تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في مواجهة القماشة البيضاء

الثلاثاء25-6-2013
سعد القاسم

في عام 1950 أقيم أول معرض سنوي للفن التشكيلي في سورية بمشاركة 30 فناناً كان عددهم يترجم واقع الحياة التشكيلية يومذاك،

حيث كان الفن التشكيلي بمفهومه الجديد لايزال حديث العهد في بلادنا، ويقتصر الاهتمام به على شريحة صغيرة من المثقفين المتنورين. غير أن اللافت للنظر في ذلك المعرض الرسمي الأول وجود فنانة بين المشاركين وهو أمر لا يجب النظر إليه من زاوية الأرقام الحسابية والنسبة والتناسب، وإنما من زاوية دلالة تلك المشاركة في ذلك الوقت، خاصة وأنها لم تكن مشاركة طارئة أو عابرة. ففي السنوات التالية تنامى عدد الفنانات المشاركات في المعرض السنوي وحصلت بعضهن على جوائزه، وما لبث أن صار للفنانات حضور دائم وفاعل في هذا المعرض وفي الحياة التشكيلية بشكل عام..‏

اليوم أصبح عدد الفنانات السوريات أضعاف ما كان عليه في مطالع الخمسينات. لكن حضورهن لايكتسب أهميته من تلك الزيادة الرقمية الملحوظة، وإنما من حقيقة أن الفنانة التشكيلية السورية تمثل وبجدارة جزءاً أصيلاً وفاعلاً ومؤثراً في الحياة التشكيلية بأبعادها جميعاً، بحيث لايعود ممكناً ولا صحيحاً الحديث عن فن تشكيلي نسوي بنظرة تضعه في درجة أقل مما ينجزه التشكيليون الرجال. فإذا احتاج التصنيف الدراسي أو البحثي الحديث عن تجارب التشكيليات وحدهن، فإن ذلك سيعني بالضرورة الحديث عن تجارب تمثل كل سويات الفن التشكيلي في سورية بما في ذلك - دون أدنى شك - سوياته المرتفعة المتألقة.‏

أهمية حضور المرأة في المشهد التشكيلي السوري سبق أن ذكرته خلال مقالة في ملحق الثورة الثقافي بتاريخ 31 آذار 1999 تحت عنوان (هل هناك فن تشكيلي نسائي ؟ ) وقد تكوّن هذا الرأي نتيجة متابعة عدد هام من التجارب البالغة الأهمية للفنانات السوريات والتي لايمكن أن يكتمل الحديث عن الفن التشكيلي السوري فيما إذا تم تجاهلها لسبب أو أخر، بما في ذلك المحاولات البريئة لفصل (الفن التشكيلي النسوي) عن الصورة البانورامية للفن التشكيلي السوري وتطوره التاريخي . ذلك أن الحديث عن فن نسوي غالباً ما عنى وضع ذلك الفن النسوي في مرتبة أدنى من فن الرجال، فيما الواقع لايشير الى تميز ذكوري وتراجع نسوي ,وانما يكشف عن تجارب متقدمة وأخرى متواضعة أصحابها فنانون وفنانات على حد سواء . واذا كنا نفتقد مبررات الحديث هنا عن التجارب التشكيلية المتواضعة فإن التجارب المتميزة والهامة للتشكيليات السوريات تقف في الصف ذاته مع التجارب الهامة والمتميزة لزملائهم التشكيليين ولاتختلف عنها في طليعيتها أو سويتها الإبداعية أو توجهاتها ومواضيعها مما يفقد الحديث عن فن نسوي معناه . بل ينفي كليا مبرر وجود هذا التعبير .فعلى أي أساس - مثلاً- يمكن اعتبار فن ليلى نصير فناً نسوياً ؟ وهل يمكن لمن يشاهد لوحاتها دون أن يعرف من رسمها أن يكتشف أنها من ابداع فنانة أنثى؟‏

هناك خصوصية شخصية في التجارب الفنية المتقدمة. لاخصوصية أنثوية .كما هو الحال - على سبيل المثال لا الحصر _ في لوحات ليلى نصير وأسماء فيومي ولجينه الأصيل وسوسن جلال وأنصاف الشوا وهالة الفيصل وخلود سباعي وسوسن الزعبي وجمانة جبر وريما سلمون وبتول ماوردي وساره شما. وفي خزفيات ضحى القدسي وأميلي فرح وآمال مريود ومنحوتات صفاء الست وسواهن من المصورات والحفارات والنحاتات والخزافات..هي خصوصية تماثل خصوصية التجارب المتقدمة للفنانين الذكور . .‏

وتمثل جزءا أصيلا من مشهد تشكيلي يحفل بأسماء أنثوية كثيرة لايعني حضورها العددي شيئاً قياساً الى أهمية حضورها الإبداعي.‏

www.facebook.com/saad.alkassem

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية