في أصلها كانت شديدة الوعورة ومعظمها صخرية يتطلب استصلاحها وإعدادها للاستثمار الزراعي نفقات عالية,قسمت فيما بين أهالي القرية بالتراضي منذ عام 1962 وفي عام 1968 وبغفلة عن الفلاحين وبمجرد توقيع مختار القرية آنذاك منفرداً مع ممثل أملاك الدولة اعتبرت أراضي الجبل أملاكاً للدولة نتيجة الجهل بأحكام أملاك الدولة وموجباتها ,والكل منا يعرف ويعلم ثقافة
الفلاحين القانونية في ذلك الوقت,وفي عام 1984 قامت مديرية أملاك الدولة بعملية البحث الاجتماعي ووزعت قسماً من أراضي الجبل القابلة للزراعة (نوعاً ما) على الفلاحين وتبلغ مساحتها 3276 دونماً شملت 423 عائلة وفي عام 1986 تم توزيع ماتبقى من الأراضي الوعرة والسطوح الصخرية من قبل أملاك الدولة ولجنة البحث الاجتماعي إلى 715 أسرة بمساحات صغيرة مبعثرة عشوائياً ,حيث بلغت حصة الأسرة في التوزيع الأخير من 2-5 دونمات ولكنها اعتبرت هذه المرة إيجاراً وليس انتفاعاً كسابقتها وجعلت تتمة لحصص الانتفاع السابقة وأخذت إدارة أملاك الدولةتضيق على الفلاحين ,تارة بأحكام الإيجار وطوراً بموجبات حق الانتفاع ورفع بدلات الإيجار ماخلق حالة من عدم الاستقرار وأضعف ارتباط الفلاح بأرضه نتيجة خشيته من ضياع تعبه,ماانعكس على المردودية والإنتاج وخلق حالة من عدم الاستقرار.
والمعطيات تؤكد أن مديرية أملاك الدولة منعت من اسمتهم بالمستأجرين من الفلاحين من تطوير أراضيهم بواسطة آليات التطوير المخصصة لتطوير المنطقة الجنوبية وحصرت التطوير لأراضي الانتفاع فقط مااضطرهم لاستصلاح الأراضي على نفقتهم الخاصة بكلف مادية عالية نظراً لطبيعة الأرض الصخرية والوعرة ولم يكتف بذلك بل قامت مديرية الزراعة- مصلحة أملاك الدولة بفرض بدل إيجار الدونم 13 ل.س ثم رفعت هذا البدل إلى أجر المثل 400 ل.س للدونم الواحد وشملت هذه الضريبة 715 أسرة فقيرة. ولم تقف مديرية الزراعة عند هذا الحد بل تعدى ذلك ليفاجأ الفلاحون في قرية عرمان بإعلان جديد لمديرية الزراعة والإصلاح الزراعي يقضي بإعادة إجراء عمليات البحث الاجتماعي في أراضي جبل عرمان بهدف تأجير المستحقين حسب زعمهم.
وبهدف الاطلاع والوقوف على حيثيات هذه المشكلة أول ما اتجهنا إلى الفلاحين أصحاب الأراض الحقيقيين في قرية عرمان وأجرينا هذا التحقيق الميداني والتقينا عدداً من المزارعين والجهات المعنية.
مع الفلاحين
الفلاح هايل ملاعب قال: إن المنطقة العقارية- جبل عرمان التي تبلغ مساحتها 9000 دونم هي ملك لأهالي القرية على الشيوع منذ أكثر من مئتين وخمسين عاماً والذي يثبت ذلك أنه كانت تتم منذ القديم حركات بيع وشراء بين أهالي القرية وكان يلحظ في حجج البيع اسم هذه المنطقة وينتقل هذا الحق من إنسان إلى آخر من أفراد القرية, وفي بداية خمسينيات القرن الماضي رأى أهالي القرية أن يقسموا هذه الملكية بالتراضي بينهم وتم ذلك في بداية عام 1962 حيث تم تقسيم هذه المنطقة بالكامل بينهم على الطريقة العرفية أي (نصاصي) وبدؤوا باستعمال هذه الحصص بزراعة المحاصيل الحقلية وفي عام 1968 وبغفلة عنا نحن الفلاحين تم تسجيل هذه الأرض باسم أملاك الدولة,
عندها اعترضنا اعتراضاً عرفياً وتم تشكيل لجنة بحث اجتماعي لتوزيع هذه الأراضي انتفاعاً على أهالي القرية وحددوا آنذاك أسهماً معلومة ولكل أسرة حسب عدد أفرادها, وجعلوا مساحة حصة السهم تساوي ثلاثة دونمات واستثنوا من هذا التوزيع موظفي الدولة آنذاك والمواطنين المسافرين خارج القرية وحتى أصحاب المحال التجارية الصغيرة ,لذلك رأى وجهاء القرية أنه لا يجوز حرمان هؤلاء من التوزيع باعتبارهم من أبناء هذه القرية ويتساوون في الحقوق والواجبات تجاه هذه الأرض فجعلوا مساحة السهم دونماً واحداً حتى يحصلوا على مساحة يتم توزيعها على الذين حرموا سابقاً وبذلك تتحقق العدالة حسب رأيهم .وفي عام 1985 تشكلت لجنة بحث اجتماعي جديدة من أجل إنصاف المحرومين المذكورين آنفاً وبعد إنهاء عمليات البحث فوجىء الجميع أن التوزيع سيكون ايجاراً وليس انتفاعاً وحتى تاريخه مازلنا نطالب بتثبيت عقود الإيجار التي لم يوقع وزير الزراعة سابقاً عليها لأسباب نجهلها نحن الفلاحين, ونحن نتساءل هنا كيف يعامل أهالي قرية عرمان بمكيالين من قبل أملاك الدولة. مكيال الانتفاع ومكيال الإيجار طالما أن المنطقة العقارية جبل عرمان هي وحدة مساحة واحدة غير منفصلة وأهل عرمان وحدة سكانية متكاملة تضمهم هذه القرية وكذلك نعلم جميعاً أن الأرض لمن يعمل بها.
-المزارع مصطفى أبو هدير قال: بعد البحث الاجتماعي خصصت بخمسة دونمات إيجاراً غير قابلة للزراعة والتشجير لذلك قمت باستصلاحها على نفقتي الخاصة حيث كلفني ذلك مبالغ طائلة من 15 ألف إلى 20 ألف للدونم الواحد,وعملية الاستصلاح والصخور الناتجة عنها شغلت مساحة تقدر بثلث مساحة كامل الأرض فكيف أطالب بدفع أجور المثل لأملاك الدولة علماً أن كلفة الاستصلاح تساوي أربعة أضعاف ثمن هذه الأرض ,وبناءً على ذلك اعترضنا لدى القاضي العقاري المؤقت الذي قام بالكشف الحسي على جميع العقارات المعترض عليها واستمع إلى الشهود الذين أفادوا أن هذه الأراضي هي ملك للمالكين المعترضين وقد آلت إليهم إرثاً أباً عن جد وكانت تزرع بالمحاصيل الحقلية سابقاً وفي الآونة الأخيرة تم تحويلها لزراعة الأشجار المثمرة ,حيث إن بعض هذه الحقول يصل عمر الأشجار فيها إلى عشرين عاماً وفي النتيجة تم تسجيل هذه الأرض رغم كل الإثباتات التي شاهدها القاضي على الواقع وشهادة الشهود بأملاك دولة واستأنفنا الدعاوى ولم يكن قاضي الاستئناف أكثر انصافاً من القاضي العقاري المؤقت وللعلم إنه خلال سير المحاكمة بالاستئناف لم نر قاضي الاستئناف نهائياً حيث كان كاتب المحكمة هو الذي يقابل المستأنفين آنذاك
زراعة السويداء
بدورها مديرية زراعة السويداء نفت ملكية الفلاحين لأراضي جبل عرمان وأكدت أن الفلاحين قد وضعوا اليد عليها من دون تصديق عقد الإيجار, ولجنة البحث الاجتماعي المشكلة آنذاك قامت بإجراء عمليات البحث ورشحت المستحقين للتأخير والبالغ عددهم 713 فلاحاً وأعدت مشروع عقد إيجار لم يقترن هذا المشروع بالتصديق من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بسبب افتتاح أعمال التحديد والتحرير واعتراض الفلاحين على ملكية العقارات المسجلة باسم أملاك دولة ومحاولتهم تسجيلها بأسمائهم, وبالتالي نشأ واقع قانوني يمنع تصديق العقد لوجود نزاع على الملكية,ونتيجة هذا النزاع كان الحكم القضائي الغالب لمصلحة الدولة ولم يتم تمليك الفلاحين وبعد حسم النزاع القضائي أصبح من المتوجب تسوية وضع المنطقة وتأخير الفلاحين أصولاً حفاظاً على حقوقهم, ومن المعروف أن الأولوية تعطى لواضع اليد والمستثمر لهذه الأرض.
