تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هـــل يكــــون الصمـــت أبلـــغ مــن عقـــاب أطفالنـــا ..؟

مجتمع
الأربعاء 12-8-2015
فردوس دياب

يعد صمت الأهل إزاء الكثير من تصرفات أبنائهم وسلوكياتهم أحد الأساليب التربوية الشائعة التي أثبتت جدواها وفعاليتها في نفوس الأطفال ، الأمر الذي يوجب على الآباء والأمهات أخذها بعين الاعتبار وإضافتها إلى القواعد والأسس التربوية التي يتعاملون بها مع أبنائهم.

وتؤكد الأبحاث والدراسات التربوية أن كثيراً من أساليب ووسائل التربية التي يعتقد الكثير من الأهل أنها مجدية و صحيحة، قد أثبتت سلبيتها وضررها الكبير على نفوس أطفالنا كالضرب والتوبيخ والشتم و الاهانات المتكررة وأساليب المقارنة والاستهزاء واللوم وغيرها، وهو الأمر الذي كان يؤدي في كثير من الأحيان إلى حالات من الصدام بين الطرفين (الأهل والطفل ) والدخول في دائرة الفعل وردة الفعل التي تولّد عند الطفل انفعالاً سلبياً ومن ثم فعلاً سلوكياً سلبياً والتي تترك عنده على المدى الطويل أثاراً مؤلمة في المستقبل من شأنها أن تولد لديه مشاعر الحقد والكراهية ، وتوصف تلك الوسائل السالفة الذكر بالوسائل السلبية والضعيفة التي تعكس إفلاس المربي بشكل كبير وعجزه عن احتواء سلوك طفله.‏

وفي هذا السياق نؤكد على أن أسلوب التوبيخ الذي يمارسه الأهل بحق أبنائهم كوسيلة بديلة عن الضرب تجنباً منهم لأثاره الجسدية الكبيرة، هو أشد إيذاء من الضرب نفسه، لأن الضرب قد يتسبب بأذية الجسد لكن الشتم والتوبيخ المستمر يؤذي الروح والنفس ويؤدي الى احتقار الذات عند الطفل واليافع على مرور الزمن، وربما يستمر ذلك طيلة حياته ويمكن أن يولد لديه مشاعر سلبية ذات تداعيات وارتدادات خطيرة في المستقبل قد تبدأ به بالدرجة الأولى، انطلاقاً من تلك الصورة المشوهة والسيئة التي رسمت في دواخلهم عن أنفسهم نظراً لكثافة وسوء عبارات التوبيخ والشتم كوصف الأهل لأبنائهم بالغباء الشديد.‏

منذ الصغر ..‏

من هذا المنطلق يبرز مفهوم التربية الصامتة في التعامل مع الأبناء كوسيلة تربوية هامة ذات فوائد ونتائج كبيرة بدأت ترتسم في عالم التربية الحديثة، انطلاقاً من أن الإيماءة والصمت إزاء بعض سلوكيات الأطفال الشاذة يعتبر في كثير من الأحيان أبلغ من الكلام ومن التوبيخ أو العقاب والضرب .‏

ويمكن القول :إن فن وإدارة التربية الصامتة يعتمد أسلوب عدم ردة الفعل المباشرة والسريعة عند ارتكاب أي من الأبناء سلوكيات خاطئة والاكتفاء بالنظر إليهم وإشعارهم بتعابير الوجه أنهم ارتكبوا خطأ ما ، وهو مايشعر الطفل بذنبه أولاً ويشعره بعدم رضا والديه عنه ثانياً.‏

وحتى يؤتي هذا الأسلوب(التربية الصامتة) نتائج وثمار جيدة مع الطفل لابد أن يعود الأهل طفلهم على هذا الأسلوب منذ نعومة أظفاره حيث تشير الدراسات إلى أن الطفل الذي عوده أبويه على هذا الأسلوب من سني عمره الأولى قد تجاوب معهم الى حد كبير جدا وطيلة مراحله العمرية.‏

انكسار الروح ..‏

من الأمور الشائعة في مجتمعاتنا أن معظم الثقافات التربوية الاسروية قد تقاطعت عند أساليب الضرب والشتم والصراخ والتهديد والوعيد والتحقير كوسائل وطرق وحيدة للتربية، في تجاهل تام لملائكية الطفل وبراءته وعدم قدرته على الدفاع عن نفسه، انطلاقا من انه يعيش في عالم خاص به حافل بالأحلام الجميلة والأمور المتخيلة المستحيلة والتي تغضب الآخرين من حوله، مع ملاحظة أن الطفل الذي يتعرض بشكل مكثف للتوبيخ والضرب من قبل والديه ستتحطم روحه قبل أن يكبر وسيتحول مع المستقبل إلى بقايا إنسان قد تدفعه عقده وكوابيسه وانكساراته التي تشكلت في داخله نتيجة هذا الواقع الأسري المرير الى ارتكاب كل الحماقات والأمور الكارثية المتوقعة وغير المتوقعة التي ستنعكس سلباً عليه وعلى أسرته وعلى المجتمع ككل .‏

على هذا النحو فإن من واجب الأهل تفهم الأسباب الكامنة وراء ارتكاب أطفالهم أخطاء يمكن إصلاحها والعمل على معالجة الأسباب التي أدت الى تلك الأخطاء قبل معاقبة الطفل على ذنب قد يكون السبب في ارتكابه الأهل أنفسهم الذين لم يحسنوا تربيته منذ الصغر، وحتى في حالة عدم تصور تربية بدون عقاب، فإن من واجب الآباء تحديد العقوبات المسموح بها، إذ إن هناك عقوبات تهدف إلى إصلاح خطأ، وهناك عقوبات تهدف إلى إثارة شعور الطفل بالخجل والندم على ما تم اقترافه عن طريق إشعاره بما ارتكبه بنظرة عتاب أو عقاب دون اللجوء إلى توبيخه.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية