تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


يسألونك عن السر في حقائق الموقف السوري

شؤون سياسية
الاثنين 18-11-2013
 بقلم: د. أحمد الحاج علي

ثمة قوانين في الحياة السياسية والاجتماعية هي الحاكمة والناظمة لأي حدث في ذاته ومنطقه من جهة وفي تأويله وتحليل عناصره من جهة ثانية،

أول هذه القوانين طبيعي وبديهي هو الذي يقول: إن مامن شيء يأتي من فراغ ويصب في الفراغ، باستمرار هناك مقدمات وإرهاصات تنمو وتتطور على خط الحدث ثم تعبر عن لحظة انكشافها كمحصلة طبيعية لعوامل قائمة كثيراً مالا ندركها.‏

وقليلاً مانعيها وهي تنمو، وثاني هذه القوانين يقول بأن كل خطوة راهنة هي محصلة تراكمية لمشوار سابق من الخطوات، ومقدمة تفعيلية لنسق آت من التحولات والتماسك الوطني هو الذي يدرك أهمية هذا الترابط العضوي بطريقة التراكم البنائي مابين كل مرحلة وأخرى ومابين كل جزئية ومايليها، وثالث القوانين هذه هو الذي يؤكد أن الأحداث والمواقف هي صياغة الإنسان، هي محصلة فعله ووعيه فيما يجري واسشرافه لما هو قادم، فالإنسان هنا هو الأول والآخر وهو مضمون الحدث وآفاقه ونتائجه، إن مجمل هذه القوانين هي التي تسعفنا الآن في التفاعل مع الحدث السوري وهي التي تنتهي بنا إلى خلاصات محددة ندرك من خلالها أن كل شيء هو مخطط ومدروس بدقة ومفعم بأسلحة شتى ولكن الذي كان غائباً عن أذهان الآخرين هو تطبيقات هذه القوانين في أصل الصمود السوري في التقاط مفاصل هذا الموقف العظيم، لقد غاب عن الجناة والإرهابيين وأسيادهم فعل هذه القوانين في الموقف السوري، درسوا بالتأكيد وسلحوا وغذوا بمايساوي أحقادهم على سورية ولكن نزعة العدوان وإغراءات الانقضاض على سورية غطت على بصائرهم وأبصارهم وهذه محطة الضعف القاتل في موقف المعتدي على مر التاريخ، بحيث تتحكم فيه نزعتان متلازمتان، نزعة تتمثل بغرور القوة المادية الصماء ونزعة أخرى تتمثل بالقفز فوق الحقائق والاستهانة بمقدرات الشعوب وعدم الإدراك الكافي لبواعث القوة والتصدي في حياة الشعوب ومن تلازم النزعتين الخطيرتين هاتين نجد أن الوسيلة المعتمدة والأسلوب المطبق هو في الذهاب إلى أبعد زوايا التطرف حيث القتل والتفجير والتدمير والتكفير، هذا مايناسبهم وهذا مايتلذذون به، وفي المحصلة يؤدي هذا المعنى إلى اصطدام بالواقع ثم تصادم معه وبعد ذلك تحدث المعارك الكبرى والصغرى ويبدأ الخصم اللعين باكتشاف أوهامه قطعةً قطعة ودرجةً درجة ومن هنا فإن السؤال ليس عن هزيمة المشروع الإرهابي فحسب بل بصورة أعمق وأكثر شرعيةعن الموقف السوري وعن طبيعة الوطن السوري والقوى الوطنية السورية التي ردت على المشروع ثم ردعته وبدأ مسلسل مطاردته في كل بقعة من أرضنا الحبيبة، هذا مالم يعطه الإرهابيون والمعتدون أهميته واستحقاقاته لقد غرقوا في نزعة الجريمة وسولت لهم أنفسهم أن القتل الهمجي سوف يشكل مادة نفسية تخيف أبناء الوطن وتدفعهم للاستسلام، ولننظر مباشرة إلى مثل هذا الاستنتاج وهو يقين بالنسبة لنا ومصدر رعب بالنسبة لهم، لقد صارت سورية على سبيل المثال وطناً للشهادة والشهداء ومواقف هذا البلد الأمين تذهل العالم كله هذا اليوم الوطن السوري يقدم التضحيات والضحايا وينهض من جوف النار