تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


معاناة الأكثر فقراً في القارة السمراء ما زالت مستمرة..

الهيرالدتريبيون
دراسات
الأربعاء 22/6/2005م
ترجمة: خديجة القصاب

كيف تستطيع الدول التي تقع جنوب الصحراء الأفريقية الخروج من أزمة الفقر والجوع?

وهل صحيح أن شطب ديونها هي العصا السحرية التي ستنقذها من ازماتها المستعصية? ولماذا سارعت الدول الصناعية الثماني إلى تبني مشكلات القارة السمراء?‏

لأنها تحتوي نسبة 6% من احتياطي النفط في العالم إلى جانب احتضانها معادن ثمينة كالذهب والمغنيز والألمنيوم والماس والحديد إضافة لثروات زراعية لا تقدر بثمن لم تستثمر كما يجب, وجدت فيها التروستات ذات الأسماء المستعارة فريستها المنشودة.‏

إذ لم يكد يمر نصف قرن على تخلصها من المستعمرين البيض الذين عملوا ما امكنهم على نهب ثرواتها الباطنية حتى تدفقت الشركات المتعددة الجنسية إلى القارة السمراء تعرض خدماتها على دول استقلت دون أن تتمكن من الانطلاق في أسواق تتحكم بها مضاربات البورصة العالمية.‏

ولا تزال الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى تئن تحت جراح الحروب الأهلية والمجاعة التي خلفها المستثمرون قبيل رحيلهم رغم أنها تشكل عنصر جذب للمستثمرين على اختلاف مشاريعهم الاقتصادية والتجارية والسياحية.‏

وكانت زيارة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون لتلك الدول عشية مغادرته البيت الأبيض وراء تهافت تجار الأسلحة والمناجم والمنقبين عن النفط والغاز إلى تلك البقاع لإيجاد موطىء قدم لهم.‏

وجاءت التصريحات الأميركية التي اطلقها بوش الابن عشية عقد وزراء مالية الدول الأكثر تصنيعاً في العالم اجتماعهم الأخير في لندن والمتحمور حول قضايا ديون القارة السمراء كبالون اختبار ليس إلا.‏

فإلغاء الثماني الكبرى لديون دول جنوب الصحراء الافريقية لم ترافقها بدائل تتناول كيفية توظيف واشنطن مساعداتها في المستقبل في تلك الدول.‏

ثم إن الاصلاحات التي تطالب بها واشنطن كشرط داعم مرهونة بعملية الالغاء وبالتالي فهي تتناقض والشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي وسياسة كل من فرنسا والمانيا واليابان وحتى بريطانيا حيال الديون الحكومية والأخرى الخاصة بالمنظمات الدائنة.‏

لذلك سارعت حكومات تلك الدول إلى رص صفوفها تخوفاً من انعقاد قمة منظمة التجارة العالمية القادمة في هونغ كونغ حيث يتم توزيع الأدوار طبقاً لمعايير اتفقت عليها الدول الثماني الكبرى, وترك فرصة للأوروبيين لوقف دعمهم للصادرات الزراعية حتى انعقاد قمة هونغ كونغ في كانون الأول .2005‏

هذا وتناول وزراء مالية الدول الصناعية الثماني من خلال اجتماعهم في لندن مناقشة قضايا مصيرية تهم القارة السمراء بشكل اساسي على غرار معاناة الأطفال جنوب الصحراء الافريقية واعتبر هذا الاجتماع مقدمة للقمة التي ستعقد في هونغ كونغ أواخر العام الحالي ولأن الدعوة التي اطلقتها الدول الغنية بهدف دعم ومساندة الدول الفقيرةكانت ضبابية وتفتقد للشفافية والوضوح ظلت التصريحات المرتبطة بها تراوح في مكانها.‏

ألم تتعهد الدول الصناعية الثماني بتمهيد الطريق أمام القارة السمراء للانطلاق في المسار الصحيح حسب تعبيرها بهدف تحقيق أهداف الألفية في التنمية وتقليص الفقر والحرمان الذي تعاني منه دول جنوب الصحراء الافريقية وذلك بحلول عام 2015?‏

ومن بين أهداف قمة لندن على سبيل المثال وليس الحصر تقليص عدد الوفيات من الأطفال الأفارقة إلى الثلثين, هذا وتفتك الأمراض المرتبطة بالفقر حالياً بقرابة 500 طفل افريقي كل ساعة.‏

ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد في المستقبل ويتضمن برنامج الأمم المتحدة للتنمية اجراء مسح لكل دولة من الدول الافريقية الفقيرة بغية تحقيق التقدم وتقليص عدد وفيات الأطفال في جنوب الصحراء إلا أن النتائج التي تم تحقيقها إلى الآن غير مرضية.‏

