تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في ذكرى رحيله .. سليمان العيسى.. نبض العروبة و صوتها

ثقافة
الاربعاء 12-8-2015
فاتن دعبول

«أقاتل بالشعر منذ كتبت أول قصيدة لي تحت شجرة التوت التي تظلل باحة بيتنا في قريتي الصغيرة «النعيرية» في لواء اسكندرون».

عامان يمضيان على رحيل الشاعر الكبير سليمان العيسى ولاتزال كلماته مدوية في أرجاء محافلنا الثقافية والادبية، وصوته ما زال يهمس في قلوبنا ومازال شاعر العروبة والطفولة حاضراً في وجداننا، فإن غيبه الموت، تأبى قامته القومية والوطنية إلا أن تبقى خالدة في ذاكرتنا وذاكرة الأطفال على وجه الخصوص، وقد خصهم بالنصيب الأكبر من إبداعه وعطائه ودخل إلى قلوبهم وتفاصيل حياتهم، فكان صوتهم الحي وأنشودتهم التي لا تزال تتردد على ألسنتهم أينما حلوا وكيف اتجهوا، يقول في سؤال وجه إليه لماذا تكتب للصغار؟‏‏

فقال: «لأنهم فرح الحياة ومجدها الحقيقي، لأنهم المستقبل، لأنهم الشباب الذي سيملأ الساحة غداً أوبعد غد، لأنهم امتدادي وامتدادك في هذه الأرض، لأنهم النبات الذي تبحث عنه أرضنا لتعود إليها دورتها الدموية التي تعطلت ألف عام، وعروبتها التي جفت ألف عام.... إنني أنقل إليهم تجربتي القومية، تجربتي الإنسانية، تجربتي النفسية، أنقل إليهم همومي وأحلامي..».‏‏

لطالما أنشد وطناً واحداً لا تفرقه الحدود بل يجمعه الانتماء والمصير المشترك، رحل وماأزال يحلم بتلك الوحدة التي تجمع الوطن تحت راية واحدة.‏‏

يقول الدكتور حسين جمعة في الذكرى الثانية لرحيل الشاعر المرحوم سليمان العيسى:‏‏

العظماء... لا يرحلون‏‏

نؤكد أنه مازال شاعراً ينبض بالحياة، صحيح أن جسده قد فارقنا لكنه مازال حياً في ذاكرتنا، فبالأمس عندما كنا نتحدث عن الجيش العربي السوري وعندما كنا نذكر بطولات هذا الجيش كنا نتمثل قصائده سواء أكان ذلك في حرب تشرين أم في وصف الابطال.‏‏

سليمان العيسى يعيش اليوم بجهات فنية مختلفة ولا سيما عندما نتذكر اناشيده فمن منا ينسى عندما يقف الناس جميعا ليرددوا نشيد البعث:‏‏

يا شباب العُربِ هيّا وانطلق يا موكبي‏‏

وارفع الصوت قويا عاش بعث العربِ‏‏

نحن فلاح وعامل وشباب لا يلين‏‏

نحن جندي مقاتل نحن صوت الكادحين‏‏

من جذور الأرض جئنا من صميم الألم‏‏

بالضحايا ما بخلنا بالعطاء الأكرمِ‏‏

الشاعر سليمان العيسى خالد في ذاكرة الشعب جميعه على اختلاف فئاته وشرائحه، في ذاكرة الطفل والعامل والفلاح، ونحن عندما نتطلع إليه نجد أن عبقريته مازالت حية يكتشفها الناس في كل مرة، ومن هنا نحس بأننا نعيش دائماً شعر سليمان العيسى وفي قلب هذا الشعر نتمثل كثيراً من اللغة الجمالية الرائعة.‏‏

سيبقى حياً في ذاكرتنا وسيكتشف المناضلون أينما كانوا انه كان داعية للوحدة ومعبرا عنها وأيضا كان داعية للعروبة ومعبرا عن هويتها، اكتشفها مبكرا قبل أن يكتشفها الآخرون، فهوعندما يغني للجزائر يغني بإحساس المنتمي إليها، وعندما غنى لليمن في دواوينه المتعددة وبثمالاته كنا نحس أنه يمني حتى النخاع وكذلك عندما غنى للعراق.‏‏

كل هذا نكتشفه اليوم في شعر سليمان العيسى، وعندما يقولون «العظماء لا يرحلون» فسليمان العيسى يؤكد مرة بعد مرة أنه لا يرحل من ذاكرتنا وسيبقى خالدا، ومن هنا نحس بعظمة هذا العطاء الذي قدمه سليمان العيسى لأمته.‏‏

شعره.. نبض الحياة‏‏

وبدهي أن ذكراه حاضرة دائما في روح شريكة حياته الدكتورة ملكة ابيض التي تقول في هذه المناسبة أن سليمان باق معي دائما أذكره في كل لحظة، فحياتنا كانت مشتركة في كل شيء، في العمل، وفي التفكير، وفي الاحلام... كنا نحلم معا، لكني أجد الآن أن هذه الاحلام تتحطم في ظل هذه الظروف التي نعيشها وكم اتمنى أن تنتهي الأزمة قريبا ويعود الهدوء لربوع بلدنا الجميل، وقرأت بدورها كلمة كتبها ابنها معن وهويتصور الحمامة التي كان دائما ينقل عن طريقها أفكاره ورسائله إلى والده يقول: «رمت لي برسالتها تذكرني بموعد رحيلك وبعادة إيصال كلماتي لك، سنتان مرتا وهي تهيم في فضاءات السواد ومتاهات الحيرة، صادفت الكثيرين ممن يحبونك ويحفظون اشعارك، وسألها عدد كبير عنك، هم مثلها لا يفهمون ولا يصدقون ما تراه اعينهم وما يحصل حولهم، يحاولون الربط بين كلماتك وأبياتك واحلامك التي تربوا عليها وبين ما تحمله بهم قذائف الحقد وانفجارات البغض والفرقة والكراهية.‏‏

وجدت على طرف الورقة علامة تركتها قطرة من دمعتها فقررت ألا ارسل لك الرسالة، صديقتك الحمامة البيضاء ستكتب لك اخباراً أحلى في الرسالة القادمة، علمتني وإياها أن نكون واثقين أن هذه الأرض لا تعرف بذاراً غير المحبة والوفاء ولا تفلح إلا بالعزة والكرامة، ولا تنتج سوى الحضارة».‏‏

وتقول: وأضم صوتي إلى صوت معن وأحاول أن أتجاوزالقلق الذي أمر به وأعود إلى الأمل بأن تأتينا أيام سعيدة في المستقبل وأن تتحقق الاحلام التي كنا دائماً نحلمها معاً.‏‏

ونحن أيضا نضم صوتنا إلى صوت كل مخلص لهذا الوطن وندعولبلادنا بالسلام والاستقرار وعودة الأمان إلى ربوعه بجهودنا جميعا، فرايتنا ستبقى كما كانت ًخفاقة ترفرف فوق سماء بلادنا الحرة الأبية والنصر قادم لا محال.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية