الفضاء الأساسي للعمل فكرة الإغواء، فاعتمد العمل على الإخبارية والمعلومة لإيصالها للجمهور ومن ثم محاولة تصوير الحالة من خلال وجهتي نظر الشاب والفتاة على حد سواء وإن تضمن علامات ذات معنى فكري.
تضمن العمل في جزء منه توصيف الفكرة وليس معالجتها, متسماً بصيغة انقلابية لبعض المفاهيم , فمثلاً الجميع يتفق على أن الشيطان شرير يغرينا حتى نكون سيئين وأكثر قباحة بتصرفاتنا وبأفكارنا وسلوكنا , وفي ذاكرة هذا الملاك أن الشيطان في هذا العصر يتنكر لأفعال البشر , فهم أصبحوا يفوقونه دهاءً بمراحل كثيرة , حتى بات الشيطان يشكو همه ويؤكد بأن البشر غلبوه بأشواط بعيدة وما يحدث في فلسطين والعراق ودارفور وسورية وغيرها من أحداث همجية ومأساوية وتصرفات تقشعر لها الأبدان من قتل وتعذيب وتدمير لا علاقة للشيطان بها . ( شيطان بذاكرة ملاك) يستعرض الحدث الراهن ويلقي الضوء عليه بشكل شبه مباشر , وهذا واضح من خلال مشاهد العرض التي اتخذت الحديقة العامة مكاناً لأحداثها.
العمل وصل للمتلقي منذ الدقائق الأولى منه، وما بقي من وقت العرض كان محاولة لمقاربة الفكرة، من خلال تناوله العديد من المشاهد التي تحمل النفس السردي التي تستحق التوقف عندها وكان من الواضح تفاعل الجمهور في المشاهد الثنائية ذات البعد الدرامي ، العرض تطرق لأفكار غاية في الأهمية والإشارة إلى أننا أوجدنا الشيطان لنحمله أوزارنا مع أننا من نخترع الأخطاء ونلقي بها على عاتق الوساوس.
لقد أراد المخرج رفعت الهادي من العمل تقديم عرض شارع يمكن أن يقدم في أي وقت، لا يوجد فيه دراما أو شخصية من لحم ودم ضمن المفهوم التقليدي للدراما المدرسية، فهو عمل مباشر بسيط يداهمنا بواقعيته وبحدود ما يتبناه من أفكار، ونحن كمجتمع بشكل عام نتلقى الدراما كحكاية، فهي بأذهاننا تتقدم باتجاه واحد عبر صيغة انقلابية بسيطة مكونة من هذه الجزئيات، وتصنع تسلسلاً منطقياً يبدأ بالداخل وما هو ذاتي، ويخرج للدائرة الأوسع، الأسرة فالمجتمع، ثم نخرج لقضايا أكبر على مستوى العالم وما يحدث فيه، وكل فكرة تبنى على فكرة سبقتها، حتى الأداء التمثيلي لا يحتمل الواقعية بلحظاتها الجدية فكان النص أميل للعب، وهذه التجربة تصنف ضمن مسرح الشارع تماماً، فالعمل كان بسيطاً مباشراً في مقولاته، هجومياً أحياناً، يحرك أسئلة ذاتية وعامة كسؤال “الشيطان” للجمهور “من قرأ منكم كتاباً في الفترة الأخيرة ؟ وإذا كان أحدكم قد قرأ كتاباً فهل أكمله ؟ ، وإذا كان قد أكمله فهل ما زال يحتفظ بشيء منه في مخيِّلته”..
. “شيطان بذاكرة ملاك” قدم تساؤلات عدة , هواجس مختلفة عبر أداء الممثلين : فراس حاتم - حنين البعيني والفنيون : منيرة الشماس – منى الهادي.