وتفيد التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة أن استمرار تراكم الديون واستفحال الحروب الأهلية وتفاقم الجوع في تلك البقاع خلال العقد القادم سيؤدي إلى عجز حكومات تلك الشعوب عن تحقيق أهداف الألفية إذ سيبلغ عدد وفيات الأطفال ثلاثة ملايين طفل عام ,2015 وعندها سيلقى كل طفلين من أصل ثلاثة أطفال حتفهم جنوب الصحراء الافريقية.‏

ومن الصعوبة بمكان الاعتقاد بإمكانية تحسين برامج الانعاش الاجتماعي من خلال الاستمرار في تبني السياسات التنموية الحالية.‏

فإذا ما اخذنا بالاعتبار مرض الملاريا الذي يتسبب بموت طفل افريقي كل ثانية لايتضح أمام أعيننا المشهد الصحي بكامله, ويمكن انقاذ ثلاثة ارباع هؤلاء الضحايا من خلال توظيف شبكة معالجة تستخدم مبيدات الحشرات التي تبلغ تكلفتها حوالى 3 إلى 5 دولارات أو اعتماد أدوية بسيطة التكلفة وتأمين وسائل عمل وعيش مريح للبالغين الافارقة في تلك البقاع.‏

وهناك العديد من المبادرات التي يجب الأخذ بها من بينها مكافحة أمراض الملاريا والايدز وغيرها من الأوبئة الفتاكة.‏

وتكمن المشكلة الرئيسية في الفقر المستوطن جنوب الصحراء الافريقية في مواجهة اعباء مضاعفة نتيجة نقص التغذية والمجاعة وعدم التمكن من الحصول على مياه نظيفة وعجز مئات الأسر من الحصول على المعالجة اللازمة والضمان الصحي.‏

وتتحمل تلك الحكومات الافريقية المسؤولية الأساسية بالنسبة لعدم تطويرها خطط تقليص الفقر القومي في بلادها.‏

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا ماذا كان يتوجب على وزراء مالية الدول الصناعية الثماني فعله خلال اجتماعهم الأخير?‏

هل يتابع هؤلاء مناقشة منح مساعدات جديدة لتلك الدول الافريقية وكان الاتحاد الأوروبي الذي يتابع الاهتمام بتلك الدول قد تعهد بمضاعفة مساعداته الممنوحة بنسبة 0,51% من اجمالي الدخل القومي مع حلول عام .2010‏

وسوف تبذل كل من ايطاليا والمانيا من بين ثماني دول صناعية جهوداً أضافية للايفاء بتعهداتها الجديدة ازاء تلك الدول الفقيرة, وستعمد الدولتان إلى تهدئة المخاوف من خلال وضع خطط صارمة تتعلق بالميزانية بغية الوصول إلى هدفها المنشود.‏

من جهتها قامت الولايات المتحدة بزيادة نسب مساعداتها لتصل إلى 8 بلايين دولار عام ,2000 هذا وتنفق الدول ذات الاقتصادات الكبرى في العالم نسبة 0,16% من دخلها القومي على شكل مساعدات رسمية لعدد من الدول تختارها لعلاقاتها المتميزة معها.‏

فإذا ما تمكنت الدول الصناعية الثماني من الايفاء بتعداتها من خلال دعم خطط الميزانية لتصل نسبة مساهماتها إلى 0,51% عندها ستتمكن من الاسهام في توفير التمويل اللازم للدول الافريقية المحتاجة لتحقيق اهدافها التنموية.‏

فتطبيق خطط وطنية يدعمها نقد قوي على أسس راسخة قد يسهم في انعاش الدول الافريقية الفقيرة وسترتبط زيادة تلك المساعدات بارتفاع أسعار البضائع والخدمات التي تقدمها الدول المانحة للدول المحتاجة.‏

وقد تعهدت الدول الصناعية الثماني في اجتماعها الأخير بتحرير الدول الفقيرة من الديون المترتبة عليها.‏

وتمتلك الدول الغنية الآن الفرصة لتجنيب الدول الافريقية الفقيرة من الأزمات الاقتصادية والافلاسات المصرفية والتخلف والفقر والمجاعة وارتفاع عدد الوفيات بين الأطفال.‏

فصوت أطفال افريقيا غير مسموع ويمكن تجنب وفاة ثلاثة ملايين طفل إذا ما سارعت الدول الغنية للتحرك الفوري وقبل فوات الأوان.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية