السياسية الإقصائية التي اتخذها حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان وقمع الحركة الاحتجاجية دفع تركيا سنوات ضوئية بعيداً عن أوروبا حيث وصلت علاقات تركيا مع دول الاتحاد الأوروبي بعد الأحداث الأخيرة إلى مرحلة عصيبة وأصبحت على وشك انتهاء الصلاحية.
مصادر في «الاوروبي» أعلنت ان الاتحاد على وشك الغاء جولة جديدة من محادثات انضمام تركيا اليه في خطوة ستقوض بشكل اكبر آمال انقرة الضعيفة اصلا في الانضمام للاتحاد قريبا وستلحق الضرر بعلاقاتها معه.
ونقلت رويترز عن المصادر قولها أمس ان المانيا اكبر قوة اقتصادية في الاتحاد الاوروبي تعرقل جهود استئناف محاولة تركيا الانضمام للاتحاد، وذلك إلى حد ما بسبب اسلوب معالجتها للاحتجاجات المناهضة للحكومة التي شهدتها تركيا خلال الاسابيع القليلة الماضية.
واضافت المصادر ان هولندا أيضاً أبدت تحفظات على خطة الاتحاد لبدء محادثات مع تركيا الاربعاء المقبل بشأن بدء فصل جديد.
وكان من المقرر ان يناقش سفراء الاتحاد الاوروبي لآخر مرة خطة بدء محادثات مع تركيا حول هذا الموضوع.
يشار إلى ان العلاقات توترت في الاونة الاخيرة بين أنقرة وألمانيا حيث وجهت المستشارة الالمانية انتقادات شديدة اللهجة لسياسة حكومة أردوغان في قمع المتظاهرين المناهضين لها كما ان وزير الخارجية الالماني غيدو فيسترفيله استدعى السفير التركي لدى برلين احتجاجا على تصريحات مسؤولين أتراك تنتقد موقف المانيا من مسالة مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي.
وتواصل السلطات التركية قمع مظاهرات حاشدة تطالب باسقاط رجب طيب اردوغان وحكومته التسلطية بدأت قبل نحو شهر في ميدان تقسيم باسطنبول وسرعان ما اتسعت لتشمل معظم المدن التركية.
ورفع رئيس حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا رجب طيب اردوغان نبرة التحدي ضد شعبه وضد الانتقادات العالمية الواسعة التي وجهت للشرطة بسبب العنف الذي استخدمته لدى قمعها المتظاهرين في الشوارع متفاخرا بما سماها ملاحم قامت بها الشرطة.
وأثار اردوغان سخرية وسائل الاعلام والمسؤولين السياسيين على السواء وهو يقول ان قوات الشرطة اجتازت بنجاح امتحان الديمقراطية وهو ما لم يكن على ما يبدو واضحا لكل دول العالم التي وجهت انتقادات لاذعة لتعامل الشرطة التركية مع المتظاهرين في شوارع تركيا ودخلت مع اردوغان في سجال سياسي واضح تصدرته المانيا والاتحاد الاوروبي اللذين انتقدا قمع الشرطة في تركيا للمتظاهرين.
وزعم اردوغان ان الشرطة التركية وقعت ضحية لاطلاق النار وانها كانت ترد بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه وانها تحركت بأكبر قدر من ضبط النفس والهدوء.
** ** **
«الشروق» التونسية: الحراك الشعبي في تركيا يهدد عرش «أردوغان»
انتقد الكاتب التونسي عبد الحميد الرياحي بشدة وصف أردوغان المتظاهرين الاتراك الغاضبين من سياساته والرافضين لخطوات أسلمة الدولة بالمتآمرين والدمى التي تحركها أياد خارجية تكيد لتركيا.
وقال الرياحي رئيس تحرير صحيفة الشروق التونسية في مقال نشر أمس مع أن في الأمر ازدراء واضحا بشق واسع من الشعب التركي وضحكا على الذقون فانه يكشف عن ضيق رئيس الوزراء التركي من هذا الحراك الذي بات فعلا يهدد عرش السلطان.
وتابع الرياحي يكشف هذا الحراك وطريقة تعامل أردوغان معه عن أن تركيا التي تخيلت أنها ودعت العالم الثالث إلى غير رجعة وبات يغمرها اندفاع جامح لمحاولة الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي هي في واقع الأمر دولة تمارس الاساليب القمعية في مواجهة المظاهرات ولا تتردد في الاستنجاد بأسخف الترهات لتضليل الرأي العام التركي والعالمي واظهار غضب شق واسع من الشعب التركي على أنه تواطؤ مع جهات أجنبية تنفيذا لمؤامرة تستهدف نجاحات تركيا المزعومة.
وأضاف الرياحي ساخرا يبدو أن أردوغان اكتسب خبرة في هذا الباب من تورطه في الازمة في سورية ومن ضلوعه المباشر في المؤامرة الحقيقية التي تستهدف سورية الدولة الممانعة وآخر قلاع العروبة التي رفضت الخضوع للطواغيت الاقليمية والدولية.
وأشار الرياحي إلى الدور التركي الشبيه بما قامت به في حرب حلف شمال الاطلسي الناتو على ليبيا حيث فتحت أبواب الجحيم على الشعب السوري وجعلت حدودها ومعسكراتها معبرا لتمرير أدوات القتل والتدمير خدمة لمؤامرة لم تعد تفاصيلها تخفى على أحد وآخرها الاجتماع الاخير لما يسمى «أصدقاء سورية» في الدوحة والذي قرر ضخ المزيد من أدوات التخريب والتدمير والتقتيل والذي ستكون الحدود التركية مع سورية كالعادة البوابة التي يتسلل منها الخراب إلى سورية.
وتساءل الرياحي أين أردوغان الضالع في هذه المؤامرة التي يدرك أنها باتت تستهدف تدمير الدولة السورية والتمهيد لتقسيمها لاخراجها نهائيا من معادلات وحسابات المنطقة؟ أين هو من حراك شرعي ومشروع تشهده مدن تركية ويقوم به مواطنون ومواطنات أتراك طلبا للحرية ورفضا لأسلمة الدولة وللاستبداد؟.
وأكد الرياحي في ختام مقاله أن هذه السؤال سيظل يقض مضجع أردوغان الذي بدأ رحلة سقوطه منذ انخراطه في مؤامرة من أجل اسقاط الدولة السورية.