وأكثر ما قد يستفز أو يثير الاستغراب هو حالة الصمت المتبعة من الجهات المعنية تجاه ما يحصل من فوضى وانفلات في الأسواق دون الأخذ بعين الاعتبار أهمية أي تدخل وبأقصى سرعة من الجهات التنفيذية لفرملة الانحدار الخطير بالمستوى المعيشي للناس والعمل على ايجاد منافذ وهي دون أدنى شك موجودة، وفتحها يتطلب الإرادة وحسن اختيار الاشخاص والوقت المناسب لاعتمادها بما يسهم في ترجمة فعلية وواقعية لسلسلة طويلة من التصريحات والوعود التي أطلقت ولا تزال من المسؤولين في اجتماعات ولقاءات لا تكاد تنتهي، وتناولت مختلف الملفات والقطاعات المهمة من الزراعة للصناعة للاقتصاد والاستثمار والخدمات وحتى السياحة.
نعم قد يبدو من السذاجة وعدم الفهم النظر للصورة من زاوية واحدة لا بل من الضروري توسيع عدسة الرؤية والنظر للواقع من كل الزوايا والاتجاهات ولاسيما تلك الزاوية المتعلقة بتزايد الضغوطات على البلد وما يحصل بالمنطقة ومدى انعكاسه على الوضع لدينا، ولكن هذا لا يلغي إطلاقاً أن في الصورة نفسها تحديات وصعوبات مرتبطة بعوامل داخلية لا تقل خطورة وتأثيراً سلبياً على الحياة الاقتصادية والمعيشية للناس وللبلد على حد سواء، وفي مقدمها استمرار تفشي الفساد وغياب المحاسبة وتشتت الأولويات والحلول القاصرة لمختلف الازمات والمشاكل .
ولعل نقطة الضعف الأبرز في عمل المسؤولين وأصحاب القرار التي لم تعد خافية على أحد من بداية الحرب المفروضة على بلدنا وحتى اللحظة تتمثل في عدم القدرة على الإدارة المثلى والمدروسة لما يتوافر لدينا من موارد وإمكانات في مختلف القطاعات وخاصة الزراعية منها دون تجاهل الكوادر البشرية رغم قلتها كما يدعي البعض وفق برامج تنفيذية وزمنية تراعي خصوصية كل مرحلة أو أزمة، وتوجه بوصلة الدعم والرعاية والاهتمام والبرامج والمشاريع نحوها بما يوصل لمعالجة مقبولة إن لم نقل نهائية للازمة او المشكلة التي يتعرض لها هذا القطاع او ذاك، أما أن نبقى في دائرة الحلول والمعالجات الجزئية فهذا لم يعد مقبولاً وما تلك الأرقام المعلنة مؤخراً من وزارة الاقتصاد عن ان نسبة ما صدر من موسم الحمضيات الذي تجاوز إنتاجه العام الحالي المليون طن لا يتجاوز الـ 14 % من الإنتاج إلا انعكاس حقيقي لتلك الإجراءات القاصرة في مختلف المجالات.