تجليات حوار الحضارات عند قباني
عرض الدكتور عبده عبود أستاذ الأدب المقارن في جامعة دمشق لجملة ما أحدثه الشاعر الكبير في نفسه ونفس أقرانه باعتباره المعبر عن جراحهم النازفة ,فقد كانوا ينتظرون كل قصيدة لنزار بفارغ الصبر ويتداولونها فيما بينهم وقد انطبعت في ذاكرته قصيدة» الممثلون « التي قرأها وهو في الغربة الألمانية فقد كان كملايين المواطنين العرب في أمس الحاجة إلى من يعبر أدبيا عن سخطهم وغضبهم لهزيمة الخامس من حزيران وفي المقطع الخامس منها يقول :
متى سترحلون ?
المسرح انهار على رؤوسكم
متى سترحلون ?
والناس في القاعة يشتمون ..يبصقون .
نبوءات قباني
أما الزميل /ديب علي حسن /فقد قدم بحثا بعنوان نبوءات الشاعر نزار قباني في الشعر حيث قال عنه : هو شاعر الرؤية رأى بعين زرقاء اليمامة ملامح من القادم وأشار إلى بعضها وإحداها تقول : مرسوم بإقالة خالد بن الوليد حيث تحدث قباني عما أصبح واقعا بيننا نحن العرب ,أو ما يقدم عليه بعض المترفين الغربيين وهم ليسوا إلا رأس جبل الجليد الذي سيظهر يوما بعد يوم .
سرقوا منا الزمان العربي
سرقوا فاطمة الزهراء من بيت النبي
يا صلاح الدين
باعوا النسخة الأولى من القرآن
باعوا الحزن في عيني علي
وما أشبه ما يحدث اليوم بما قرأه نزار في صفحات الغيب في هذا الزمن الرديء ,ممنوع على العربي أن يشعر أنه حر وأنه صاحب أرض ووطن ,كما لفت نزار لاغتيال بطولات الماضي وتحريمها في الحاضر والقادم
سرقوا منا الطموح العربي
عزلوا خالد في أعقاب فتح الشام
سرقوا من طارق معطفه الأندلسي
وفي رائعته /أنا ياصديقة متعب بعروبتي / وكانت ألقيت في تونس عام 1980م ,يقرأ الحال العربي وحال ثرواته وحكامه آنئذ واليوم وغدا ,يقول :
والعالم العربي .. إما نعجة ..مذبوحة أو حاكم قصاب
والعالم العربي يرهن سيفه ..فحكاية الشرف الرفيع سراب
ونزار رأى السواد القادم ,رأى أنه بداية فجر يأتي رويداً رويداً ,وفي مجموعته /منشورات فدائية على جدران إسرائيل / يقول :
لا تسكروا بالنصر
إذا قتلتم خالدا
فسوف يأتي عمر
وإن سحقتم وردة
فسوف يبقى العطر
من قصب الغابات
نخرج كالجني لكم
من ورق المصحف نأتيكم
من السطور والآيات لن تفلتوا من يدنا .
نساؤنا يرسمن أحزان فلسطين على دمع الشجر
يقبرن أطفال فلسطين بوجدان البشر
نساؤنا
يحملن أحجار فلسطين إلى القمر ..
وكان نصراً في الجنوب
قباني يقرأ نصر الجنوب
وفي عام 1985 كتب نزار السيمفونية الجنوبية الخامسة وكأنه يكتبها اليوم ,كأن يقرأ النصر الذي رأيناه وصنعناه ويدفع ثمنه من يخزنون النفط حيث يقول نزار :
سميتك الجنوب
يا لابسا عباءة الحسين
ومشمش كربلاء
يا شجر الورد الذي يحترف الغذاء
يا ثورة الأرض التقت بثورة السماء
يا جسدا يطلع من ترابه
قمح وأنبياء
يا سيدي : يا سيد الأحرار : لم يبق إلا أنت
في زمن السقوط والدمار .
ونزار قباني نثره مبدع كما في شعره ,عبر عن آرائه السياسية في مقالات نشرتها صحف ومجلات عربية ومن يقرأ كتابه (شيء من النثر ) الصادر عن منشورات نزار قباني ببيروت عام 1979 م سيقع على الكثير من الرؤى الاستشراقية ,في المقالات المنشورة عامي 1977و 1978 وقد جمعها هذا الكتاب بين دفتيه
قباني حذر من سبي الوطنية اللبنانية
العرب في مواجهة العرب ..
يقول نزار في الصفحة/ 29 /
في حين كانت الاستراتيجية هي أن يشكل العرب جبهة مواجهة ضد العرب ..هل كتب الله علينا أن نكون في الحرب أمما وقبائل ? وفي السلام أمما وقبائل ,وفي الرفض
أمما وقبائل ..?!
ويحذر في مقال أن تسبى الوطنية اللبنانية وأن يتم اغتيالها يقول نزار :وأشد ما أخشاه أن تقع الوطنية اللبنانية تحت تأثير الطقس الحار وتعاطي الكحول والمراهقة الطائشة والغزل المكشوف أن تقع في قصة حب لايعلم إلا الله كيف ستنتهي ..ومتى ستنتهي ..
الوطنية اللبنانية هي ابنتنا التي ربيناها شبرا شبرا , وسهرنا عليها عمرا ,وسقيناها ماء العين, ودم القلب حتى صارت عروسا ..ستعرض العروس لكثير من الإغراءات والمضايقات سيقف على بابها ألوف الخطاب .. ولكنني أراهنكم أن العروس لن تتزوج الجنرال ,لن تتزوج الجنرال , لن تتزوج الجنرال ..