|
حين يفرض الغرب القانون الدولي على إسرائيل شؤون سياسية وظهور الكيانات العملاقة في القارتين الآسيوية والأميركية، وتغيبها عن عملية السلام في الشرق الأوسط، وإخفاقها في وضع نظام دفاعي مشترك، ثمة مؤشرات تظهر على شكل سلوك أوروبي جديد تجاه إسرائيل ، يتم فيها إعمال القانون أكثر من السياسية، ومنها: إعلان بنك سويدي سحب استثماراته من شركات إسرائيلية وهي «إفريقية- إسرائيل» و«البيط» معتبراً أن الاستثمار في الشركتين مخالف للقانون الدولي بسبب نشاطهما في الأراضي الفلسطينية المحتلة. والبنك هو «دنسكانبك» السويدي. القرار الذي اتخذته محكمة العدل الأوروبية الذي قضى بأن المنتجات الخارجة من الأراضي الفلسطينية ، لا يجوز تصديرها إلا من قبل الفلسطينيين. الحملة الأوروبية- الدولية على منشأة أغريسكو الإسرائيلية التي تصدر الخضار والفواكة والزهور، على خلفية جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل وجاءت بعنوان: (مقاطعة، وقف الاستثمارات، وعقوبات) لتقول «لا لخروقات إسرائيل للقانون الدولي، حيث تقوم بتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني وطرده من أرضه وسجنه وتجويعه وقصفه». تراجع الاتحاد الأوروبي عن خطة رفع مستوى العلاقات مع إسرائيل، حيث أعلن في اجتماع مجلس الشراكة في 23 آذار و رداً على الخطط الاستيطانية الأخيرة، وكذلك خطوات إسرائيل ببيع أراض في الجولان وفي القدس. بحث أوروبا عن مشروع تعاون شامل مع دول المنطقة، حسبما أكدت جولة مفوضة الشؤون الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون في الشرق الأوسط مع إدانة واضحة للتصرفات الإسرائيلية على خلفية ضرورة وضع حد لمحاولات إسرائيل تخريب الجهود السلمية وربط الضغوط الاقتصادية على إسرائيل ورفعها باستئناف المفاوضات. وثمة من يقول إن المشروع الصهيوني يسير نحو الهاوية لكونه قد يخسر شريكاً دولياً هو أوروبا. طرد بريطانيا لمسؤول الموساد في السفارة الإسرائيلية في لندن على خلفية اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح، ويظل هذا الإجراء رمزياً، لأن تبعة الجريمة تقع على المحرض عليها في إسرائيل ولاسيما بنيامين نتنياهو. ترى أوروبا أن السلام سيدفع عملية الشراكة المتوسطية وتفعيل الاتفاقات الموقعة مع دول منها سورية وتركيا، ما سيؤدي إلى تسهيل التبادل ورفع الرسوم الجمركية، وعلى العكس فإن تصاعد عقدة «مسعدة»، (massada) أو الوعود الإلهية في الخطاب الإسرائيلي فهي ستؤدي إلى العنف والتطرف وهدم الجهود السلمية. بدأ الإعلام الغربي الحديث عن انسجام لقرار المحكمة الأوروبية بصدد التصدير من الأراضي الفلسطينية المحتلة مع القانون الدولي العام الذي لا يعتد إلا بحدود 1967، ابتداء من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ورأي محكمة العدل العليا لعام 2004 والعودة إلى توصيف الأراضي الواقعة تحت الاحتلال بحسب لوائح لاهاي لعام 1907 ولاسيما المادة 42 منها، التي نصت على أن الأرض تعد محتلة عندما تكون واقعة فعلياً تحت سلطة جيش معاد. أما بالنسبة للولايات المتحدة التي تشعر بأن إسرائيل تبتزها بحسب معهد أبحاث الأمن القومي، على خلفية البرنامج النووي الإيراني وصعود قوى المقاومة العربية، والتي شعرت بالإهانة بعد إطلاق عمليات الاستيطان وتعطيل المفاوضات غير المباشرة الإسرائيلية-الفلسطينية من قبل حكومة نتنياهو، فيبدو أن الطمأنات الأميركية لإسرائيل «الحليف الاستراتيجي» لابد من أن تكون عاجلة وهذا ما تبدّى عندما أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن أميركا وإسرائيل بينهما رباط وثيق لاتنفصم عراه. وتبدّى ذلك في مؤتمر لجنة العلاقات الإسرائيلية الأميركي «إيباك». وتعد مصادر عديدة أن تعكر صفو الأجواء بين تل أبيب وواشنطن محض تضليل، لكون كل الحروب الإسرائيلية كانت أساساً أميركية الدافع، صهيونية الدور والوظيفة. ولكن ثمة اتجاهات أميركية تدفع باتجاه تقليص دور هذا الحليف، ومع أن محللين يرون ضرورة الرجوع إلى تقرير ريتشارد فولك، فإن آخرين يعتبرون أن واشنطن لن تسمح بقرار يندد بإسرائيل وأنها لن توافق على تمرير تقرير غولد ستون في مجلس الأمن. وسفير إسرائيل في واشنطن، مايكل أورين، يقول إن الخلاف مع الولايات المتحدة تحت السيطرة. ولكن ما مؤشر تقرير الجنرال ديفيد بترايوس عندما أعلن أن سياسات الحكومة الاسرائيلية ومحاباة الولايات المتحدة لها يؤديان إلى إذكاء المشاعر المعادية لأميركا وتهديد حياة الجنود الأميركيين في العراق وأفغانستان؟
|