تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تداعي القاعدة السياسية الأميركية

عن: موندياليزاسيون
شؤون سياسية
الاثنين 18-11-2013
 ترجمة: سراب الأسمر

أثارت الأزمة التي اندلعت عقب فضيحة التجسس العالمية لوكالة الأمن القومي الأميركية خوفاً عميقاً في أوساط القادة الأميركيين لما قد يترتب عنها من نتائج سياسية وخيمة .

كان من البديهي لجوء كبار مسؤولي الحكومة الأميركية إلى ذريعة أحداث 11 أيلول لتبرير برامجها التجسسية و تنديدهم بمن قام بالكشف عنها، و بالدرجة الأولى موظف الأمن القومي ادوارد سنودن، و كان قلق أميركا الحقيقي هو معرفة الشعب الأميركي و شريحة واسعة من العالم لما تقوم به الحكومة الأميركية .‏

ماذا تبقى من القاعدة السياسية والايديولوجية للنظام الرأسمالي في الولايات المتحدة ؟‏

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، سعت الحكومة الأميركية لتظهر بمظهر القائد « للعالم الحر «، بما معناه بطل الحقوق الديمقراطية والحرية الفردية .‏

والآن و بعد أن أُزيحَ القناع عن وجهها بدت دولة بوليسية متورطة في المراقبة غير المشروعة على اتصالات مئات الملايين من الناس، فبفضل بنوك المعطيات، يمكن للولايات المتحدة تحديد الروابط السياسية و الاجتماعية الخاصة بكل فرد، و بانتهاك صارخ للحريات الأساسية ـ من تعبير و رأي سياسي و حق الخصوصية ـ المنصوص عليها في الدستور الأميركي وقانون الحقوق .‏

فالحكومة الأميركية بدأت بعملية تحول جيو ـ استراتيجية نحو آسيا بهدف احتواء هيمنة الصين المتزايدة في المحيط الهادي و ما خلفه . و لجأت إلى مقاضاة سايبر التجسسي الصيني لتبرر سياستها العسكرية العدوانية .‏

إن الكشف عن وجود مراكز تنصت غير عادية تديرها المخابرات الأميركية بالتعاون مع وكالة الأمن القومي في آسيا وفي كل العالم تظهر بوضوح أن الولايات المتحدة و ليس الصين من يشكل تهديداً للحقوق الديمقراطية للشعوب .‏

وماذا عن الحرب على الإرهاب ؟ يستمر المسؤولون الأميركيون بالإشارة إلى أحداث 11 أيلول 2001 لتبرير أي عمل من أعمال العدوان و أي تهجم على الحقوق الديمقراطية . في 31 تشرين الأول الماضي ردّ وزير الخارجية الأميركية جون كيري حول فضيحة التجسس بقوله: يمكننا تجنب تحطم الطائرات، تفجيرات المباني، وعمليات الاغتيالات لأنه بإمكاننا معرفة الخطأ مسبقاً.‏

كيري يكذب، لكنه يتحدث من أجل حكومة وطبقة سياسية مستمرة بالكذب و دون تحفظ .‏

مدير الأمن القومي الجنرال كيث ألكسندر ومدير المخابرات جيمس كليبر في شهادتيهما أمام الكونغرس الأميركي في بداية الشهر الحالي دافعا بطريقة وقحة عن جميع برامج التجسس مُصِرَّيْن على ضرورة هذا الشكل من التجسس لمحاربة تنظيم القاعدة والمجموعات الإرهابية...‏

بنفس الوقت دافع كليبر عن التنصت على الحلفاء مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل و ذلك لعدة أسباب استراتيجية، فبرأيه يُفتَرَض أن تعرف أميركا بماذا يفكر الحلفاء، و ماذا يقولون .‏

تنسحب هذه الأسباب مع أهداف الهيمنة العالمية للإمبريالية الأميركية، فلا يوجد أي عضو في الكونغرس ديمقراطياً كان أم جمهورياً لم يكشف عن التناقضات الصارخة في أقوال مُديريّ التجسس بين لحظة و أخرى، فالنظام السياسي بأكمله وُجِد مُتآمراً ضد حقوق المواطنين الديمقراطية .‏

و الغرض من تسليط الضوء على أوباما باعتباره أول رئيس أميركي من أصل إفريقي هو التغطية على الطبقة الحاكمة التي تَتَّبِعْ سياسات غير شعبية. و وصفت منظمات اليسار الزائفة المُرَوِجة للحزب الديمقراطي انتخابه بالـ «المُغيِّر» إذ مضى في سياسته القمعية للحقوق الدستورية الأساسية أبعد من جورج بوش .‏

عندما أُثيرت أول فضيحة في عصر بوش و هو «برنامج مراقبة الإرهابيين» كانت الفضيحة على نطاق أقل محدودية من البرامج العديدة التي كشفها سنودن في الأشهر الخمسة الماضية. هذا وكانت قد نشرت النيويورك تايمز مقالة مُفَصَّلة في كانون الأول 2005 عن برنامج بدأ العمل به بعد 11 أيلول 2001 حول مراقبة «مئات ما لم نقل آلاف» الرسائل الالكترونية والهواتف لأفراد داخل الولايات المتحدة الذين تواصلوا مع أشخاص يُشتبه أنهم إرهابيون في الخارج .‏

و ردَاً على هذه الفضائح وجد بوش نفسه مُضطراً للتأكيد على أن مراقبة الاتصالات الهاتفية داخل البلاد كانت بموافقة الحكومة . حتى قبل إعلانه هذا كان برنامج المراقبة قد أثار جدلاً واسعاً إلى حد أنه أحدث شقاقاً وسط الحكومة...‏

بالتعاون الكامل مع الحزب الديمقراطي أجرت حكومة بوش تغييراً تكتيكياً وسط وكالة الأمن القومي على أثر الكشف عن الحقائق، انتهى برنامج مراقبة الإرهابيين عام 2007 وأعلنت الحكومة للشعب أنها أوقفت صلاحية التجسس، ومع ذلك وضعت الحكومة بدلاً عنه برامج تجسسية أوسع وبدون علم الشعب .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية