تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أقدم الفنون السيرك ... موهبة وعراقة تاريخية

مجتمع
الثلاثاء 30-3-2010م
تماضر ابراهيم

يعتبر السيرك مرآة لثقافة مكثفة وخليط من المواهب الفنية الدولية من التاريخ ومن الذين تجاوزوا السن والبلد والوقت وهذه ميزة يتفرد بها السيرك

إضافة لتحليه بالطابع العالمي فهو عندما يحكي الحكايات تمتزج اللغات والثقافات وتتبلور في أعداد متزايدة من نساء ورجال بمفهوم فني واحد .. لذلك يعتبر فن السيرك حاملاً لرسالة تثقيفية حضارية وانسانية وتنويرية ويعد من النشاطات الثقافية التي تهتم بهاوزارات الثقافة في معظم بلدان العالم على اعتبار ان درس الترفيه الثقافي الأول يبدأ من السيرك ثم المسرح فالسينما...‏

من هنا بادرت وزارة السياحة إلى دعوة السيرك القومي الإيطالي إلى سورية لتكون أولى محطات جولته على دول جنوبي البحر الأبيض المتوسط ....‏

حيث حط السيرك القومي الإيطالي رحاله في مدينة المعرض القديمة على مساحة 5000م2 بعد أن قدم عروضه في محافظات سورية عدة مثل حلب وحمص واللاذقية ويضم السيرك اكثر من سبعين شخصاً بين لاعب وفني وإداري من جنسيات مختلفة ويقدم عروضاً متنوعة لمهرجين ولاعبي خفة ومروضي حيوانات وبهلوانيين ودراجين وذلك في خيمة تتسع لألف وخمسمائة شخص وهو يعتبر أقدم سيرك في ايطاليا أسسته عائلة توني 1879م وتم اعتباره سيركاً قومياً منذ عام 1950م .‏

يديره الأخوان ماكس وستيف توني وينتقل حول العالم بـ 32 عربة قدم عروضاً مختلفة في كثير من البلدان مثل فرنسا - النمسا - ايران- الجزائر- وآخرها كان في تركيا ومنها دخل الى سورية وكان لوزارة السياحة لفتة مميزة باستضافته كنشاط سياحي محبب للكبار والصغار ويخدم أهدافاً سياحية مختلفة.‏

أما عروض السيرك فهي شيقة وممتعة تتميز بمستوى احترافي عالمي وهذا سبب في استمرار الأداء المتقن للعاملين الذي استقطب الجمهور السوري بلهفة وتفاعل كبير حتى انه ضاعف فترات العرض اليومي لشدة الاقبال، ومع ذلك لم يؤثر على أداء الفريق في هذا السيرك العريق الذي يتجاوز عمره 130 عاماً.‏

السيرك فن وتاريخ‏

معظم حركات السيرك محفوفة بالمخاطر ويجازف العاملون فيه بحياتهم عند كل عرض، ثم ان عملية نقل السيرك ليست بالمهمة السهلة فهي تحتاج الى مجهود كبير خاصة فيما يتعلق بنقل المعدات الثقيلة واقفاص الحيوانات وغيرها، إضافة إلى عملية البناء الضخمة، اسئلة جعلتني ابحث في تاريخ فن السيرك الذي يعود إلى آلاف السنين حيث كانت العروض الشبيهة بحفلات السيرك تقام على هياكل دائرية أو بيضوية في مساحات كبيرة ويتضمن ايضاً عرضاً مسرحياً يسمى المشهد ... وفي عام 1768م نشأ السيرك الحديث في انكلترا ( آستلي )وقد اكتسب عدداً كبيراً من نجوم السيرك شهرة عالمية ، أما العصر الذهبي للسيرك فقد بدأ عام 1870 م وكان سيرك (بارنم) الذي يعتبر أحد اكبر فرق السيرك في امريكا.‏

وأما في العالم العربي فقد ظهر سيرك عائلة عاكف عام 1912م ثم سيرك عائلة الحلو في مصر .‏

وقد جرت العادة ان تقام عروض السيرك في خيام واسعة من قماش القنب أو في حلبات مغطاة ضخمة وتسافر معظم فرق السيرك على الطريق البرية مقدمة عروضها لعدة أيام في أماكن مختلفة .‏

يسكن معظم اللاعبين والعمال في بيوت متنقلة على عجلات ويكون بينهم الحداد والحلاق والطبيب ووحدة اسعاف اولية.‏

من خلف الجدار‏

من اللافت تلك القدرة التعبيرية والثقافية لفن السيرك الذي يختزل القضايا ، ويعبر عنها بتحوله إلى فن جسدي ليتحدث بشكل مختلف عن المقاومة والاحتلال .‏

فقد عملت مدرسة سيرك فلسطين التي تأسست عام 2006م كمؤسسة غير حكومية على تعليم وعرض فنون السيرك وتعزيز حضور هذا الفن بين شباب وأطفال فلسطين وفي أحد عروضها تحدثت عما هو جديد بطريقة مسلية وغير مستهلكة عندما عرضت فكرة « سيرك من خلف الجدار» التي استمدتها من الحياة الواقعية للفلسطينيين المهجرين من أراضيهم ومايحملونه من ذكريات، ومعاناتهم في وجود الجدار الذي يفصل بين شقيقين أو قريبين .‏

وفي النهاية بدا الأمر أن الجدار لم ولن يمنعهم من العيش والتواصل والحركة والحلم والدفاع عن ارضنا التي نريدها حرة مستقلة ماجعل العمل يعكس الاعتقاد القومي بأن الجدار حتماً سينهار .‏

هنا يعبر السيرك كفن عن قصص واقعية وهو كمساحة آمنة وصحية يقدم للراغبين في المغامرة الدخول في دائرة من الخطورة المؤمنة وهذا يلبي احتياجات ملحة لدى الطفل الفلسطيني مثلاً الذي يعد في أمس الحاجة إلى تفريغ الطاقة الكامنة في داخله وتحويلها إلى طاقة ايجابية يخرج عنها أعمالاً فنية غاية في الأهمية هي عبارة عن لوحات معاشة تم توجيهها بطريقة مختلفة دمجت بين السيرك والمسرح والرقص وحركة الجسد وغيره...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية