بدأ /م. زرنه جي/ حديثه بقول لأحد العلماء (إن ما ننفقه حالياً من أموال وموارد ليس إلا استدانة من الأجيال القادمة), أي علينا أن نقتصد بالإنفاق وبالموارد الأولية وأن نترك البيئة نظيفة لاستمرار الحياة لمن سيأتون بعدنا.
ويتساءل الباحث ماذا عملت الدول والحكومات لهذا في الوقت الحالي وما تخطط للمستقبل للاقتصاد بالإنفاق والموارد الأولية والحفاظ على البيئة والطبيعة لتلك الأجيال والأهم من ذلك هل العلماء يتجهون نحو خير البشرية وخير الطبيعة حقاً, أم تحولوا بدلاً من علماء الى عملاء مأجورين ينقذون مآرب الأنانيين والجشعين في العالم ويعملون جاهدين على استنزاف خيرات الانسان والطبيعة معاً بدلاًَ من الحفاظ عليهما.
البيئة والإنسان
ويتحدث /م. زرنه جي/ عن العلاقة التي تربط الانسان والبيئة مؤكداً إن جميع رواد الفضاء كانوا يرون الأرض من الفضاء جميلة جداً وكانت أمنياتهم هي العودة إليها سالمين ليتابعوا الحياة ويتمتعوا بجمالها وخيراتها, فهل من المعقول أن ندمرها ونفسدها ولا نترك للأجيال القادمة شيئاً? ويتابع بأن البشرية استهلكت عبر تاريخها الطويل من العناصر النسب التالية مثل: 70% من اجمالي ما استخرج من الذهب عبر التاريخ و85% من النحاس و87% من فلزات الحديد و99% من اجمالي النفط و(90-95%) من القصدير والتوتياء والرصاص والفضة والماس و,.... فإذا بقيت البشرية تستهلك بقوة موارد الطبيعة فلن يبقى للأجيال القادمة ما يكفيها اضافة الى أن هذا الاستهلاك يترك مخلفات في الزراعة والصناعة بقدر (770) مليار طن سنوياً.
وستتأثر الدول الصناعية بكثير من المخلفات ولا سيما أميركا التي لا يزيد نسبة سكانها في العالم عن 5% وهي تطلق 21% من جميع غازات الفحم المنبعثة في العالم سنوياً, ما يجعل وضع الأرض والطبيعة يزداد سوءاً والأخطر هو النفايات السامة الصلبة (المواد النووية) التي تقدر ب¯ (360- 400) مليون طن في العالم سنوياً, أي بالمتوسط (1) مليون طن يومياً, وتسعى الدول الصناعية الى تصريفها وطمرها في دول الجنوب برغبتها أو دونها حيث تدوم خطورتها مئات السنين.
وعلى سبيل المثال كان انتاج المواد المشعة في عام /2000/:
-3,6 ملايين متر مكعب في أميركا و(1,5) مليون متر مكعب في روسيا و(835) ألف متر مكعب في فرنسا و(570) ألف متر مكعب في انكلترا...
- فهل من المعقول أو غير المعقول الاستمرار في الوضع الراهن?!...
ويضيف /م. زرنه جي/ إذا كانت الدول الصناعية الغنية هي المسؤولة بالدرجة الأولى على هذا الاستنزاف للطبيعة والتلوث الصناعي الكبير فإن التزايد السكاني في دول الجنوب هو المسؤول الأول على التلوث الحيوي في الطبيعة واستنزاف مواردها الحياتية.
الحروب
ويتابع الباحث حديثه أن الانسان هو الكائن الوحيد القادر على إبادة جنسه والكائنات الأخرى, ويقدر عدد الحروب التي وقعت منذ ظهور الحضارات البشرية ب¯ /14500/ حرب كبيرة وصغيرة, هلك فيها (3,65) مليارات انسان ولم تنعم البشرية بهدوء طيلة تاريخها سوى ب¯ (292) سنة فقط.
ويعرض الباحث في هذا السياق النتائج التي سببتها الحروب من خسائر بشرية ومادية, وعدد الدول والجنود التي شاركت في الحربين العالميتين (1و2) وحرب الخليج الثانية وعدد القنابل التي أطلقت في تلك الحروب, ويقول أن الحروب القديمة كانت تقتل نسبة (10%) من المدنيين فقط أما الحروب الحديثة فأصبحت تقتل 90% وإن الحروب الأهلية بين عامي (1990- 2000) قد قتلت 2 مليون طفل في العالم, وتمتلك أميركا الآن أكثر من نصف مخزون العالم من الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية, وتتوزع الرؤوس النووية في العالم في الدول العظمى يضاف إليها مخزون الأسلحة الكيميائية السامة التي تقدر ب¯ (100) ألف طن في أميركا ولا سيما غاز الأعصاب وكذلك (50) ألف طن في دول الاتحاد السوفييتي سابقاً, مضافاً إليها كميات هائلة من الأسلحة البيولوجية الفتاكة إذ أن (1) غرام منها يكفي لإبادة مدينة كاملة بسكانها مليون انسان.
ويقول بأن القنابل النووية الاندماجية والهيدروجينية أصبحت من الماضي وقديمة. تصنع الآن قنابل حديثة تحوي ذرات أثقل من اليورانيوم كلفة الغرام الواحد تقدر ب¯ 5 ملايين مليار دولار أي دخل الكرة الأرضية 100 سنة, بل أخذ اللامعقول والشر يذهب أبعد من ذلك إذا أصبحوا يعلنون عن حروب استباقية بدون أعداء, ولو استخدمت هذه الأموال التي تصرف على تلك المشاريع والأسلحة في مجالات انسانية وما يمكن أن تحققه من ايجابيات لكان بالامكان ل¯ (صاروخ *M) الذي ثمنه 120 مليون دولار أن يبني 10 مستشفيات كلفة كل مشفى 12 مليون دولار, ويكفي ثمن غواصة ترايدنت لبناء 200 ألف منزل وكلفة دبابة واحدة تعادل كلفة 1000 صف مدرسي يتسع مجموعها الى 30 ألف طالب وكلفة الطائرة مقاتلة من طراز (18-F) تعادل بناء 150 منزلاً.
أهم المقترحات
وأخيراً يعرض الباحث بعض المقترحات التي يراها ايجابية ومعقولة بغية الوصول بالبشرية الى شاطىء الأمان والى حياة أفضل للجميع مثل: ضرورة رفع سوية الوعي لدى الناس لمواجهة ما يحاك ضدهم وضرورة وصول البشرية الى مثل عليا وقيم أخلاقية وانسانية جديدة تحقق مصلحة البشرية جمعاء واعتبار الطبيعة والانسان أسمى ما في الوجود, وما أحوج العالم الى فلاسفة ومفكرين وسياسيين من أجل وضع استراتيجية للأجيال القادمة تنسجم مع طبيعة العصر, وضرورة توجه العلماء نحو العلوم النظرية, وعلوم الفلك والى الاختراعات الخيرة للبشرية والطبيعة التي يمكن أن ترتقي بالانسان بدلاً من بيع الذات للجهات الشريرة واقامة نظام عالمي جديد يوفر الخير والحياة الأفضل واحترام الرأي الآخر وضبط التزايد السكاني وعدم تلويث البيئة وإعفاء الدول الفقيرة من الديون الخارجية أو إعادة جدولتها بحيث لا تسيىء الى معيشة الناس وضرورة تحقيق نسبة 1% من مجمل دخل الدول الغنية لصالح تنمية دول الجنوب, وتضييق الفجوة بينهما والقضاء على البطالة بين الشباب وتخفيض النفقات العسكرية في العالم وتمويل الموفر منها الى تحسين معيشة الشعوب والقضاء على أسلحة الدمار الشامل في الدول الكبرى قبل الصغرى وعدم انتاج أي سلاح فتاك والتعاون بين الدول وإعطاء المرأة حقوقها والسماح لها بالمشاركة بشكل أفضل في جميع مناحي الحياة واعتبار الطفولة أقدس ما نملك وتحصينها ضد أي نوع من الاستغلال.