متابعات عقيمة
نقف بداية مع الكتاب الموجه من الجمعية الفلاحية في قرية عرمان إلى مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي بالسويداء,مضمونه اعتراض على محضر ضبط أجر المثل لأملاك الدولة الصادر بالقرار رقم 43/ج لعام 2004 الخاص بقرية عرمان.مبينة أسباب الاعتراض هي إن الجمعية منذ توزيع الأراضي في جبل عرمان لم تعترف لأملاك الدولة بالإيجار حيث اتبعت أملاك الدولة المعيار المزدوج في التعامل مع أهالي القرية (الانتفاع والإيجار) وجاء في الجداول المرسلة بيانات غير مطابقة للواقع من حيث وضع العقار في حالتي المشجر وغير المشجر ولم تطبق أملاك الدولة على هذه الأراضي الأعمال التي يجب أن يقوم بها المؤجر حتى يمكن للمستأجر من استثمار الأراضي, وفي السياق ذاته تم توجيه كتاب من مكتب الفلاحين القطري إلى وزير الزراعة عن طريق رئيس مجلس الوزراء مرفق به معروض فلاحي قرية عرمان المتضمن إعادة توزيع العقارات المؤجرة للفلاحين سابقاً لتصبح انتفاعاً أسوة بباقي الفلاحين المنتفعين ويحمل الكتاب الرقم 15660 تاريخ 13/11/2003 وكتاب أخر عن طريق الاتحاد العام للفلاحين برقم 1137 وتاريخ 4/7/2004 موجه إلى وزير الزراعة والإصلاح الزراعي لنفس الغرض وهذه المتابعات لم تسفر إلى حلول منصفة للإخوة الفلاحين.
بدلاً من خاتمة
من خلال ما تقدم وفي ضوء المعطيات التي بين أيدينا نستنتج ما يلي:
1- إن أراضي جبل عرمان تعود ملكيتها لمزارعي القرية منذ مئات السنين وحجج تملكها تثبت صحة ذلك,والفلاحون قاموا بشرائها من أموالهم الخاصةو تواريخها 12/6/1927 , 11/11/1928 , 16/7/1927 وهي مصدقة من مالية ملح آنذاك.
2- كيف يطالب الفلاحون ببدل الإيجار عن أرضٍ استصلحت على نفقتهم الخاصة وبكلفة تعادل أربعة أضعاف ثمنها .
3- إذا كان هدف البحث الاجتماعي الجديد هو إعادة توزيع الأراضي من جديد على الفلاحين فهل يعقل أن يفقد من استصلح واستثمر وشجر الأراضي منذ عشرين عاماً ويأكل من ثمارها حقه فيها وتؤول لغيره دون وجه حق.
ولقناعتنا أن هذا الموضوع لايحل إلا بتمليك الأرض للفلاحين الذين دفعوا أكثر من ثلاثة أضعاف ثمنها استصلاحاً وغرساً وكون هذه الأرض بالأصل ملكاً لهم وحتى لا يكال للفلاحين بمكيالين,( الانتفاع والإيجار ) نرى أنه من الضروري إلغاء عقود الإيجار واعتبار كامل الأرض موزعة انتفاعاً,إلغاء ضريبة أجر المثل المفروضة على الفلاحين دون وجه حق كونها غير مستصلحة من قبل الدولة ,تمليك الأرض للفلاحين أسوة بما تم في أراضي جبل السويداء, توقيف عملية البحث الاجتماعي المعلن عنها حالياً وتثبيت ملكية الأرض على وضعها الراهن أسوة بالمنتفعين الأوائل من أهالي قرية عرمان وعلى الخصم والحكم أن يكون عادلاً وينصف الذين تصببوا عرقاً امتزج بتربة أرضهم,وهم فلاحو جبل عرمان.