ذلك يضعنا أمام قيمة تبني رؤية اقتصادية واضحة تشمل إصلاح كل الميادين والقطاعات الاجتماعية والاقتصادية والمؤسساتية الأخرى, ولا سيما تلك التي تعتبر عصب الاقتصاد في بناه التحتية كالطاقة.. القطاع المثير للقلق مؤخراً مع الاستحقاقات الاقتصادية المقبلة.
ويرى الاقتصاديون أن الوضع الجديد يفرض على سورية اتباع سياسة الطاقة الرخيصة ووضعها تحت تصرف الاقتصاد الوطني كي يستطيع أن ينهض وينافس, في الوقت الذي نسمع من حين إلى آخر أن أسعار المشتقات النفطية تم النظر إليها على ضوء اعتبارات خاصة مفادها:
هل تخسر الحكومة من الدعم أم لا?
هل يذهب الدعم إلى مستحقيه أم لا?
ونغفل أن نجيب على السؤال الرئيسي في إطار عملية الانفتاح الاقتصادي.. هل نريد أن يعمل اقتصادنا بطاقة رخيصة أم على العكس?!
ويبدو التعامل مع الطاقة في ظل سياسة اقتصاد السوق من أبرز التحديات خصوصاً مع ضرورة تأمين استحقاقات الاتفاقيات الاقتصادية الجديدة دون أن نغفل الأزمات التي تعاني منها الطاقة.
لا مشكلة مع اقتصاد السوق
يقول وزير الكهرباء المهندس منيب صائم الدهر: لن يتأثر قطاع الطاقة في سورية باتفاق الشراكة والاتفاقيات الاقتصادية الأخرى كون وزارة الكهرباء أبرمت اتفاقية الربط الكهربائي بين المغرب العربي والمشرق العربي والجارة تركيا, هذه الاتفاقية صدقت عليها برلمانات الدول المشاركة (مصر, الأردن, سورية, العراق وتركيا).
وحالياً نفذنا القسم الخاص بالربط مع الأردن ومصر وأصبحنا شبكة كهربائية واحدة ونتبادل الطاقة على أساس اقتصادي بشكل ينسجم تماماً مع كافة الاتفاقيات الدولية في مجال التبادل الطاقي والكهربائي أي أن الموضوع ليس جديداً.
أما بالنسبة للتعاون الدولي في مجال الطاقة, فتتوافق هذه الاتفاقية مع اتفاقية الربط الأوروبي التي تجمع الدول الأوروبية كاملة في مجال الطاقة, والتبادل الكهربائي.
يضيف صائم الدهر: ليس لدينا أي مشكلة مع اقتصاد السوق, أما أن تفرض آلية الاقتصاد سياسة الطاقة الرخيصة لمواكبة التطور, فأعتقد أن زمن الطاقة الرخيصة ولى, كما أن حوامل الطاقة في نضوب مستمر.
وسورية ليست من البلاد ذات الاحتياطات الكبيرة في مشتقات الطاقة الأحفورية.. لدينا سلعة مكلفة, والأكثر من ذلك إنها سلعة نبيلة باعتبارها مصدراً وطنياً لثروة قابلة للنضوب.. ذلك يوجب الحفاظ عليها إلى أكبر قدر ممكن للأجيال القادمة, وتنظر وزارة الكهرباء إلى التكاليف الموازية العالمية أو حتى المجاورة من خلال التواصل مع مؤسسات الطاقة في العالم والاطلاع الدائم على الأسواق العالمية.
وتعتبر سورية من الدول غير المنتجة للطاقة ف¯ 95% من مجمل الاستثمارات في المنظومة السرية هي مصادر مستوردة من الخارج, وحتى المشتقات النفطية المتاحة سنحتاج في المستقبل القريب إلى استيرادها لأن النسب المحلية لن تكفي لمواجهة الزيادة على مدار السنوات المقبلة, وأعتقد أن مفهوم الطاقة الرخيصة مقبول عندما نكون ضمن مستويات المنافسة التجارية.
من أعلى النسب في العالم
وتبدو التحديات التي تواجه قطاع الطاقة في سورية ثقيلة وبحاجة إلى خطط عمل طويلة تصل تكلفتها إلى ما يقارب ال¯ /10/ مليارات دولار خلال السنوات العشرين المقبلة.
هناك قلق يعترف صائم الدهر (أبرز التحديات التي تواجهنا في سورية هو موضوع تزايد الطلب على الطاقة الذي وصل نموه السنوي إلى 9 في المئة علماً أنها من أعلى النسب في العالم, وهذا مؤشر له شقان, شق إيجابي وآخر سلبي, يبرز الشق الإيجابي في التطور التقني والتكنولوجي الذي يعتمد على الطاقة الكهربائية, فعندما يزداد الطلب على الطاقة يعني أن هناك تطوراً ومشاريع واستخداماً للطاقة, أما الجانب السلبي فيكمن في نسب الهدر الكبيرة والكفاءة المنخفضة في استخدامات الطاقة الكهربائية.
وأعتقد أن الزيادة السكانية وما يتبعها من هدر وكفاءة منخفضة واستثمارات كهربائية ستضاعف حجم المنظومة الكهربائية كل /12/ سنة لتأمين الطلب عليها, ففي عام 2003 كان مجمل توليد الطاقة بحدود 30 مليار كيلو وات ساعي ونتوقع في عام 2015 أن يصل إلى ما يزيد عن 40 مليار كيلو وات ساعي وفي العام 2020 إلى ما يزيد عن 70 مليار كيلو وات ساعي).
ويضيف وزير الكهرباء: (إن التحدي القادم هو زيادة الطلب على الطاقة وبالتالي تأمين الاستثمارات ولا بديل عن تأمين الطلب, فمهمة وزارة الكهرباء وقرار إحداثها هو تأمين الطلب على الكهرباء.
هناك سياسات تنفذ للحد من نسبة الزيادة عبر مشاريع الترشيد وإجراءات ميدانية على الأرض ومن خلال التعاون مع المستهلكين على فترات متغيرة من النهار).
كما تداركت سياسة الطاقة في سورية التوجهات الرئيسية التي يجب أن تتبعها في مواجهة التحديات حيث أعدت بالتعاون مع المفوضية الأوروبية دراسة لتنبؤ الطلب على الطاقة خلال السنوات القادمة حتى العام 2030 وحددت المشاريع الاستثمارية التي تلبي الطلب على الطاقة بمواعيد محددة ور قم استثمار محدد ما يعادل 2 مليار دولار سنوياً منها 500 مليون دولار قيمة استثمارات ومليار ونصف قيمة وقود هي مشتقات لعمل محطات التوليد التي تحتاج بدورها إلى ما يزيد عن 36% من الطلب الكلي على مصادر الطاقة الأولية, ويقدر أن تبلغ حصة محطات التوليد عام 2020 ما يزيد على 45% من الطلب الكلي عليها.
ويكشف صائم الدهر: (أن محطات اليوم لا تكفي حتى عام 2010 حيث نعمل على تنفيذ عدد من المشاريع لتوليد الطاقة على مدار الأعوام القادمة وضمن البرنامج الزمني اللازم وحسب زيادة الطلب على الطاقة).
إذاً أمام سياسة الطاقة جملة من التحديات في مواجهة الاستحقاقات الاقتصادية الجديدة, ولعل أبرزها تطوير البنى المؤسساتية وتشجيع إسهامات الاستثمارات العربية والأجنبية والتوجه نحو إقامة محطات الدارة المركبة.