هذا ما قاله المحلل السياسي الإسرائيلي «شالومو أهرنسون» لصحيفة دافار الإسرائيلية في 5/5/1995 بينما كان الكاتب الإسرائيلي «إسرائيل شاحاك» قد أكد في كتابه الأسرار العلنية «إن المحور الرئيسي للسياسات الإسرائيلية قائم على إبقاء إسرائيل القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط ما يفتح أمامها باب الهيمنة على هذه المنطقة» ويضيف شاحاك:
«إن إسرائيل لن تلتزم بمعاهدات نزع السلاح النووي وذلك لتنفرد كقوة مسيطرة بين أطراف غير متكافئة القوة وبالتالي تكون هي الجهة الوحيدة في الشرق الأوسط القادرة على شن ضربة نووية ولعل ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون ذات يوم خير دليل على ذلك: «قد يكون لدى العرب النفط ولكننا نملك أعواد الثقاب».
وتشير التوقعات المتعلقة بترسانة إسرائيل النووية إلى امتلاك إسرائيل بين 200 قنبلة كحد أدنى و 500 كحد أقصى والركن الأساسي في ترسانة إسرائيل النووية هو القنابل النيوترونية وهي قنابل نووية مصغرة مصممة لتنشر الإشعاع بحيث يقتل الأفراد دون أن يؤثر في سلامة الأبنية وتتضمن كذلك صواريخ باليستية وقاذفات وصواريخ كروز وألغاماً وقذائف مدفعية.
ففي عام 1973 امتلك كيان الاحتلال نحو 20 صاروخاً نووياً وطور ما يعرف بالقنبلة الحقيبة وفي العام التالي أقام ثلاث وحدات مدفعية نووية تحوي كل منها 12 فوهة من عيار 175مم و 230 مم، وفي عام 1984 امتلك 31 قنبلة بلوتونيوم، وفي عام 1994 صنع ما بين 64 إلى 112 قنبلة برأس حربي صغير والجدير ذكره أن إسرائيل تعمل على تطوير أسلحة نووية ذات تأثيرات إشعاعية محدودة لاستعمالها فقط ضد الدول المجاورة حتى تنحصر أضرارها على مسرح العمليات المرغوب به ولا تمتد آثارها إلى إسرائيل تحت أي حال من الأحوال الأمر الذي أشار إليه «أمي زيف» مسؤول العمليات بوكالة ما يسمى الطاقة الذرية الإسرائيلية عام 1997، وفي الوقت ذاته يمتلك كيان الاحتلال ترسانة كاملة من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية ويشار إلى أن إسرائيل تستخدم بحوثاً حصلت عليها من جنوب إفريقيا (الأباراتيد) لتطوير قنبلة عرقية لا تهاجم إلا أولئك الذين يحملون المورثات العربية وفق ما ذكرته صحيفة الصنداي تايمز عام 1980.
ويؤكد مراقبون أن لدى إسرائيل سبع منشآت نووية هي -موقع ديمونه ويقع بصحراء النقب ويحتوي على مفاعل نووي ومصنع لإعادة معالجة البلوتونيوم- موقع سوريك ويطلق عليه اسم لوس الآموس الإسرائيلي وهو يضم مفاعلاً ومنشآت للأبحاث النووية- موقع بالميكيم للتجارب وهو مخصص لإجراء تجارب على الصواريخ النووية- موقع يوديفات ويستخدم في تجميع وتفكيك الأسلحة النووية الإسرائيلية- موقع عيلبون ويستخدم لتخزين الأسلحة النووية التكتيكية- موقع بير يعقوب حيث يتم تصنيع صواريخ أريحا-2 النووية- كفار زكريا والذي تعتبره إسرائيل المحور الرئيسي لنظام ما يسمى الردع النووي الإسرائيلي، كما تخطط إسرائيل لبناء مفاعل جديد حالياً وبحسب الدكتور «ثيودور تايلور» أحد أشهر الخبراء النوويين في العالم فإن إسرائيل قادرة على إنتاج عشرة أسلحة نووية في العام الواحد.
وبالرغم من امتلاك إسرائيل لهذه الترسانة النووية الهائلة والتي تعتبر الثالثة عالمياً بعد الولايات المتحدة الأميركية وروسيا بحسب مصادر مطلعة (بينما ترى مصادر أخرى أنها تحتل المرتبة الخامسة) إلا أنها امتنعت عن توقيع معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية كما أنها لم توافق على المعاهدة المتعلقة بحظر التجارب النووية في الجو والفضاء الخارجي وتحت سطح الماء.
ويرى محللون أن ما شجع إسرائيل على ذلك الإدارات الأميركية المتعاقبة التي أشارت غير مرة إلى تفهم الولايات المتحدة لامتلاك كيان الاحتلال أسلحة غير تقليدية وبالتالي عمدت واشنطن إلى تقديم جميع أشكال الدعم المباشر وغير المباشر لإسرائيل والواقع يؤكد أن هذا الدعم (الذي قدره الباحثان الأميركيان جون ميرزهايمر وستيفن والت بنحو 140 بليوناً منذ الحرب العالمية الثانية) شكل الرافد الأساسي للترسانة العسكرية الإسرائيلية وفي مقدمتها النووية.
والمفارقة في الأمر أنه في الوقت الذي تمارس فيه الولايات المتحدة والغرب أقصى الضغوط السياسية والدبلوماسية على إيران لإجبارها على وقف أنشطة تخصيب اليورانيوم في مفاعلاتها النووية الخاضعة أصلاً للتفتيش الدولي وتحاول استغلال مجلس الأمن الدولي لذات الغرض تلوذ واشنطن والدول الكبرى بالصمت المطبق إزاء الترسانة النووية لإسرائيل التي تشكل تهديداً جدياً وخطيراً لمنطقة الشرق الأوسط وشعوبها. لا بل إن الولايات المتحدة وقعت مع إسرائيل عام 2009 اتفاقاً يتيح لما يعرف بالوكالة النووية الإسرائيلية الاطلاع على معظم التكنولوجيا الأكثر تطوراً في الولايات المتحدة في مجال الأسلحة النووية وهو ما أكده «يوسي ميلمان» محرر الشؤون الاستراتيجية في صحيفة هآرتس.
قرارات عديدة صدرت عن الأمم المتحدة بغية الحد من انتشار الأسلحة النووية وإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، ولكن كلها بقيت مجرد حبر على ورق حيث ضربت إسرائيل بها عرض الحائط في وقت لم تكن فيه على الإطلاق إرادة دولية جادة للضغط على إسرائيل لفتح منشآتها أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية كخطوة أولى باتجاه تفكيك برنامجها النووي وعلى سبيل المثال القرار رقم (3263) بتاريخ 9/12/1974 والصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يدعو كافة الأطراف المعنية في منطقة الشرق الأوسط إلى الإعلان عن عزمها على الامتناع بأساس متبادل عن إنتاج أو حيازة أسلحة نووية أيضاً، في عام 1991 أكد مجلس الأمن الدولي بالقرار رقم 687 المادة 14 على «هدف إنشاء منطقة في الشرق الأوسط خالية من أسلحة التدمير الشامل وجميع قذائف إيصالها ومع ذلك واصلت إسرائيل تمردها على القرارات الدولية غير آبهة برغبة المجتمع الإنساني وشعوب المنطقة الأمر الذي يضع مصداقية كلّ من الدول الكبرى والوكالة الذرية على المحك.
Reemsaleh81@gmail.com