ومن تحت الرماد واثقاً بيومه وغده ومستقبله ولقد صدق من قال بأنه لو سلط هذا العدوان الكوني على أمة أو دولة عظمى لانهارت ولكن المفاجأة كانت في مستوى الوعي والصمود والإبداع في مواجهة العدو الحاقد والقادم إلينا من وراء الحدود من قارات العالم ودوله هذا الموقف السوري لم يعد حالة واقعية فحسب بل صار درساً وعبرة ونموذجاً لشعوب الأرض كلها صار مدرسة للنمو والوعي والعطاء غير المحدود ومن هنا جاءت كل النبوءات السياسية بأن سورية العربية فيما تقدمه وفيما تبدعه إنما تنتج عوامل التحكم الراهن في واقع البشرية كلها وسيكون ذلك تاريخاً محدداً ساطعاً بحيث يكون العالم القادم سياسياً وحضارياً غير الذي كان قبل العدوان على سورية ووطننا هو الذي أنتج هذا المد التاريخي الذي سوف يتشكل به العالم على معايير وأسس جديدة لأن مقومات البطولات السورية ليست وقائع فحسب بل هي وعي بالتاريخ وانبعاث من الماضي التليد إلى المجد الجديد، وهنا نعود لنستوعب معالم الأحداث الكبرى في تاريخنا السوري ولعلنا في هذا المقام نستذكر بشموخ وعزة أن هذا الوطن الذي يردع الإرهاب المعاصر هو الذي أنجز كل المعارك الكبرى مع العدو الصهيوني وهو الذي اندفع في حرب تشرين المجيدة في العام 1973 ليعبر عن طاقة غير قابلة للنضوب في حياة هذا الشعب ونستذكر الآن ونحن في حمى الذكرى الثالثة والأربعين للتصحيح المبارك أن كل المقومات والقواعد التي تم إرساؤها منذ تلك الأيام في حياة الدولة والوطن فعلت مفاعيلها الكبرى وانبعثت في لحظة الخطر ونهضت كل عوامل التحدي فيها فإذا سورية العربية تصحو بعد كبوة وتنبعث الطاقة الكامنة والمحصنة بالقيم وتلبية النداء كان واضحاً أن معاني التصحيح القائمة في النظرة للإنسان على أنه منطلق ووسيلة وهدف بصورة متكاملة قد حضرت الآن بموكبها لتعيد تشكيل مقاومة الغزو الراهن بناء على قيمة الإنسان وطاقة هذا الإنسان وفي لحظة الخطر تتحرك المعارك من الحيز الضيق إلى الأفق العام وندرك الآن عبر إدراك المواطن السوري أن المواجهة صارت وطنية وأن طاقة العطاء تتسع وتتعمق يوماً بعد يوم ونزالاً إثر آخر وتفرض القاعدة المشرقة وجودها في هذا السياق فهذا وطننا وهنا يقع مصيرنا ومستقبلنا والوطن السوري ملك لجميع أبنائه مهما تنوعت اصطفافاتهم السياسية والاجتماعية والفكرية وبالمحصلة فإن مهمة بناء هذا الوطن هي ملك للجميع أيضاً وبالمحصلة الأكثر رسوخاً فإن الدفاع عن سيادة الوطن واستقلاله مهمة جميع أبنائه بلا تردد لقد نسي أو تناسى المعتدون قمة الوطن في قيمته هذه وسعى الإرهاب وحضانته من الدول إلى تعطيل مفعول هذا القانون بطرق شتى منها الإدعاء بأن ذلك جهاداً باسم الله وبأن القتل هو حكم الله وقد خولهم ذلك على الأرض وأدخل المعتدون أسلوب شراء الضمائر بالمال الحرام واستشارة الغرائز بالخطاب الديني والاجتماعي المتطرف والمتعصب والمغلق على سمومه ومن ذلك أنهم استدعوا كل شذاذ الآفاق من مرضى النفوس ومن عبدة الأصنام ومن ضحايا الجهل ومن أصحاب السوابق حدث ذلك كله في اتجاه شاذ لتبرير مايجري وللتغرير بالإجرام والمجرم ولكن سورية وطن إنسان وموقف وهذا هو رسوخها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية