وذاك سائق التكسي أبو عدنان يحضر نفسه لعداد ونصف وربما زاد خلال أيام عيد الفطر السعيد بحجة أنه ترك أهله وعياله ونزل ليعمل في عطلة العيد من حق ألا يستحق من أجل ذلك أجر -المناوبة- ثم ومن سيدفع عيدية الشرطي إن لم يعمل أبو عدنان وأمثاله بعداد ونصف خلال أيام الأعياد.
وأما الخضري أبو أسعد فقد ضرب بتسعيرة التموين عرض الحائط وأعلن تسعيرته الخاصة (فوق العادة) في العيد فأسعار التموين على حد قوله لاتغني ولاتسمن من جوع ومن حقه الانعتاق خلال تلك الأيام الاستثنائية من قيود البلاغات والتعميمات وإلا فكيف سيتاح له إغلاق ضبوط التموين في العيد .
في حين أخذ يتفنن أبو ناصر وهو صاحب محل معروف لألبسة الأطفال في الاحتيال على من جاؤوا يشترون بسمة أطفالهم فاتفق مع تجار الجملة ألا يوردوا له بضاعتهم الجديدة الآن لأنه بيت العزيمة على نشر -الكاسدة- من العام الماضي وبأسعار هذا العام ليكسب ضعفين أو أكثر مما يرزقون.
حتى أراجيح الأولاد وألعابهم لم تسلم هذا العيد من مخالف راح ينصبها في الأماكن المخالفة بالمساكن الشعبية لأنه باختصار أراد -التعيش- على عيديات الصغار وحلال على الشاطر أم أنكم تريدونه أن يبقى عاطلا عن العمل والسوق -كالبحر- يتغذى فيه السمك الكبير على الصغير والسؤال الذي يبقى:
لماذا تشيع ثقافة المخالفات في الأعياد?!..
هل لأن الناس مضطرون, ومن اضطر غير باغ لا تأثيم عليه ولا تثريب.
أم لأن العيد بمنظورهم -خروج عن المألوف- وفرصة استثنائية لجمع الغلال والاحتكار بلا حسيب أو رقيب..
أم أنهم يعتقدون أنهم سيذهبون بشفاعة العيد ذلك الضيف الذي يحل بينهم مرة بعد سفر سنة ومن كرم الضيافة أن يحتفي به الجميع ويستقبلونه ولكن كل على طريقته حتى ولو خلف عند البعض حسرة وغصة ..