تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جحيــــــــــم الحلــــــــم الأميركـــــــــي روائيــــــــــــــــاً

عن لوفيغارو
ثقافـــــــة
الخميس 25-10-2012
ترجمة مها محفوض محمد

قضية مأساوية بقي تناولها في وسائل الاعلام اليابانية غائبا على الورق حاضرا في الوجدان لسنوات حتى تجرأت الاديبة اليابانية جولي اوسوكا المقيمة في الولايات المتحدة الامريكية على طرح هذه القضية فوق صفحات روايتها التي تحمل عنوان

«بعضهن لم تر البحر مطلقاً» والتي نشرت باللغة الانكليزية في الولايات المتحدة الامريكية في ايلول الماضي.‏

تسلط الرواية الاضواء على تجارة رقيق نسائي آسيوي نشطت بين الحربين العالميتين عبر ضفتي المحيط الهادي ففي تلك السنوات المحمومة هاجرت آلاف الشابات من الارخبيل الى كاليفورنيا سعيا وراء حلم امريكي تحول الى سراب على ارض الواقع.‏

كان الزواج المعقود في اليابان بغياب العريس الموجود في كاليفورنيا الامريكية لا يأتي بفارس الاحلام المنشود لتلك العرائس اذ حمل هذا الزواج الصوري خيبات امل حطمت مشاعر مئات بل آلاف الشابات اليابانيات اللواتي لم يتجاوزن عمر الزهور وفشلن في تحقيق الحياة الكريمة في ذاك العالم المدعوبالجديد.‏

كاليفورنيا، المحطة التي تتوقف عندها احداث الرواية هي أكبر الولايات الامريكية ازدحاما بالمهاجرين المكسيكيين والزنوج الافارقة واليابانيين وتشكوبعد حمى الذهب التي عرفتها اواخر القرن التاسع عشر من غياب صهر الاعراق في بوتقتها رغم ازدياد حاجتها لملايين الايدي العاملة في القرن العشرين ورغم انفتاح أبرز مدنها سان فرانسيسكوعلى العالم الاسيوي.‏

وتصف الاديبة جولي اوتسوكا تلك الولاية بمناخها المشمس على مدار العام وازدهارها نتيجة وجود البترول وانتعاش زراعة الحمضيات والخضار ونموصناعة السينما في هوليوود، وفي تلك الولاية عمل الاف اليابانيين المهاجرين على توسيع شبكة السكك الحديدية الممتدة من سان دييغوالى لوس انجلوس وسان فرانسيسكووصولاً الى سولت لايك سيتي عبر صحراء نيفادا واريزونا مع انفجار الانهيار الاقتصادي الكبير عام 1929 في بلاد العم سام وعشية اندلاع الحرب الصينية اليابانية عام 1937 وقد طالت البطالة في الولايات المتحدة عام 1933 اكثر من 14مليون عامل....‏

في ظل تلك الازمات تجري احداث رواية جولي اوتسوكا والتي بدأتها بعبارة:‏

«فوق الباخرة المبحرة الى الولايات المتحدة كنا جميعا عذراوات», فالشابات الحسناوات تم تزويجهن على الصورة حيث كانت أمهاتهن يقلن لهن ان العريس غني هناك لكن الخديعة كانت أكبر من أن تصدق حين تذهب تلك الجميلات الى كاليفورنيا.‏

وفي الفصل الثاني من الرواية تسرد الكاتبة صدمة ليلة الزفاف حين تجد العروس امامها رجلا لا تعرفه وقد جمعهما مخدع واحد، وغالبية هؤلاء الرجال يعملون في الحقول الكاليفورنية بأجر زهيد لايسد الرمق وفي ورشات التنظيف وكي الملابس سرعان ما تتحول تلك الزوجات اللواتي يعشقن فن اعداد الشاي الى خادمات واحيانا الى مومسات رغما عن ارادتهن، وتتخلل الرواية تفاصيل حول حياة المهاجرين اليابانيين خلال فترة ما بين الحربين ومعاملتهم كمستخدمين لتتحول الروية الى ملحمة انسانية مبكية مضحكة فالحنين الى الوطن يؤجج المشاعر مع تغلغل العنف في الحياة الزوجية وتفاقم الانهيارات العصبية في صفوف الحسناوات المهاجرات حتى ان احداهن تقول لابنها بعد ان اصبحت أما: «أشعر بأني بطة تحنوعلى بيض اوزة» فالجيل الناشئ الذي ولد في بلاد العم سام يكره شوربة اللوبياء وهي الوجبة التقليدية لليابانيين ويفضل شطيرة اللحم بالبيض الامريكية الصنع.‏

ثم يأتي اعلان طوكيوالحرب على واشنطن لتبدأ هجرة من نوع آخر اذ يدفع بالعمال اليابانيين الى مخيمات خصصت لترحيلهم قسرا الى اليابان مع زوجاتهم واولادهم ويتناسى اسيادهم البيض من سكان كاليفورنيا تلك الايادي العاملة التي نهضت بمدنهم واريافهم وصولا الى مصانعهم وناطحات سحابهم.‏

ترى هل كان رئيس ورشة مصنعهم يدعى كاتواوساتواوماذا؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية