|
ديمقراطية مسمومة!! دراسات وإنه قد ضغط من أجل إيقاف هذا العنف ضد المتظاهرين من دعاة الإصلاح السياسي ,إن هذا السلوك للرئيس بوش وإدارته بقدر ما يثير الدهشة والسخرية, بقدر ما يثير الاستغراب حين يصدقه البعض من المعارضين ويصفقون له, فإدارة بوش لا تحتاج الى دليل على تطرفها, إذ إن يديها ملوثتان بالدماء العربية والإسلامية, وهي أبعد ما تكون عن (الديمقراطية) وعن محبة المتظاهرين المصريين أو العرب, ومن ثم لا بد وأن هناك سراً ما يقف خلف هذا (الكرم البوشي) لمصلحة دعاة الإصلاح السياسي في بلادنا.. فما هو ? دعونا في رحلة البحث عن سر دفاع بوش عن حركة الإصلاح والاحتجاج في بلادنا والتي تضم في أغلبها رموزاً وطنية محترمة. دعونا نلخص (سر بوش) في الدفاع عن مظاهرات الديمقراطية في بلادنا في الآتي: أولاً: بوش لا يشغله كثيراً حركة كفاية أو حركة(الاستمرار) ولا يهمه مصير أي حركة ولا مصير (الحزب الوطني الحاكم) إن ما يهم بوش هو مصالحه, ومصالح إسرائيل, ومن ثم دفاعه عن دعاة الإصلاح وتلك الديمقراطية هو دفاع مشبوه وهي ديمقراطية إن أتت عن طريقه, فتكون مسمومة, فالرجل لم يضبط هو أو إدارته ولو لمرة واحدة مدافعاً عن قضايانا العادلة بل هم يتهموننا منذ نصف قرن بالإرهاب لمجرد أننا نريد حقنا في فلسطين, وهم أكثر من حمى المستبدين والفاسدين والمجرمين في بلادنا, إنه إذن يريد أن يركب موجة الإصلاح الراهنة كي يحقق منها فوضى وتفتيتاً للجسد الواحد, للوطن الواحد باسم الإصلاح, إنه السم في العسل, وعلينا ألا نتعاطى هذا العسل حتى لو كانت حياتنا مرتهنة, بقاء, واستمراراً به, فالموت هنا وبشرف ضد بوش وديمقراطيته أشرف من الحياة به وبديمقراطيته السامة التي ستحول كل دعاة الإصلاح في بلادنا الى مجرد (عملاء) أو (جواسيس) لمصلحة هذا السيد الأمريكي المجرم, وتدريجياً سوف يفقد هؤلاء وطنيتهم باسم أن (الديمقراطية المعولمة) تتطلب غض الطرف قليلاً عما نتصوره قضايا أكثر أهمية للوطن والأمة . ثانياً: من أسرار دفاع بوش عن المتظاهرين في نقابة الصحفيين وفي غيرها ومن قبل عن (أيمن نور) أنه يريد أن يستخدم هذه الورقة (ورقة المتظاهرين) لمزيد من ابتزاز النظام السياسي للتنازل أكثر في القضية الفلسطينية, ألم يلحظ أحد من الداعين للإصلاح زيادة وتيرة التطبيع السياسي والاقتصادي في الشهور الستة الماضية بين الحكومة المصرية وإسرائيل (اطلاق عزام- اتفاقية الكويز- عودة السفير المصري- زيادة الصادرات الإسرائيلية الى مصر بنسبة70%) كل ذلك حتى يتوقف بوش عن الدعوة للإصلاح وحتى يتوقف رجاله عن الاتصال بدعاة الإصلاح في مصر(انظر علاقات سعد الدين ابراهيم وأقباط المهجر ببعض القيادات لحركات الإصلاح الجديدة في مصر, وأيضاً علاقاته بالإخوان المسلمين ومغازلته لها وكذلك الحوار الفضيحة لأحد الإسلاميين المعتدلين(!!) على قناة (المستقلة) الذي تغزل فيه بدور وعلم سعد الدين ابراهيم ومشروعه النهضوي الكبير.. الغريب أن هذا الاسلامي الشاب المصلح الذي ألف حزباً تحت التأسيس, هو أحد المؤسسين في (حركة كفاية) بل يقال إن الحركة أنشئت في بيته !! ألم تلاحظ حركة كفاية هذا الحوار الفضيحة !! وإذا كانت قد لاحظت لماذا صمتت عنه?! إن بوش يريد أن يلعب بالجميع (النظام والمعارضة الاصلاحية) من أجل إسرائيل فهل انتبه المعارضون لهذا الهدف?!. ثالثاً: ثم لندع هذا جميعه ولنسأل إدارة بوش أليس من يطالب الآخرين بالديمقراطية عليه أن يمارسها هو على الأقل في داخل بيته.. أليس فاقد الشيء لا يعطيه وفقاً للمثل الشائع, إذا كان الأمر كذلك فلنتأمل أحدث تقارير حقوق الإنسان عن الولايات المتحدة والذي أصدرته منظمة العفو الدولية يوم 2/5/2005 (ياللمفارقة في التوقيت مع ما جرى في مصر وما أعقبه من اتصال بوش بالرئيس مبارك), ففي هذا التقرير الصادر عن أكبر وأهم منظمة حيادية تعنى بحقوق الإنسان في العالم نجد واشنطن قد تربعت على قمة الدول التي انتهكت حقوق الإنسان والقواعد القانونية والإنسانية المعمول بها على المستوى الدولي, وذلك للعام الثاني على التوالي حسب تقرير منظمة العفو الدولية عن عام ,2004 وقالت المنظمة: إن لدى الولايات المتحدة ما يقرب 540 معتقلاً في غوانتانامو من 40 دولة يعانون من انتهاكات لحقوقهم, هذا غير آلاف العراقيين والأفغان وأكدت المنظمة أنه بعد أربع سنوات من هجمات أيلول والحرب التي أعلنتها واشنطن ضد الإرهاب, لم يعد العالم أكثر أمناً بل أصبح أكثر رعباً. وقالت المنظمة : إن القوات الأمريكية ارتكبت انتهاكات فادحة لحقوق الإنسان في العراق ,وأضافت إن خيانة مبادئ حقوق الإنسان من قبل الحكومات واكبها تزايد الأعمال الإرهابية المفزعة حيث انتقلت الجماعات المسلحة الى مستوى أوسع من الوحشية . واتهمت المنظمة الولايات المتحدة والجماعات المسلحة المعارضة للوجود الأمريكي في العراق, بارتكاب انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان, حيث قتل الآلاف من المدنيين. وقالت المنظمة: إن القوات المسلحة بقيادة الولايات المتحدة قامت بأعمال قتل غير قانونية, واعتقال وتعذيب وسوء معاملة الكثيرين, وأضاف التقرير أنه على الرغم من الفضيحة التي وقعت في سجن (أبو غريب ) بالعراق, فإن هذه الممارسات ما زالت قائمة في كل السجون التي تديرها الإدارة الأمريكية, والتي تعمل على إعادة تعريف معنى (التعذيب). وأشار التقرير الى اعتقال الآلاف من العراقيين العام الماضي(2004) دون أي أدلة, وذلك للاشتباه في عملهم ضد قوات التحالف, حيث ألقي بهم لعدة أشهر في مراكز غير معروفة وظروف قاسية, كما أكدت المنظمة فشل الولايات المتحدة في إجراء تحقيقات دقيقة فيما يتعلق بفضيحة (أبو غريب) وهو ما دعا المنظمة الى اتهام واشنطن بأن ممارساتها تشكل الفجوة بين القول والفعل. واتهمت المنظمة الممارسات الأمريكية بأنها تقوض من احترام حقوق الإنسان في العالم, وقالت في تقريرها. إن المجتمع الدولي انتقد واشنطن وطالب بوقف الانتهاكات ومعاقبة من قاموا بأعمال وحشية, خاصة وأن واشنطن تمارس أعمالاً وحشية لا تقل قسوة عما كان عليه الوضع في دارفور وجمهورية الكونغو الديمقراطية وهاييتي. وأشار التقرير الى أن الحكومات استخدمت شعار الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب من أجل التمادي في انتهاكات حقوق الإنسان, وللعام الثاني على التوالي, تؤكد المنظمة أن أكبر دولة في العالم عندما تخترق سيادة القانون وتقوم بانتهاكات لحقوق الإنسان فإنها تمنح الآخرين الحق أو رخصة لممارسة الانتهاكات دون توقع عقاب وبقدر من التفاخر. هذه الحقائق التي وثقتها أهم منظمة دولية لحقوق الإنسان وأكثرها حيادية تؤكد دون عناء أن قلق بوش على الديمقراطية في مصر, وفي غيرها من بلاد المنطقة العربية, هو قلق غير مبرر, لأن الرجل و إدارته هم أكبر منتهك لقيم الديمقراطية في العالم, ودفاعه عن (الإصلاحيين) في مصر, هو دفاع سام مشبوه يحتاج الى كشف وتعرية لأهدافه الأخرى الخبيثة والتي باتت معلومة لكل من يتمتع بالبصيرة الوطنية الصحيحة والسليمة في فهم ما يجري. رابعاً: ثم لننقل النقاش خطوة أخرى.. فمن الجيد أن تموج مصر هذه الأيام بحركات الرفض والاحتجاج والتي وصل عددها حتى لحظة كتابة هذه السطور الى 9 منظمات, ولا شك أن ظاهر مطالبها صحيح ومشروع, وهو الحصول على مكاسب ديمقراطية جديدة, ولكن ثمة فارقاً كبيراً في أن تتم هذه الدعوات وفقاً لهوى ورغبة واشنطن والتي لا تخفيها بل وترسل رجالها (من المصريين) لينفذوها ويربطون بين الأطراف المطالبة بالتغيير والإصلاح وبين واشنطن, لننظر مثلاً الى اللقاءات المتعددة للدكتورسعد الدين ابراهيم (رجل أمريكا الأول في مصر على مستوى منظمات المجتمع المدني بالعديد من الرموز المصرية المحترمة وكان آخرهم أمين عام حزب العمل الأستاذ مجدي أحمد حسين في منزل شيخ قضاة مصر السابق المستشار يحيى الرفاعي والذي ذهب إليه الاثنان لمعاودته أثناء مرضه ثم دار بينهما حوار عن الإصلاح وعما تريده أمريكا من مصر وعن ضرورة التغيير في هذا المجال, هل كان اللقاء عابراً? وهل هي مصادفة أن يلتقي أمين عام حزب محترم له رصيده الشعبي المعلوم, برجل من عينه سعد الدين ابراهيم?! الإجابة بالقطع (لا) هي ذاتها ال¯(لا) التي تضاف أيضاً للسؤال عن تحركات رئيس حزب الغد الليبرالي الدكتور أيمن نور ونائبه هاشم قاسم داخل مصر وخارجها وجلوس الأخير مع وزير خارجية إسرائيل على مائدة واحدة في واشنطن أثناء زيارة أحمد نظيف رئيس وزراء مصر لها قبل أيام ودعوته للإصلاح على الطريقة الأمريكية فهل هي أيضاً مصادفة?! إن هؤلاء وغيرهم الأعلى صوتاً الآن في المطالبة بالإصلاح ورفع راية نحسبها صحيحة وصادقة, ولكنها للأسف تستثمر من قبل قيادات ذات هوى ومصلحة, وأغلبها مرتبط بدرجة أو بأخرى بالمخطط الأمريكي لزعزعة استقرار مصر الدولة (وليس النظام حتى لا يزايد علينا أحد) إن المستهدف هو أن تسير وتيرة التوترات في مصر وفقاً للأجندة الأمريكية والإسرائيلية وليس وفقاً للأجندة الشعبية, ولعل ما يؤكد ذلك أن أغلبية الشعب في مصر(وفي غيرها من البلاد العربية) لا يشارك في مظاهرات المعارضة, ويعتبر ما يجري مجرد لعبة تهدف الى تقاسم السلطة والثروة على حسابه, ولذلك لم نر تحركات شعبية واسعة وحقيقية. إن ما نراه في بعض بلادنا العربية هو مجرد صراعات نخب: نخبة حاكمة, ونخبة معارضة تريد أن تحل محلها إما لتستفيد من المنصب أو لتنفذ أجندة أمريكية- إسرائيلية جديدة لزرع الفتنة في مصر والمنطقة باسم الإصلاح, والضحية في المحصلة الأخيرة هي جموع الشعب والنخب المستقلة التي لا تريد أن تربط نفسها بكلا القطبين: القطب الأمريكي- الإسرائيلي المباشر, والقطب المتأمرك أو المتصهين بشكل مباشر. خامساً: على أي حال وفي النهاية تلك هي ديمقراطية بوش المسمومة جربها في العراق عبر السلاح والآن يجربها في لبنان وسورية ومصر عبر الضغط والاستهداف .. عبر الفوضى, والفتن, إن الإدارة الأمريكية بعد أن عجزت عن اختراق هكذا بلاد بالقوة المسلحة خوفاً من تكرار نموذج العراق الدامي ها هي تريد تطبيق مبدأ بوش الجديد الخطير الذي أسمته كونداليزا رايس بالفوضى البناءة ,إنهم يريدون نشر الفوضى في بلادنا العربية باسم الإصلاح بهدف تفتيتها الى عدة طوائف ودويلات ومصالح متصارعة وكله باسم الإصلاح, حتى يسهل السيطرة والتحكم, إنهم يريدون نشر هذه الفوضى, لمزيد من إرباك المنطقة كلها, إن الهدف هو تفكيك المنطقة لكي يعاد تركيبها مجدداً لمصلحة ثنائي (النفط- إسرائيل) إن هذا ينبغي أن يدفع من تبقى محترماً من نخبتنا ودعاة الإصلاح في بلادنا الى ضرورة الانتباه جيداً لما يخطط لهم لأحلامهم ولمشروعهم الإصلاحي, الذي لا شك أنه في أغلبه صحيح ومشروع, ولكن أن يدافع عنه(بوش) ومارتن انديك الذي دافع قبل أيام عن حركة (كفاية) المصرية وبحرارة, وأن يتغزل بعض دعاة هذا المشروع أيضاً في حماية بوش لهم وفي دفاع سعد الدين ابراهيم عنهم.. فإن هذا ما يدفعنا الى صرخة مضادة عالية, تقول لهم ولمشروعهم(كفاية ..كفاية ديمقراطية) إذا كان بوش هو المدافع عنها, لأنها ديمقراطية سامة, فالخطر القادم منها سيطال الجميع.. سيطال الوطن ذاته, ليس معنى هذا حتى لا يزايد علينا البعض من مدعي الوطنية, الدفاع عن استبداد وهمجية وبلطجية هذه الحكومات أو تلك.. بل معناه أن صراعنا داخلياً وألا نسمح لبوش أن يتدخل, سواء من خلال النظام أو من خلال عملاء بوش في بلادنا الذين غيبوا القضية الفلسطينية والعراقية واللبنانية تماماً, باسم الانشغال بالإصلاح!! انتبهوا أيها السادة, فالأمر جلل والوطن كله على المحك, وليس الإصلاح أو الديمقراطية وحدها... فتلك للأسف رايات زائفة يتم استخدامها أمريكياً لاحتلال ما تبقى مستقلاً من بلادنا من دون دبابات, احتلال من خلال الفوضى التي هي الاسم الصحيح الآن لكلمة (إصلاح), اتنتبهوا فبوش على الأبواب ودفاعه عن الديمقراطية في مصر وفي بلادنا العربية عار ينبغي التبرؤ منه فوراً وقبل فوات الأوان!! أما من يكابر ويجادل, فمبروك عليه هذا (العار) فقط ينبغى عليه ألا يعممه على الكتلة الصامتة الواعية, المتجاوزة, من شعبنا لأنها ببساطة ترفضه ولا تريده. * كاتب ومفكر سياسي مصري E-mail: ">yafafr@hotmail.com
|