فالرئيس الأمريكي باراك أوباما خيب خلال عامه الأول في الرئاسة ظن وآمال الجميع، عندما وضعوا كل أمانيهم في سلة رئيس أمريكي ليس الأول وإنما يحمل الرقم الرابع والأربعين هم المعروف عنهم عدم الالتزام إذا ما تعلقت المواضيع بالشأن العربي والإسلامي وحتى الإنساني، فها هو أوباما ينقض كل الوعود والتي تعهد بها عندما خاض حملته الرئاسية التي حملت شعار التغيير والذي كان يعني به التغيير الداخلي والخارجي.
ساعة الحقيقة التي دقت بالنسبة للرئيس الأمريكي أوباما أرغمته على إعادة النظر في كل الكلام الذي تغنى به طويلاً وأوهم به العالم بأنه رجل مختلف عن كل من سبقوه في هذا الميدان، فمن التبرؤ من معتقل غوانتنامو إلى سحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان مروراً بقضية الشرق الأوسط (فلسطين والأراضي العربية المحتلة) ورغبته في السلام العادل بين جميع الأطراف وإنهاء كل المشكلات الدولية العالقة.
كان أوباما ينتقل بخياله مصطحباً معه كل الحلفاء والفرقاء على السواء عندما استبشر البعض بتلك السياسات وشكك البعض الآخر فيها.
إن تعقد الحسابات الأمريكية التي لا يمكنها بين يوم وليلة أن تحل كل تلك العقد وتطوي هذا الكم من الصفحات من أجل عيون رئيس ربما أخذه الخيال إلى أبعد من الحدود المسموح بها.
لقد وعد الرئيس أوباما عند ترشيحه للرئاسة والذي نادراً ما شد شخص انتباه العالم ومنح للبشرية الأمل بغد أفضل أنه سيغلق المعتقلات وسيجد حلاً للقضية الفلسطينية وسيغير مسار البيت الأبيض بإقامة الحوار مع الآخر بدل شن الحروب وسيحدث ثورة في السياسة الخارجية تعتمد على المحبة والتسامح بين الشعوب، لكن الرئيس أوقع الآخرين في الحيرة والإحباط عندما لم يحقق شيئاً مما وعد به الناخب الأمريكي والعالم، فلا هو أغلق سجن غوانتنامو ولا أوجد حلاً للقضية الفلسطينية ولا أوقف الحرب في العراق وأفغانستان، بل ترك عصابات المحافظين الجدد واللوبي الصهيوني يتحكمان في قراراته ولا يسمحان له بأن يكون خارج منطقه وخارج سياسته لأن المحصلة النهائية إن أمريكا محتلة من قبل اللوبي الصهيوني واليمين اليهودي المتطرف وهم وحدهم أصحاب القوة والقرار علىالرغم من وجود الرئيس على رأس السلطة، أي بمعنى آخر، إن أوباما وجد نفسه وحيداً أمام سياسة أمريكية مكتملة التخطيط لا مجال للتراجع عنها أو خرقها لأنها تقوم في الأساس على استراتيجية خاصة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمصالح شخصية.
تصرف أوباما هذا برهن على حقيقة حاول البعض تجاهلها أو ربما راهن على تغيرها، وهي إن السياسة الأمريكية سياسة موحدة لا تهتم كثيراً بالأسماء ولا بالأحزاب وإنما تقوم على مصلحة عليا أسس لها الرؤساء الأوائل وأنه لا شيء يعلو على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية حتى وإن تعارضت مع كل القوانين وكل المبادئ التي تزخر بها دساتير الجمعيات والمؤسسات الحقوقية والإنسانية المنتشرة في العالم، فعلى كل من يهمه الأمر أن يصحو من حلمه ويعيد حساباته التي يجب أن تقوم على شيء واحد لا ثاني له، وهو أن الأمن الإسرائيلي من أمن الولايات المتحدة وهو ما صرح به أقطاب إدارة أوباما أمام منظمة الإيباك في مؤتمرها السنوي الحالي، فقرروا أن يكون هذا الأمن المزعوم جزءاً من أمن الولايات المتحدة في توءمة فريدة في التاريخ.
غاب عام وجاء عام آخر على حكم أوباما الذي أشاع في خطابه بعد تسلمه السلطة جواً من الثقة، ودعا إلى الانفتاح والحوار مع الخصوم قبل الحلفاء دون أن نسمع من الرئيس الحالم بالشهرة كلمة حق في جرائم إسرائيل وحصارها واحتلالها، بل ما زالت الرعاية الأمريكية للعدوان قائمة على جميع المستويات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية حتى وصلت الوقاحة بالعدو الصهيوني إلى ارتكاب المجازر، وإبادة الشعب الفلسطيني في غزة دون أن يتحرك ضمير أحد في الولايات المتحدة ضد الهمجية الإسرائيلية ودون أن نسمع قرار الإدانة من مجلس الأمن لأن أمريكا بالمرصاد لكل قرار يدين الإرهاب الصهيوني.
* صحفي عراقي