الصهيونية أبعاد هذا (الوطن) بأنه يشتمل على مصر السفلى, ويمتد شرقا إلى الجهات المتاخمة, وينتهي بخط يمتد إلى بلدة عكار فإلى البحر الميت. وأضاف بالحرف: إن هذا الوطن سيمكننا من السيطرة على ملاحة البحر الأحمر وعلى تجارة إيران وآسيا, كذلك سوف يمكننا من السيطرة على تجارة الهند بلاد العرب وإفريقيا الشرقية والجنوبية.
يمثل هذه الرؤية الاستعمارية التوسعية, ما فتئت الحركة الصهيونية تعمل على تحقيق ما أضمرته للسيطرة على نصف الكرة الأرضية وإن كانت بعد هذا التاريخ قد تمكنت من مد نفوذها وصولاً إلى ما وراء البحار, إلى الولايات المتحدة الأميركية, حيث لها كلمتها في إدارة شؤونها الخارجية, كما هو واضح الآن لمن يتتبع أحداث العالم المهدد بالتدمير, بحجة شعارات تتناقل أصداءها وسائل إعلام العدو ومن يتحالف معه.
ضمن هذه الرؤية المحددة, يواجه عالمنا أشرس ما يمكن أن يواجه البشرية في عصر لم يعد يبدو جليا ماذا يخبئه للمستقبل القريب أو البعيد نسبياً على حد سواء.
ومع ظهور هذه الوثيقة في صحيفة بريطانية, على الرغم من مواقف الحكومات البريطانية السابقة في تأييد الحركة الصهيونية ونواياها التي ترجمت في العام 1917إلى وعد معلن على لسان اللورد بلفور, فإنها - الوثيقة- لابد أن يكون لها معنى ما في ذاكرة الموقعين عليها, وبينهم عدد من الباحثين وأساتذة الجامعات وأنصار حق الإنسان الفلسطيني بالعيش بعيداً عن ظروف القهر الذي يمارس ضدهم من قبل الذين احتلوا أراضيهم واعتدوا على أرزاقهم واغتالوا أحلام أطفالهم.
إن الخامس عشر من شهر أيار من العام الحالي هو يوم ذكرى وصمة العار التي ارتسمت وستبقى آثارها واضحة في ذاكرة أبناء عرب اليوم والأجيال الآتية على جبين صانعي مأساة فلسطين,إلى حين انتصار الإرادة العربية على أعداء الأمة.